يحتار الإنسان في فهم دوافع الكراهية التي يتعامل بها بعض المثقفين العرب وبالذات في شمال أفريقيا مع الفئة الخليجية وبالذات السعودي من خلال بعض أعمالهم الأدبية.. لا أعتقد أنه سبق أن سُجل لأي خليجي - إلا ما ندر - قيامه بعمليات احتيال ونصب في عواصم عربية أو أوروبية حتى يدعي الوجاهة بما ليس يملك. من يفعلون ذلك معروفون، وليست المملكة دولة سياحية يقصدها الناس للمتعة التي هي في أوروبا مناظر طبيعية وأنهار وبحيرات وأسواق ومعارض فنون ومسرح وسينما ثم تأتي الدعارة في المرتبة الأخيرة، بينما نجد الدعارة جاذباً أول للسياحة في بعض الدول العربية ولم يؤسسها السائح الخليجي أو السعودي ،لكنها موجودة من قبل، ومنتشرة في أوروبا.. كل أوروبا.. تنصب شباكها لهذا السائح الغني ومع ذلك لم تعالَج أوضاعها المشينة والمخجلة في أعمال أدبية، أو تعالَج أسباب نزوحها بعد أن فاض بها الداخل المحلي.. هل الغنى عار؟.. إن السائح الياباني هو أكثر المنتشرين في دول العالم قصداً لأندية القمار، وهو شهريار الشرق الأقصى حيث في كل مدينة هناك له عشيقة، والعربي من أي دولة لا يستطيع أن يجاريه، لكن الياباني ينتقل في دول تدعى نمور آسيا اقتصادياً قادرة على إطعام مواطناتها بدلاً من نزوحهن إلى باريس ولندن وبروكسل وفيينا وغيرها من مدن العالم.. قرأت مسرحية في إصدارات كتاب في جريدة الذي تعودنا نشره شهرياً والذي تشترك اليونسكو في نشره مع الراعي «MBI» التي يملكها رجل الأعمال محمد بن عيسى الجابر.. ولم ننشره هذا الشهر لبذاءته.. المسرحية بعنوان «امرئ القيس في باريس» لمؤلفها المدعو عبدالكريم برشيد وهي نص رديء متهكم بشكل متجن على الغني السعودي، والفقير المصري، وحتى يوضح أن «امرئ القيس» هذا ليس هو الرمز الشعري القديم ولكنه السعودي، فقد أورد في السياق بأن بلاده يحرقها لهب الشمس ويتدفق منها البترول إضافة إلى أن «امرئ القيس» الأول من سكان شبه الجزيرة العربية.. إنه تائه في باريس.. يصرف ببذخ.. لا يعرف أين اتجاه قبلة الصلاة.. سكير يغوص داخل مغارة أنثوية ينسى فيها نفسه.. ولا أدري لماذا اختار المؤلف أن تكون هوية النساء حول «امرئ القيس» في باريس يهوديات بينما تمتلئ فنادق باريس وشارع بيجال بوفرة من النساء العربيات اللاتي تتداخل مع لغتهن العربية كلمات فرنسية، خصوصاً ونحن نفترض أن «امرئ القيس» الغني الجاهل بمدلول تصرفاته وأدائه لا يعرف الفرنسية.. إنه يطلق على لسان ما يسميه بامرئ القيس عبارات شتم وقدح في مجتمعه الذي سافر منه إلى باريس.. وهي عبارات أترفع عن إيرادها. لست حانقاً على هذا الكاتب فهو يتنفس همومه الخاصة.. غيرته مما هو عليه غيره، وعجزه من تغيير ليس ما هو عليه فقط ولكن ما هو حوله.. أريد أن أوضح بأن هذه المشاعر البذيئة هي بعض من عقد كتّاب معينين لكنها ليست مشاعر شعوب.. الشعوب تحترم بعضها.. هذه عقد ثقافة المقاهي وأمراضها النفسية التي تدفع ببعضهم إلى ما هو أسوأ.. عندما يقوم ذلك البعض بالتعري كتابياً للقارئ الأجنبي ناشراً ممارسات مخجلة في بلده حتى يغري بها دار نشر تدفع وقارئاً يشتري.. المثقف السعودي لا يفعل ذلك.. والمثقف المصري الذي وصف عبدالكريم برشيد مجتمعه بالفقير لا يفعل ذلك.. أهدي لهؤلاء آخر خبر سعودي مشرف وهو أن مساهمة المملكة ومواطنيها لمعونة ضحايا الزلازل والفيضانات في آسيا ومنهم أحفاد «امرئ القيس» القديم ومواطنو من وردت صفته في المسرحية بأنه «امرئ القيس»..قد بلغت حتى مساء الجمعة إذا أضفنا لها التبرعات العينية وتبرع الدولة نصف مليار ريال تقريباً. وألفت انتباه القارئ السعودي إلى طرفة لا يعرفها كثيرون وهي أن قصيدة نزار قباني رحمه الله التي نالت شهرة واسعة ومطلعها: متى تفهم.. متى تفهم.. أيا جملاً من الصحراء لم يلجمْ متى تفهم.. متى تفهم.. أيا من أكل الجدري منك الوجه والمعصم لم تكن فيضاً شعرياً من نسج الخيال ولكنها أتت نتيجة غيض شخصي حيث كانت له صديقة «ه ي» فوجئ بها تتركه وتتجاهله بعد أن انحازت إلى «كرم» شيخ خليجي.. ومن جانب آخر متى يفهم هذا الأخ أن احترامه ليس له قيمة أمام احترام المنظمات الإنسانية العالمية وأمام أيادي البترول البيضاء التي لم توجد الرخام والاسفلت والكهرباء فقط ولكنها أوجدت الثقافة، وشمول التعليم وكفاءة مستوى الجامعات، وارتفاع مستويات المعيشة، وتداول سيولة تفوق ما في كل الأسواق العربية.. فمتى يفهم..؟!