رأيته يغوص بين أرتال السيارات المزدحمة والمتوقفة عند الإشارة المرورية يتأبط علبة من المشروبات الغازية ينظر شزرا للجميع وحالته البائسة وملابسه الرثة ونظراته الزائغة تحكي ألم السنين الذي يعانيه ومن هم على شاكلته ينتفض فجأة ويركل إحدى السيارات بقدمه يتمتم بعبارات غير مفهومة وكأنه يشكو حاله للجميع يتجه إلى الطرف الآخر من الشارع وكأنه يبحث عن ضالته هذا هو حال بعض من نشاهدهم بين الفينة والأخرى أثناء تنقلنا بين شارع وآخر أو من حي إلى آخر أو ما تطالعنا به وسائل الإعلام المختلفة من أشخاص قد يكونون مهمشين في الحياة أو مرضى نفسيين فقدوا الأمل في العلاج المناسب حيث اتخذ البعض منهم البيوت المهجورة والحدائق المهملة أو تحت الكباري أو مرامي النفايات مسكنا يأوي إليه كما اتخذ البعض منهم الشوارع الضيقة والأحياء القديمة مكانا يمارس فيه حياته الخاصة بل إن البعض منهم معروف لدى سكان الأحياء بأسماء وهمية تدعو إلى التندر والسخرية، إن التعامل الخاطئ من جانب المجتمع مع هؤلاء المرضى الذين يتركون بدون رعاية يهيمون على وجوههم في الشوارع ويتركون فريسة لمرضهم المقلق من دون رعاية طبية أو حماية لهم مما قد يتعرضون له من الأذى البدني أو دهس السيارات أو الأخطار المحدقة بهم يزيد من سوء حالتهم النفسية ويزيد بالتالي من خطرهم حيث يتحول البعض منهم إلى وحش كاسر قد يؤدي به إلى ارتكاب جرائم مقلقة للأمن والوطن وقد سمعنا عن ذلك كثيرا، إن تلك القنابل الموقوتة والقابلة للانفجار في أي وقت تحتاج إلى المزيد من الرعاية التي قد تكون فقدتها في محيط الأسرة أو لنقل المجتمع الكبير فهم في حاجة ماسة إلى نظرة حانية من جميع مؤسسات المجتمع فهؤلاء غير مسؤولين عن تصرفاتهم عوضا عن أنه قد يقع البعض منهم في يد الإرهاب أو مروجي المخدرات أو محترفي السرقة أو ممتهني التسول. لذلك فهم في حاجة ماسة إلى الرعاية الاجتماعية، ولابد من تكاتف المؤسسات الاجتماعية المختلفة كدور الرعاية الاجتماعية والجمعيات الخيرية والمؤسسات المدنية التي يجب أن يكون لها دور كبير في تحمل الجزء الأكبر من الأعباء ، ولابد من مساهمة فاعلة من رجال الأعمال والمقتدرين للمساعدة في تحمل جزء من هذه المسؤوليات، كما أن لوسائل الإعلام دورا كبيرا في تسليط الضوء على حاجة هؤلاء المرضى للرعاية مما يجعل الكثير من المقتدرين في المجتمع يتعاطف معهم.