المركز السعودي للأعمال.. بيئة جاذبة وتسهيل رحلة المستثمرين    أداء قوي وتنوع الأنشطة.. 7.9% نمو الإنتاج الصناعي    أخبار وأرقام    تباين داخلي في إسرائيل بشأنها.. تحرك عربي لمواجهة خطة «احتلال غزة»    مقتل واعتقال قيادات إرهابية بارزة في الصومال    خلاف محتمل مع ترمب وسط تحركات لإنهاء الحرب.. زيلينسكي يتمسك بموقفه ويؤيد القادة الأوروبيين    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق Twisted Minds يهدي السعودية لقبها الثاني    النصر يسعى لضم لاعب إنتر ميلان    القادسية يعترض على مشاركة الأهلي في السوبر    ثنائي ريال مدريد على رادار دوري روشن    منى العجمي.. ثاني امرأة في منصب المتحدث باسم التعليم    النيابة العامة: نتابع أوضاع السجناء والموقوفين لتحقيق العدالة    العلا تستضيف فعالية لرصد زخة شهب«البرشاويات»    عبر 4 فرق من المرحلتين المتوسطة والثانوية.. طلاب السعودية ينافسون 40 فريقاً بأولمبياد المواصفات    رانيا منصور تصور مشاهدها في «وتر حساس 2»    كشف قواعد ترشيح السعودية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم    ثمن جهود المملكة في تعزيز قيم الوسطية.. البدير: القرآن الكريم سبيل النجاة للأمة    عريجه مستشارًا للشؤون الإعلامية والاتصال برئاسة الحرمين    ضمادة ذكية تسرع التئام جروح مرضى السكري    أخضر اليد يواجه إسبانيا وصربيا    ترامب يعلن خطة لخفض الجريمة في العاصمة الأمريكية    مخاطر الخطة الإسرائيلية للاستيلاء على غزة    لبنان بين ابتزاز أمريكي وانتحار إيراني    العملات الرقمية تتجاوز 3.3 تريليونات دولار    185% نموا بجمعيات الملاك    ضبط (3) مواطنين لدخولهم بمركبتهم في الفياض والروضات في محمية الملك سلمان    لجنة تحكيم مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية تستمع لتلاوات 17 متسابقًا    «مجمع الملك سلمان» يكرّم أصحاب المشروعات الناشئة    78.900 مركبة تعبر يوميا منافذ المملكة    المملكة تحصد لقبها الثاني في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    كريستال بالاس يظفر بدرع المجتمع    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    مصحف "مجمع الملك فهد" يقود شابًا من "توغو" لحفظ القرآن    نائب أمير جازان يزور نادي منسوبي وزارة الداخلية في المنطقة    النصر يُخطط لضم لاعب آخر من برشلونة    رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون ينال جائزة امتنان للشخصيات الملهمة لعام 2025    هلال جازان يتصدر مراكز المملكة الإسعافية    جامعة طيبة تفتح باب التسجيل في دبلوم إدارة الموارد البشرية    نتائج تشغيلية إيجابية ل "لازوردي"بدعم من نمو المبيعات وتوسع المعارض    جناح "صقار المستقبل" يجذب الأطفال في المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور    42% من السعوديين لا يمارسون عناية ذاتية منتظمة و58% يشعرون بالإهمال العاطفي    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    تحذير أممي من المجاعة وسوء التغذية في الفاشر    اكتشاف قطع فخارية وأدوات حجرية تعود إلى 50 ألف سنة في موقع القرينة بمنطقة الرياض    أمطار رعدية غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق بالمملكة    الأمم المتحدة ترحب باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    روسيا تدين توسيع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها في قطاع غزة    فريق بصمة الصحي التطوعي يطلق فعالية «اﻻﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺮﺿﺎﻋﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ» بجازان    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    جامعة الباحة تعلن استحداث القبول للدراسات العليا    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض دون ترخيص    هيئة الصحة تستهدف وقايتهم من مخاطر السقوط.. 4 منشآت صديقة لكبار السن مع خطة للتوسع    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    استمرار الدعم الإغاثي السعودي في سوريا والأردن    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كم تدفع ويخلص موضوعك»..؟
ثقافة «الرشوة مفتاح الفرج» تتنامى مع موظفي «تدسيم الشوارب»
نشر في الرياض يوم 06 - 12 - 2011

كل من يعرف «محمد» يجزم أنه شخص تغيّر كثيراً.. لم يعد ذاك المتذمر من وظيفته التي تستنفد جل وقته، ولا من راتبه المتدني، وبحثه المستمر عن وظيفة تلبي رغباته.. حتى في مظهره الخارجي تغيّر «محمد» وأصبح يهتم بهندامه ولم يعد ذاك الشخص رث الثياب شحوب الملامح، عيناه البريئتان تبدوان «متوجستين» من كثرة إلتفافاته المرتبكة.
«محمد» لم يقدم استقالته من وظيفته الحكومية، ولكنه تجرّد من ضميره، وبات يعمل من «تحت الطاولة» في مقر عمله ينهي إجراءات معاملة بمبلغ وقدره، متخذا شعار «ما يخدم بخيل»!، وأحياناً يضطر لسياسة «تدسيم الشوارب» عندما يشعر بأن زميله الآخر يطمع في جزء من «الهبرة المادية» التي سينالها لقاء إنهائه تلك المعاملة الشائكة.
الثراء السريع
«محمد» نموذج من أكثر من ألف مرتشٍ في الجهات الحكومية - حسب إحصائيات هيئة الرقابة والتحقيق - خانوا الأمانة وباعوا ضمائرهم ل «الفلوس»، وأصبحوا يشكّلون ظاهرة متنامية رغم علم «الرقيب» وتوالي التقارير السنوية عن اكتشاف «مرتشين»، - هناك زيادة في عدد المرتشين في العام الماضي عن العام الذي قبله بما يقارب 15%-، ولم تعد تشكّل حالات فردية، بل أصبحت «ظاهرة» خطيرة تنخر في المجتمع، حيث بات «التعقيد الإجرائي» للمعاملات في بعض الجهات الحكومية «الخدمية خصوصاً» حتى ولو اكتملت الاجراءات والمستندات.. بات أملاً في البحث عن يأس المواطن للوصول إلى ذريعة «كم تدفع ويخلّص موضوعك»!، وفي وضح النهار ربما تتعطل مصالح المواطنين؛ بسبب طمع موظف كانت السلطة هي سبيله للوصول إلى «الثراء السريع» و»على عينك يا تاجر»!.
لصوص وانتهازيين
ومن ضمن هؤلاء المرتشين موظفون يشغلون وظائف حكومية ليست بذات أهمية، إلاّ أنهم يعملون «معقبين» في جهاتهم الرسمية لصالح مراجعين خارج الدائرة؛ مقابل مبالغ محددة تتفاوت بحجم «المعاملة»، والأشخاص الذين لجأ إليهم الموظف «المعقب»، بحيث ينهي إجراءات المعاملة من دون الحاجة إلى حضور المراجع الذي حتى وإن حضر فلن يستطيع تجاوز العقبات النظامية المفروضة مثل ما يستطيع ذلك الموظف الذي ينهي المعاملة «خلف الأكمة»، حيث إن هناك من احترف مهنة «الوظيفة والتعقيب» في آن واحد، حيث لم يعد يصبح للراتب الضئيل أهمية؛ نظراً للمبالغ الباهظة التي يقتطعها من المستفدين من تمرير تلك المعاملات من «تحت الطاولة»!.
وهناك فئة أخرى من المسؤولين أشد خطورة فهم يمارسون سلطتهم في مكاتبهم، ويستغلون مواقعهم في تعطيل معاملات معينة؛ بغية الحصول على نصيب من تلك المعاملة أياً كان نوعها، وإن رفض صاحب المعاملة أمامه ثلاثة خيارات، إما أن يرضخ ويكون مرتشيا، وإما أن يوقف معاملته ومصلحته إلى أجل غير مسمى، أو أن يسعى إلى تغيير مسار معاملته من الموظف «الطماع» إلى زميله الآخر، والخيار الأخير يبدو مستحيلاً في بعض الإدارات العتيدة التي «يتكتل» موظفوها مع زميلهم في موقف يعتقدون أنه «شهامة» ولكنه في الواقع «دناءة»، لم تجد من يردعها، ويشهر بها ويجعل المرتشي عبرة لمن يعتبر بفصله من عمله وإيقاع أغلظ العقوبات عليه.
حول الحمى !
وهناك فئة أخرى ترعى حول الحمى وتوشك أن تقع فيه، وإن وقعت تستصغر ما تفعله، فإن جاءها ما ينعش محفظة النقود فبها، ونعمة، ليس لأن جرأتهم أخف من الفئة السابقة، وليس لديهم «ظَهر» يستندون عليه في فسادهم، لذا هم يحاولون تعطيل المراجع وتطفيشه ب «بروقراطية» رغم اكتمال مستنداته واستيفائه كافة الشروط والمتطلبات، فيكون المراجع إما أن يمرر مصلحة خاصة للموظف، وإما أن يأتي في الغد لموظف آخر، وينهي معاملته في غضون دقائق قصيرة، وكلا الموظفين غنيان، الأول غنى «المال» والآخر غنى «النفس».
«اللي ما يرتشي يتفرج»!
إن بروز هذه الظاهرة بشكل مخجل يدعو إلى التساؤل عن الأسباب التي أدت إلى «الجرأة» لدى هؤلاء المرتشين، حيث تزامن مع تفشي «الفساد» انتشار «الرشوة»، إلى جانب استخدام السلطة باسم الوظيفة واستغلال النفوذ، وقضايا الاختلاس، وسوء الاستعمال الإداري، والتبديد في المال العام، والتزوير، وتزييف العملة، وغيرها من القضايا التي جاءت بسبب عدم تطبيق النظام، أو استغلال ثغراته، إلى جانب «تسلّق» بعض الموظفين على مرأى من المسؤولين التنفيذين في بعض الدوائر الحكومية، عندما يغضون الطرف عن موظفيهم الذين «يُعقّبون» معاملات مقابل أجر مالي، وغياب التقصي حول «الثراء المفاجئ» لبعض موظفي الدولة وكشف أرصدتهم المالية، الأمر الذي جعل «اللي ما يرتشي يتفرج»!.
غياب التقنية
ومن الأسباب التي أدت إلى انتشار «الرشوة» والفساد الحكومي، عدم تفعيل الحكومة الإلكترونية بالشكل الفعّال الذي يجعل المراجع يستغني عن مراجعة الدوائر الحكومية في مقراتها، إذ إن «البوابة الوطنية للتعاملات الحكومية الإلكترونية» لا تغني عن المراجعة حتى الآن، لكون أغلب أدوار البوابة تقتصر على الاستفسار وتحديث البيانات، وطبع النماذج، كما أن ضعف مرتبات بعض الموظفين، وعدم ثبات بعضهم، يؤدي بهم إلى البحث عن موارد مادية عبر طرائق خاطئة مستغلين الثقة الممنوحة لهم في وظائفهم.
تنقية المجتمع
ومع تزايد انشار «الرشوة» يكون الحمل أكبر على «هيئة الرقابة والتحقيق» و»الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في تسيس مرحلة جديدة، يكون لهما يداً طولى في قطع دابر الراشي والمرتشي، واحتواء الأثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من ذلك الفساد المستشري، وتنقية المجتمع من ظاهرة تجاوز الأنظمة والقوانين التي يسلكها الفاسدون لأجل حفنة مال من دون رادع زاجر؛ نتيجة لعدم اتساق الأنظمة، وضعف الرقابة، وتعقيد الإجراءات الحكومية في بعض الجهات، في وقت تترفع فيه الأصوات المنادية بشّل خطوات الفساد، ودعم خطوات التنمية، وتسريع وتيرتها، قبل أن يأتي يوم نقول فيه «الرشوة مفتاح الفرج»!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.