اعتاد «أبو أحمد» على أن يتلقى اتصالا هاتفيا «شبه يومي» من أبنائه في وقت المساء، ل»تترنم» مسامعه على سؤال يسمعه كل يوم: «وش جبت لنا عشاء؟»، فيرد بكل الحب: «أبشروا بكل خير». ويتلذذ الأبناء بالوجبات السريعة، مما يجعل الكثير منهم غير مدرك لأضرار تناولها باستمرار، سواء من الناحية الصحية أو الاقتصادية. ويرى البعض ارتباط الطعام وعاداته بالجانب المادي للأسرة، وخصوصاً في زمن الطفرة، التي جعل الأمور الاقتصادية والاجتماعية والمادية تتشابك، وأدى إلى دخول أنواع كثيرة من الأغذية، والتي يرى الكثير أنها أحد أسباب ظهور العديد من الأمراض الصحية مثل «ضغط الدم» و»أمراض القلب». «الرياض» تطرح الموضوع لمعرفة أسباب تعلق الأسر بالمطاعم، وهل هناك بديل آخر ينوب عنها؟، ومدى سلبيتها على الصحة العامة للمجتمع، إذا علمنا أنها انتشرت بشكل كبير في شوارع المملكة، بل ولا يكاد يخلو شارع أو طريق منها، وهو ما أدى في النهاية إلى الاستغناء عن «طبخ البيت». تنويع الطعام فيما مضى كانت ربة المنزل تسعى جاهدة إلى عمل المأكولات والأطعمة، وتحضرها منزلياً بشتى أنواعها وأشكالها، وكذلك تنويع الطعام بنكهاته المختلفة والتفنن في تقديمه، أما الآن مع تغيرات المجتمع وما طرأ عليه من انشغال الأمهات في أمور عدة، سواء بالعمل أو المناسبات الأخرى جعل حالهن في تكاسل تجاه إعداد الأطعمة، أو أن ربة المنزل أعدت طعاماً لايحبذه أفراد العائلة، الأمر الذي أتاح لهم اللجوء إلى المطاعم، زاعمين أن ذلك قد يوفر لهم المال كذلك. جميع المتطلبات وبالرغم من توافر جميع المتطلبات لتجهيز الأغذية، وتسهيلها يوماً بعد يوم، سواء في تقطيع الخضار، أو في كيفية إعدادها بطرق مختلفة ومتنوعة، إلاّ أن زمن الطفرة المادية كان السبب المباشر في تخلينا عن عاداتنا الغذائية، فأصبح تناول الوجبات السريعة في المطاعم هو القاسم المشترك الأعظم لمجموع الأبناء والآباء، رغم أن بعض أنواع الطعام الذي يتم تداوله في هذه المطاعم غير ملائم صحياً، فقد كان إعداد الأطعمة المنزلية لا يتدخل فيها أي محسنات أو مواد كيميائية، أما اليوم فنرى أنواعاً من المحسنات الغذائية بالمواد الكيميائية وغيرها، كما أن انتشار المطاعم في العديد من الشوارع والمدن جعلنا نفكر ملياً بنوع الطعام الذي نتناوله. الوجبات السريعة أصبحت مطلباً رئيساً للأطفال دون أن يدركوا مضارها الدول الأخرى وساهم السفر وتنوع الأطعمة الغذائية لعدد من الدول، إلى جانب الاحتكاك بالثقافات الأخرى وخاصة المتعلقة بطرائق الطبخ وعادات الأكل، في الارتباط بالعادات الغذائية لهذه الدول، وهذا ما يتضح في المطاعم الصينية أو الهندية أو الأمريكية أو المكسيكية، حتى حاصرتنا وأصبحت ملازمة لنا، ولأن صنعها قد يأخذ وقتاً، فشراؤها من مصدرها المتخصص أفضل الحلول، وسهل وجود هذه المطاعم على أفراد المجتمع توفير ما يلزمه من أطعمة وأدوات، إلى جانب متابعة الجديد في ذلك المجال، الأمر الذي أدى إلى انتشارها وإقبال الناس عليها، مما استدعى الكثير إلى حب الاستطلاع والتغيير كذلك. سلوك غذائي وأكد عدد من المتخصصين أن تلك الأطعمة من وجبات سريعة وغيرها تحوي العديد من مظاهر السلوك الغذائي السيئ؛ لكثرة ما فيها من محسنات وزيوت وغيرها، وتتعدى هذه الوجبات في آثارها السلبية الكبار إلى الصغار، كما أن كثرة تناول الأغذية بشكل مستمر له آثار سلبية، إلى جانب العلاقة الارتباطية بزيادة الأمراض، مثل «ضغط الدم» و»السكر» و»أمراض السرطان» و»أمراض الأسنان» وغيرها، مما أحدث إرباكاً للخدمات الصحية وتحميلها فوق طاقتها، بسبب آلام المعدة وسوء نظام التغذية الحديث بين الناس. إنفاق كبير وكشف باحثون أستراليون أن وجبة دسمة واحدة كأطعمة الوجبات السريعة، يمكن أن تسبب تلفاً مدمراً على الجسم، مطالبين بضرورة الابتعاد عن تناول المأكولات الدهنية والوجبات الدسمة، خاصةً للمصابين بمرض «الشريان التاجي» أو «ارتفاع دهون الدم»، مشددين على أهمية التركيز على استهلاك الخضروات والفواكه وتقليل استهلاك الدهون المشبعة. وأثبتت العديد من الدراسات أن الأسر في المملكة تنفق بنسب عالية تحت بند الترفيه وخدمات المطاعم بسبب غياب التخطيط وعدم الاهتمام بذلك، وأن المملكة تتصدر دول الخليج العربي من ناحية استهلاك المأكولات الجاهزة، مستفيدة من عدد سكانها الكبير مقارنة بباقي دول الخليج، إضافةً إلى مساهمة جيل الشباب الذي يشكل (70%) من عدد سكان المملكة، في الإقبال على هذه النوعية من المأكولات، وتُقدَّر نسبة استهلاك المملكة من المأكولات الجاهزة ب(75%) من إجمالي استهلاك دول مجلس التعاون الخليجي. خيار للأسرة وأوضحت دراسات أخرى اعتماد الشباب ممن هم دون سن (30) عاماً على المأكولات الجاهزة بشكل كبير، وهو ما تؤكده أعداد المطاعم في المملكة، مما يعني أن استهلاك الوجبات السريعة في المجتمع أصبح ضمن حقائق الحياة اليومية، كما أنه في السابق كان فئة غير المتزوجين هم الفئة الأكثر استهلاكاً بشكل دائم لمثل هذه المأكولات مقارنة بالمتزوجين، وهي محصلة طبيعية لعدم وجود من يقدم لهم الطعام، لكن الآن الوضع تساوى بين كل الفئات، وأصبحت المطاعم ضمن خيارات الأسرة المتكررة، الأمر الذي أدى إلى انتشارها بشكل كبير، بل وأصبحت تلك المطاعم والبحث عنها ضمن برنامج الحياة اليومية في المجتمع.