في الوقت الحاضر، صارت الاجتماعات القارية والإقليمية، وعدم الانحياز ودول «الكومنولث» من الماضي، وينطبق الأمر ذاته على اجتماعات الأممالمتحدة، وبقي مجلس الأمن الوحيد الذي لم تذبل أطرافه أو تخمد ناره! وفكرة توسيعه بأعضاء جدد تفرضه المتغيرات الاقتصادية والسكانية والحجم الجغرافي، واعتبارات أخرى، فالهند- مثلاً- ستكون أهم من دولتين هما عضوان في ذلك المجلس، مثل بريطانيا وفرنسا، اللتين كانا عضوين مؤسسين في مرحلة رجحت فيها موازين قوتهما، وكذلك البرازيل، وقارات حرمت من هذه العضوية.. الحلف الأطلسي يجتمع، ولكن صورته القديمة اختلفت، فأفول قطب القوة الآخر (الاتحاد السوفيتي)، لم يعد يضع الحلف في حالة استنفار دائم بسبب العداء الأيديولوجي، والتنافس العسكري اللذين استنزفا الميزانيات وقادا إلى سباق تسلح كاد يوقع العالم في حروب مدمرة. بؤر الصراع التي يواجهها الغرب (القاعدة وطالبان وإيران وأفغانستان) وبعض مواقع، لا تهدد أمن الحلف ودوله، مع أن الصين تبقى مثيرة للجدل بتنامي قوتها وبروزها لاعباً غير عاديّ على مختلف المسارات وصياغة القرارات، إلى أنها لا تصل إلى تهديد الاتحاد السوفيتي الذي تبنى منطلقاً أيديولوجياً، بنى أفكاره وفلسفته على زوال الرأسمالية كحكم لصراع تاريخي، وخيار حتمي للعالم، لأن الصين في شكل حكمها شيوعية، لكنها في الواقع رأسمالية، والجمع بين منطلقين متغايرين، جعلها أقل تهديداً للغرب إلا في تنافسها الاقتصادي. وفي زمن الانهيار المالي الحالي الذي عم معظم دول العالم ليأتي تأثيره على أوروبا وأمريكا كبيراً، صار فائدة للصين والهند والبرازيل، وهذا يكشف الخلل بين السياسات الاقتصادية وأثره في خارطة التجمعات؛ حيث صار اجتماع دول العشرين أهم من اجتماع الحلف الأطلسي، وصار النظر لدول الاقتصاديات الناشئة أمراً تغير مع واقعٍ، خلق ضرورات جديدة. لم تعد الأحداث العسكرية محركاً لسياسات، تغامر بخلق حروب جديدة، فتجربتا العراق وأفغانستان، أبعدتا الاشتباك عن مواقع أخرى، لأن صورة المحتل القديم تبددت بزوال المغذي لتصعيد الأزمات عندما كان السوفييت طرفاً في أي تطور دولي، فكان المعادل الحلف الأطلسي، حتى أمريكا- القوة العظمى المنفردة بحجمها العسكري- التي بقيت تتحمل أعباء التطوير العسكري، بدأ يفتر اهتمامها ويقل في أن تتحمل التكاليف وسط تردي وضعها الاقتصادي.. هل أصبحت الأحلاف مجرد ذكريات، وأن تعدد الأقطاب سيزيح المخاطر ويجمد الحروب.. المؤكد أن العالم يمر بحالة تغير في القوة والموقع، وهذا سيعود لصالح البشرية كلها..