«الداخلية» تصدر قرارات إدارية بحق (20) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    أمير تبوك يستقبل نادي نيوم ويبارك لهم تتويجهم بلقب دوري يلو والصعود الى دوري روشن    مدير عام فرع البيئة بتبوك يتفقد أسواق النفع العام استعداداً لموسم عيد الأضحى    جمعية مالك للخدمات الإنسانية بالمحالة في زيارة ل "بر أبها"    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد على تسخير كافة الوسائل التقنية ووسائل الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات الرئاسة العامة في حج هذا العام    الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق 12 وافدا و8 مواطنين لنقلهم 60 مخالفا لا يحملون تصاريح لأداء الحج    "سالم الدوسري" هلاليًا حتى عام 2027    «الدعم» تقصف مخيم نازحين وتوقع 14 قتيلاً بدارفور    قيمة الأصول المدارة في السوق المالية السعودية تجاوزت حاجز التريليون ريال    المملكة.. إخراج سورية من عزلتها    حرس الحدود ينقذ 10 مصريين بعد جنوح واسطتهم البحرية    ثقافة وفنون المناطق تطلق «رحلة فن»    حينما تنطق العراقة    رؤية 2030 ودعم الرياضة في المملكة العربية السعودية    تواصل سعودي نمساوي    10 آلاف متطوع من منسوبي التقني    19 ألف زيارة تفتيشية بمكة والمدينة    إيران: شروط واشنطن ستُفشل المحادثات النووية    انتحاري يقتل 10 أشخاص في مقديشو خلال حملة تجنيد    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي    نائب ترمب: الولايات المتحدة قد تنسحب من حرب أوكرانيا    الذهب يرتفع بفعل الإقبال على أصول الملاذ الآمن    سهام القادسية تُصيب 9 ميداليات في كأس الاتحاد    "الصحة العالمية": نواجه عجزا بنحو 1.7 مليار دولار خلال العامين المقبلين    مطارات الدمام تنظم ورشة بعنوان "يوم المستثمر" لتعزيز الشراكات الاستراتيجية    لعبة " المسار المفقود " بدعم من "الصندوق الثقافي" و"إثراء"    عقارات الدولة توضح ما يُتداول حول توزيع أراضٍ سكنية في الرياض    اختتام بطولة غرب المملكة في منافسات الملاكمة والركل    حقيقة انتقال رونالدو وبنزيمة وإيبانيز إلى الهلال    محافظ أبو عريش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية    صندوق الاستثمارات العامة يجمع أكثر من 1000 من أعضاء مجالس الإدارة وتنفيذيّ شركاته    كندا تعلق بعض الرسوم الجمركية المضادة على الولايات المتحدة    مبادرة طريق مكة تحظى بشرف خدمة أكثر من مليون مستفيدٍ من ضيوف الرحمن منذ إطلاقها    انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي الأول للميتاجينوم والميكروبيوم    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحصل على اعتماد JCI للمؤسسات كأول مجموعة صحية خاصة في المملكة    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    تحالف استراتيجي بين "نايف الراجحي الاستثمارية" و"تي جي سي سي" لتنفيذ مشاريع رائدة في المملكة العربية السعودية    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج الدفعة السادسة من برنامج القيادة والأركان والدفعة الأولى من برنامج الدراسات العسكرية المتقدمة ويدشّن برنامج الحرب    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستثمار .. هيئة ومدن ورهان
نشر في الرياض يوم 12 - 10 - 2010

المنجزات الوطنية تواجه تحديات من الداخل أكثر مما تواجهه من الخارج، وباعث ذلك إما محاولة إجهاض المنجز، أو الجهل به، أو سوء الظن، أو الخطأ في التقدير، بركض قد ملّه الجميع، قاعدته الإرسال والتقول، ولا أجدني مستاء من شيء كما أجدني من شخص متكئ على أريكته أو خلف مكتبه وممسك بقلمه لا يُبقي على أحد ولا يذر، وهو في كل هذا يفتقد أهم عناصر الكتابة والحكم الدليل والبرهان ، فخذ من خبط العشواء والتجني الفج.
وقد لقيتْ الهيئة العامة للاستثمار لغطاً يعتبر بمعايير العدالة جناية مكتملة الشروط والأركان لا رصيد لها سوى تطاول القلم على طموح وطني تحكيه الأدلة والشواهد المثالة، وهذا يجعلنا أمام مكابرة تتحدى الأدلة، ثم هي تواصل في أمن من العقوبة المادية حيث تغفو آمنة مطمئنة تحلم على مرادها ولا تصحو من سهادها.
لقد لقيتْ الهيئة العامة للاستثمار لغطاً يعتبر بمعايير العدالة جناية مكتملة الشروط والأركان لا رصيد لها سوى تطاول القلم على طموح وطني تحكيه الأدلة والشواهد المثالة، وهذا يجعلنا أمام مكابرة تتحدى الأدلة
ولا نشك بأن هناك من يوظف أمثال هذه التجاوزات التي لا ينقصها شيء سوى التحري والدقة وإن شئنا قلنا: "والمصداقية"، ولن نبعد النُّجعة فهذه هي الحقيقة المؤلمة.
فمأساتنا فيما يبدو متوارثة ومتجذرة ولها رواسب تربوية تتواصل وتتنامى كلما جزر مد العقوبات وارتخى، ولا أصنف هذه الحالة بالجينية لأن الله لم يكلفنا ما لا نطيق، وإنما هذا الكدر ينقلنا إلى كدر عافانا الله منه فنجد من حولنا من تُحَلُّ برلماناتهم دورياً، وأجندة حجب الثقة عن حكوماتهم على مدار الساعة، وتشكيلها الوزاري أصبح كتشكيل اللجان الوقتية، بل حدثني بعض المقربين بأن النقلة النوعية التي خطتها بكل عزم ماليزيا وسنغافورة مرت بعقبات داخلية ارتجالية أقسى من طرح أصحابنا بكثير، لكن تحدتها الإرادة الصلبة والثقة الكبيرة بتحمل المسؤولية أمام القيادة ثم الوطن والمواطن وقبل هذا وبعده أمام الله تعالى، وكان لها ما تمنت فسارت قافلة خيرها من أجل صالح العمل الوطني، وساعدها تفعيل جانب المسؤولية المدنية بمساءلة وحساب لكل من جدف خالي الوفاض، فحرية التعبير قيمة عالية، لكن أكثر منها قيمة وأهمية عدم التجني على الآخرين وإعاقة الآمال والتطلعات الوطنية، وأعظم منهما إذا كانت الدوافع مغرضة، أو غوغائية متلقفة كل طرح على علاته لا تريد من التبعية الفارغة سوى مساحة للقلم.
ويجب أن نعلم أن الباعث على ما حصل عند الغير هو الباعث على تجاوزات بعض كتابنا، ومنهم فئة هي الأفلس على الإطلاق في مادتها وبرهانها واستنتاجها، وعلى قدر التطاول وحجم المتسلَّق على كتفه يكون رجع صدى القلم، وهذا مراد من ضعفت نفسه وقصر مبلغ علمه، ولا عزاء بعد ذلك لآداب المهنة وميثاقها.
والهيئة العامة للاستثمار مشروع وطني طموح خطا خطوات ميمونة تحدثت عنه أرقام من أرض الواقع، وهو بطموحه الكبير لن يكون في عمر بناء فيلا عائلية حتى نكون أطيش من فراشة كما تقول العرب في طلبنا النتائج، فمدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز قرب رابغ قاربت مساحتها مائتي مليون متر مربع أي حجم محافظة جدة تقريباً، وتعمل بها ليل نهار مكائن تضيء ليل المدينة، وفيها من المعدات والآليات العاملة ما يقدر بمئات الملايين، ولولا التوثيق التام لما قبلت أذني أن إحدى الشركات الوطنية العاملة في المدينة استوردت مكينة حفر بقيمة نصف المليار وقد شقت في الأرض ما أدهش العقول، وما راءٍ كمن سمعَا.
ولن أسهب فيما تقوم به هيئة المدن الاقتصادية من تقديم كافة الحوافز والتسهيلات للمستثمرين في مدنها، ومنها النص على تطبيق مفهوم ((60×24×7)) الذي يلزم المدن الاقتصادية بتقديم جميع الخدمات الحكومية للمستثمرين والساكنين خلال مدة لا تتجاوز ستين دقيقة وعلى مدار الساعة وخلال جميع أيام الأسبوع، مع ما في تلك المدن من توفير الوظائف وتطوير الكوادر البشرية السعودية.
وإنني على يقين أن أي مشروع سواء كان فردياً أو مؤسسياً فضلاً عن المشاريع الحكومية الكبرى تحتاج للنقد الهادف والمعين، والدين النصيحة، فالنقد الإيجابي كالشمس التي تقوم بالتعقيم، ولكن في المقابل حينما يكون النقد سلبياً وغير أمين فإنه سيكون كالنار الحارقة، ولا أخفي استغرابي بأنني ألحظ كغيري وجود الإفراط والتفريط في التعاطي النقدي للآخرين، حيث تجد من يتعامى عن الأخطاء في جهة، وأحياناً يعمد إلى تبريرها، في حين تجده يتكلف النقد في جهة أخرى ويناكف الحقائق ليسعى في إثبات الأوهام وتضخيمها، وكما جاء في الحديث "من قال هلك الناس فهو أهلكهم".
فالهيئة لم تأخذ أموالاً من بيت المال ولا من جيوب الناس، وإن كان الحنق لأنها سهلت على المستثمر الأجنبي فلا ذنب لها لمن عسّر على المستثمر الوطني، وإذا كانت قد عملت على تحسين سمعة بلادنا في الخارج فلا يليق بنا أن نسيء لبلادنا من الداخل، ولا ننسى أنها تعمل في بيئة يتكالب فيها المستنفعون والذين عطلوا وما زالوا كبار آمالنا، وإن من يسعى لخدمة المجتمع وغالبه من الطبقة الوسطى وما دونها فإنه سيناله من الطبقة الأخرى الكثير من الأذى والتي تملك أدواته بخلاف أولئك المستضعفين.
ومما نذكره خلال السنوات القريبة الماضية أن أبناءنا لم يكونوا يجدون مقاعد لهم في الجامعات، ولكننا اليوم بفضل الله نجد أن هذه المشكلة قد عولجت بشكل كبير وانتشرت الجامعات في أرجاء الوطن إضافة لمشروع الابتعاث الذي تبنى مائة ألف مواطن، والسعي حثيث لإكمال هذا النجاح في إتاحة الفرصة للمخرجات في سوق العمل الذي لن يستطيع قطاعه الحكومي أن يستوعب الجميع، فالموظفون الحكوميون بمدنييّهم وعسكريّيهم لا يجاوزون المليون وهم لا يشكلون سوى 5% من عدد السكان، وبالتالي فإن النسبة المتبقية ستكون عبئاً على القطاع الخاص والذي تقوم الحكومة بتهيئته، ولذا فمن الواجب المساندة لكل جهاز حكومي حتى يقوم بواجبه الذي يجلب الخير لجميع أبنائنا وبناتنا، وليس بالسعي نحو إسقاطه والذي سيعني تحميل جيلنا ومن بعدنا وزر اعتدائنا على مشاريعنا الطموحة التي يترقب الجميع نجاحها كما نجحت خطة توسع الجامعات والابتعاث.
وثمة سؤال : كيف بلغنا المرتبة الرابعة عالمياً في الحرية المالية، والسابعة في نظامنا الضريبي، وضمن أكبر 25 اقتصادا في العالم، وأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونستحوذ على ربع الناتج المحلي الإجمالي العربي، ونحتل درجات متصدرة في المنافسة كالمرتبة الأولى من حيث تسجيل الملكية، إلا بجهود مخلصة ودءوبة، ولا يعني هذا السكوت عن الخطأ عند حصوله ولكن بأمانة وعدالة بلا تكلف ومصادرة، مع ملاحظة أن المثبت بالدليل مقدم على النافي بدونه، ومن عرف حجة على من لم يعرف.
وكثيراً ما أتأمل قلة عددنا الذي يساوي سكان مدينة في الهند أو الصين مع كل ثرواتنا الموجودة، ومع ذلك يعجز أغلب المواطنين عن تملك مسكن صغير يغطي عنه نصف نفقته، فضلاً عن تأثير الفقر والبطالة وغلاء المعيشة على الشؤون الأمنية والاجتماعية والصحية، وحينما نرى بصيص نور من بعيد إذ بالبعض يأبى إلا أن يسعى إلى خطف الآمال.
إن الواحد منا مهما طالت حياته فسيفارق إلى الرفيق الأعلى ولن يبقى سوى ما جمعه لنفسه من أعمال صالحة وما تركه حلالاً لأولاده من مستقبل يعيشون فيه أعزة لا أذلة، ولذا فالقلم أمانة وكل كلمة نخطها لن يرحمنا عنها التاريخ، ومن قبل ومن بعد رب عليم سيحاسبنا على مثاقيل الذر، وفي المقابل أجد تلك الأقلام قد صامت بشكل مذهل عن كبائر هنا وهناك، فسبحان من جعل البعض يبصر المعدوم ويهوله في حين أنه يتعامى عن المدلهمّ وينكره، فنحن في هذه البلاد من حقنا وحق أجيالنا المقبلة أن تعيش بعزة وكرامة، ولا يجتمع شكوى الظلام وشكوى موقدي الشموع في آن، ولله الأمر من قبل ومن بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.