حسام بن سعود يشارك منتسبي إمارة الباحة احتفالهم باليوم الوطني    نائب أمير الشرقية: مشروعات البيئة والمياه تحقق التنمية الشاملة والمستدامة    121 سجلا تجاريا تصدر يوميا    تداول يخالف التوقعات ويغلق على تراجع 78 نقطة    إنتاج الأوبك يواصل الارتفاع للشهر السادس ويسجل أعلى مستوى في 26 شهرا    أمير حائل يلتقي وزير البلديات والإسكان    الفضلي: مشروعات المياه في الشرقية تترجم رؤية 2030    الهوية الوطنية «بدل مفقود» عبر أبشر    المرور: قيادة الدراجة الآلية تستوجب رخصة خاصة    العلا تتألق عالميًا في يوم السياحة    أكثر من 53 مليون قاصد للحرمين خلال ربيع الأول    نائب أمير الرياض يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    "الشؤون الإسلامية" تواصل جهودها التوعوية في الجعرانة    استشاري أورام: مستقبل القضاء على السرطان مشرق    خالد ينقذ حياة شقيقه بكلية    الاتحاد يسرح بلان ويستنجد بخليفة    الهلال يلاقي ناساف.. والأهلي أمام الدحيل    «فنون الرياض» تحتفل باليوم الوطني وتكرم الرموز    إيران بين المواجهة والدبلوماسية بعد إعادة فرض العقوبات الأممية    أزمة الحرب تتفاقم بتصعيد روسي وهجوم أوكراني    تمادي إسرائيل في حرب غزة ومقترح عماني يدعو لفرض العقوبات    دوري المقاتلين المحترفين يختتم جولة نصف النهائي ونزالات الجولة النهائية في الشرقية    منتدى فكر بجامعة جازان يناقش الوسطية والانتماء    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تحتفل باليوم الوطني ال95    حقيقة مفاوضات الاتحاد مع تشافي هيرنانديز    مساعدات إغاثية سعودية جديدة تعبر منفذ رفح متجهة إلى قطاع غزة    وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    وزارة البلديات والإسكان تُحدّث الاشتراطات الفنية والتنظيمية لمكاتب تأجير وسائل النقل    نائب أمير تبوك يكرّم مدير الشرطة السابق ويستقبل خلفه المعين حديثًا    95 لوحةً فنية ترسم مشاعر طلبة تعليم مكة المكرمة باليوم الوطني    جامعة الإمام عبدالرحمن أول سعودية تحصد الاعتماد الدولي من الكلية الملكية بكندا    بن شفلوت يرعى إحتفال اليوم الوطني في أحد رفيدة    المثالية: لعنة النجاح المؤجل!    المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعداداً للكذب والخداع    المملكة ترأس جلسة أعمال المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة    الشرع: سورية عادت لمكانتها التاريخية الفاعلة بين الأمم    القادسية يعبر الفتح ويقفز ل «وصافة روشن»    بطولات كبرى شهدها ختام موسم سباقات الطائف 2025    تتجاوز 1.74 مليار دولار.. 42 اتفاقية استثمارية سعودية مع شركات صينية    وسط مساعٍ أمريكية لوقف الحرب.. 120 غارة إسرائيلية على غزة و52 قتيلاً    ملتقى سعودي عن الذكاء الاصطناعي في سيئول    16 باحثاً سعودياً ضمن قائمة الأفضل عالمياً    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً في أسبوع    أوباما: لا مبرر لقصف غزة وإقامة دولة فلسطينية ضرورة    50 مليار ريال فرصاً استثمارية في التعليم    «زاتكا»: 1511 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية    ضبط 12 متورطاً واحباط تهريب 234 كجم مخدرات    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    آرسنال في اختبار صعب أمام نيوكاسل    «قط وكلب» يتسببان في طلاق زوجين    أزمة قلبية تنهي حياة عريس    الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    قطرات تقلل ألم مرضى الشبكية    خطر خفي لنقص سوائل الجسم    %20 استعادوا النبض بعد توقف القلب    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    حماة البيئة    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في معنى التعايش
نشر في الرياض يوم 09 - 06 - 2010

تسود العالم المعاصر أسئلة ملحة حول الراهن بحقوله المختلفة ، والمستقبل بآفاقه العديدة .. إذ إننا نجد أن جميع الأمم والشعوب تسعى جاهدة بكل ما أوتيت من قوة وإمكانات لتؤكد نفسها وإرادتها في هذا العالم المتشابك والمليء بالطموحات والتطلعات والإرادات المتباينة .. لذلك فإن من أهم الأعمال ، التي نتمكن خلالها من بناء راهننا بما ينسجم وطموحاتنا ، هو العمل على تطوير مستوى الوفاق الداخلي ، والعيش المشترك بين مكونات الوطن والمجتمع ..
حينما نتحدث عن (التعايش بين أبناء الوطن الواحد) فإننا نتحدث عن السياسات التعليمية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، التي ينبغي أن تساهم في تعزيز خيار التعايش
وذلك لأنه خيارنا المتاح والممكن لتوطيد أركان الوحدة الوطنية وتعزيز موجبات التلاحم الداخلي .. وهذا من الشروط الأساسية لتظهير الإمكانات الذاتية وبناء القوة الوطنية .. فالوحدة هي حجر الأساس في مشروع البناء والتقدم ، وحدة وطنية لا تعسف فيها ولا إسفاف ، وحدة القضية الوطنية ، والوطن الواحد ، وحدة المصير المشترك ، وحدة البناء والتطوير ، وحدة الإنسان من أقصى الوطن إلى أقصاه .. بهذه المعالم والمعطيات ، نبني الذات الوطنية ، ونعمق أسباب الوئام الاجتماعي والوطني ، ونؤسس لحقبة وطنية جديدة .. وذلك لأن الوطن ينهض بنهوض قيم التقدم والسلم المجتمعي والشراكة الوطنية ، ويسقط ببروز قيم التخلف والتعصب والانغلاق على الذات ..
وإن قيم الشراكة الوطنية ، هي التي توفر الظروف الذاتية والموضوعية ،لإنهاء الانغلاق الداخلي ، وتحبط مؤامرات الخارج التي تسعى نحو التفتيت والتقسيم .. وإن الوطنية الحقة تبدأ بالقبول النفسي والعقلي بالآخر المغاير على قاعدة الوطن الواحد والمصير المشترك .. وهذا القبول بدوره يبلور صيغ التفاعل والتضامن والمشاركة مع الآخر اجتماعيا وسياسيا وثقافيا ووطنيا .. لذلك فإن السديم البشري يتحول إلى مجتمع ، أمة ، حينما تتحقق مواطنية أبنائها في كل الأبعاد والجوانب .. وبدون ذلك ليست ثمة وطنية وإن تاجر البعض باسمها ..وإنما جزر اجتماعية مغلقة ، متحاجزة ،وتشظيات ثقافية ، فكرية ، تسوغ هذا التحاجز والتنافر ..
من هنا فإن تطور الأوطان ، مرهون بمدى القدرة النظرية والعملية ، على بلورة رؤية أو نظرية وطنية ، تستوعب كل الخصوصيات ، وتدفع بإرادتها تجاه البناء الوطني الشامل .. فالوطن في المحصلة النهائية ، هو إرادة جميع الخصوصيات في العيش المشترك .. وفي هذا المعنى يبدو الوطن وعاء فريدا وضروريا ،لأنه وطن التعايش والتعدد ، واستيعاب التنوع وإعادة إنتاجه وحدة وطنية متينة ..
ولنتذكّر دائما : أن التنوع إذا أُحسنت إدارته والتعامل معه ، تحول إلى ثروة فعلية ، تزيد من آفاق المجتمع وروافده الإنسانية ..
ووفق هذه الرؤية ، ينبغي أن نتعامل مع كل تنوع أو تعدد متوفر في الفضاء الوطني ..
ووحدتنا وتلاحمنا الداخلي ، بحاجة بشكل دائم إلى هذه الرؤية التي تثري مضامين الحوار والوحدة على الصعيدين الوطني والإنساني ..
إذ إننا نعتقد أن الوحدة التي تبنى على قاعدة الحرية والمشاركة والمسؤولية المتبادلة ، هي الوحدة الصلبة والقادرة على إفشال كل مخططات التفتيت والتجزئة ، كما أنها هي التي تؤهل المجتمع للانخراط في مشروع بناء قوته وعزته على أسس حضارية وإنسانية متينة ..
والتعايش الذي نقصده لا يعني الذوبان أو الإنهاء القسري للاختلافات والتباينات أو تجميدها ، وإنما يعني وببساطة شديدة الاعتراف بحق الاختلاف وواجب المساواة ..
فالاختلافات بين البشر حالة طبيعية وجبلّة إنسانية ، وينبغي أن لا تقود هذه الاختلافات إلى انتهاك الحقوق أو التعدي على حقوق الآخرين المادية والمعنوية ، وإنما ينبغي أن تضبط بواجب المساواة .. بحيث لا تكون الاختلافات والتباينات تشريعا للانتقاص أو الانتهاك أو الظلم والعدوان وإنما إلى المساواة في الحقوق والواجبات .. فالتعايش هو الموازنة الفذة والضرورية والدائمة لحق الاختلاف وواجب المساواة .. إن هذه المعادلة التي توازن بين الاختلاف والمساواة هي حقيقة التعايش في المجتمعات الإنسانية ..
فالمجتمعات الإنسانية بطبعها ، تعيش حالة التنوع والتعددية ، وفك الارتباط بين مفهوم الاختلاف ، ومفهوم المساواة ، هو الذي يقود ويؤسس إلى علاقة سلبية بين مختلف المكونات والتعبيرات .. لهذا فإن المشكلة الجوهرية ليست وليدة الاختلاف والتمايز بين الناس ، بل هي وليدة خلق الفجوة والمسافة بين الاختلاف والمساواة .. لهذا فإن كل جهد يبذل في سبيل تجسير الفجوة بين الاختلاف والمساواة هو جهد تعايشي ، ويخدم قضية التعايش بين أبناء الوطن الواحد ..
لهذا كله ومن أجل تعزيز خيار التعايش في مجتمعنا ووطننا ، نود التأكيد على النقاط التالية:
* تعرية كل التصرفات والممارسات التي تعمق الفجوة بين الاختلاف والمساواة ..
فالاختلاف بكل مستوياته ، ليس مبررا لعدم المساواة في الحقوق والواجبات .. وكل ممارسة تستهدف خلق الفجوة والمسافة بين الاختلاف والمساواة ، هي ممارسة على النقيض من مشروع التعايش ، لذلك ينبغي تعريتها وفضحها ورفع الغطاء الديني والاجتماعي عنها ..
* العمل على تنقية البيئة الاجتماعية والوطنية من أمراض القطيعة والفئوية الضيقة وحالات الانغلاق والانكفاء والانطواء ..
فلا يمكن أن ننجز مفهوم التعايش في مجتمعنا في ظل سيادة نزعة التعصب والقطيعة والانكفاء المتبادل .. فالعزلة الشعورية والعملية ، لا تقودان إلى تعايش ، بل إلى تحاجز بين أبناء المجتمع الواحد لاعتبارات فكرية أو سياسية أو اجتماعية ، يستهدف ويقتضي العمل على إنهاء الحواجز النفسية والثقافية بين المواطنين ، وتفكيك مبررات الانطواء والانكفاء ..
والتعايش يقتضي أيضا تنشيط حالات الانفتاح والتواصل ، وخلق الثقافة الداعمة والمعززة لهذا الخيار والتوجه ..
فلا تعايش بدون انفتاح وتواصل ، فهما بوابة التعايش الأساسية ..
وحينما نتحدث عن (التعايش بين أبناء الوطن الواحد) فإننا نتحدث عن السياسات التعليمية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، التي ينبغي أن تساهم في تعزيز خيار التعايش ، وتنهي كل المفردات والقضايا المضادة لمشروع التعايش على مستوى المناهج أو الأداء والممارسة ..
وهذا بطبيعة الحال يقودنا إلى مشروعات الدمج بين المكونات الوطنية المتعددة ، لأنه وببساطة شديدة المجتمع السعودي متعدد ومتنوع ، ولا يمكن بناء هوية وطنية مشتركة ، إلا على قاعدة الاعتراف بحقيقة التنوع في المجتمع السعودي ، والعمل على بناء مشروع متكامل للاندماج الوطني ..
أي أننا في الوقت الذي نعترف فيه بحقيقة التعددية ، في ذات الوقت ، لا ندعو إلى التحاجز بين هذه التعدديات أو الانحباس المتبادل ، وإنما ندعو إلى بناء مشروع وطني للاندماج يستوعب جميع التعدديات ، ويعلي من شأن الانتماء الوطني المشترك لجميع المواطنين ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.