ولم يكن "تيرمان" يهتم باستقدام العاملين إلى مجالات العلوم فقط، بل أحضر أيضًا أفضل الأسماء في مجال القانون مثل أستاذ القانون الدستوري "جيرالد جونتر" في عام 1962، مما كان حافزًا لكلية القانون لأنْ تصبح من أفضل الكليات في البلاد. كما ركز بعد ذلك اهتمامه على الاقتصاد والعلوم السياسية وفي عدد من مجالات العلوم الإنسانية. لكن بسبب اهتمامه بميزة التنافس، منح تركيزًا أقل للعلوم الإنسانية خلال فترة إدارته. وكان في الحقيقة واثقًا بقدرته على قياس الكفاءة في العلوم والهندسة وعلى الوصول إلى أصحاب القدرات الهائلة في هذه المجالات وتحقيق الإنجازات أكثر من حركته في مجال العلوم الإنسانية ذات الطبيعة البطيئة نسبيًا. ولكنه حاول إيجاد المناصب المشتركة بين الفنون والعلوم والكلية الطبية وجعل ذلك قابلا للتعديل عند تأسيس أبنية أو مرافق أخرى تشجع على البحث والتعليم، وآمن بفكرة التوظيف بصورة جماعية حتى لو كلفت الكثير. كان "تيرمان" مُحقًّا في رأيه أن الكفاءة تنتج الكفاءة، ففي الحقيقة تقود الكفاءة أيضًا إلى الموارد والشهرة المتتابعة، وتظهر نتيجة التفوق في أبعاد مختلفة. فقد زاد الدعم المالي بمعدل ثلاثة أضعاف ما كانت تتلقاه الجامعة، فكانت الفاتورة كبيرة جدًا، والحصول على المال اللازم لدفعها يطلب جهودًا ضخمة. مع ذلك تزودت "ستانفورد" بالطموح من جديد مع نجاحها في تعيين أفضل العلماء والباحثين. وقد وصف الجامعة "والاس ستيجنر" (Wallace Stegner) وهو كاتب معروف وأستاذ في جامعة "ستانفورد"، ب"الجامعة التي تقترب من قمة العظمة". لقد آمن "تيرمان" بالابتكار، الذي يضمن أيضًا الابتكار في قيادة جامعة بأكملها، ورغب أن يطبق أساليب غير تقليدية لم تجربها الجامعات القديمة في شرق البلاد. لقد جعلته خبرته مشاكسًا قويًا للمشاركة بين الصناعة والحكومة أكثر مما كانت عليه "هارفارد" في خمسينيات القرن العشرين مثلاً، لكنه لم يتقيّد بما قام به "معهد ماساشوستس التقني" الذي اهتم فقط بمجالات معينة من البحث. فشجع أي بحث مبنيٍّ على حب الاستطلاع واهتمامات أعضاء فرديين. ومن أقوال "تيرمان": «إن الجامعات موارد طبيعية مثل المواد الخام والنقل والمناخ وغيرها، وتجد الصناعة أن مكانًا في مركز العقل أكثر أهمية من مكان بالقرب من الأسواق القريبة والمواد الخام ووسائط النقل وعمال المصانع، في سبيل تحقيق إنجازات تتصف بالإبداع العلمي والتقني العالي». ومع تحقيق المنجزات الهائلة، تعرض "تيرمان" لمخاطر وصعوبات، ولكن تلك المخاطر أثبتت فائدتها عبر الزمن من خلال التطور الحقيقي للعلوم البيولوجية والطبية والفيزيائية. واليوم بعد نصف قرن، يعدّ المركز الطبي في ستانفورد واحدًا من أفضل المراكز في العالم، والذي يأتي دائمًا بالمعجزات الطبية والاكتشافات الحديثة، ويحصل سنويًا على حوالي 300 مليون دولار لدعم البحث والطلاب من المعاهد الوطنية للصحة وحدها. والحقيقة أن جهود "تيرمان" أعطت "ستانفورد" دفعًا قويًا في تصنيف أفضل الجامعات في أمريكا، فعندما عُيِّن "تيرمان" مديرًا لستانفورد، كانت تُصنف في المراتب ما بين الثالثة عشرة إلى الخامسة عشرة في قوائم أفضل عشرين جامعة في البلاد، ثم ارتفعت مرتبتها في التصنيف نسبيًا بصورة ثابتة في العقود التالية. وبحلول عام 1970، تم تصنيف برامج الدكتوراه كلها في "ستانفورد" ما عدا تلك التي في العلوم الإنسانية من بين أفضل عشرة أقسام في أمريكا، وحلت معظم أقسام العلوم والهندسة في المراتب الخمسة الأولى. وهو مسار متقدم ملحوظ، إذا ماعرفنا أن ثمن النهوض في التصنيفات متزايد في التكلفة.