التوصيات التي خرج بها منتدى جدة الاقتصادي لهذا العام، كانت "غير" هذه المرة، فقد خرج المنتدى من عباءة صيغته الاحتفالية (غير المفيدة) سابقاً، إلى صيغة أكثر عملية وخدمة للوطن، وهو ما نتطلع إليه من منتدياتنا ومؤتمراتنا المرتبطة بالشأن التنموي الوطني والاقتصادية منها على نحو خاص. والذي قرأ توصيات منتدى جدة الاقتصادي العميقة التي طالبت بتحول المملكة إلى مركز مالي أكثر عالمية، وفتح سوق الأسهم أمام المستثمرين الأجانب، وإنشاء قاعدة مؤسسية للمستثمرين، إضافة إلى تطوير سوق محلية سعودية للسندات المالية، وزيادة نسب الأسهم المعروضة للتداول، وتشجيع مجموعة كبيرة من شركات القطاعات المختلفة إلى الانضمام إلى الشركات المدرجة في سوق الأسهم، وغيرها من التوصيات التي شملت محورين أساسيين: أحدهما موجه نحو العامة التي تخص الاقتصاد العالمي، بينما ركز الآخر على اقتصاديات المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، يحس بصدق عزم الغرفة على التحول من العمل "العلاقاتي" و"البهرجة الإعلامية" إلى العمل المنهجي الإستراتيجي الذي يخدم الوطن ويساهم في جهود التنمية الوطنية، ولعلّ أحد أهم بدايات إصلاح ذلك المنتدى أن عهد إلى أحد المراكز الاستشارية السعودية الشهيرة بتولي كل ما يتعلق ببرامجه ومحاوره العلمية، الأمر الذي انعكس بفاعلية إيجابية على نتائجه، وهو ما كان الجميع يطمح إليه، ولعلّ في تجربة غرفة جدةالجديدة من خلال تنظيم ذلك المنتدى ما يجعلنا نطالب بقية قطاعاتنا الحكومية والخيرية والخاصة بأن تتحول مؤتمراتها وملتقياتها من "استعراض لغوي وضياع وقت في تفسير المصطلحات والعبارات، وعلاقات عامة، وبهرجة إعلامية" إلى عمل وطني منهجي منظم، وتوصيات رشيدة قابلة للتنفيذ وبعيدة كل البعد عن "الشطحات" التي تضر جهود التنمية الوطنية أكثر من أن تنفعها، وهو ما يؤكد عليه دوماً خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني -يحفظهم الله جميعاً -ولعلّ في كلمة خادم الحرمين الشريفين أمس الأول في مجلس الشورى ما يمكن اعتباره وثيقة شرف للعمل الوطني القادم الذي يسعى صادقاً لخدمة الوطن دون شطحات أو تشنجات أو غوص في أعماق موضوعات لا تسمن وطناً ولا تغني مواطنيه من جوع، بل ربما أضاعت الوقت والجهد والمال دون نتيجة تذكر .. فهل تحمل لنا مؤتمراتنا ومنتدياتنا وملتقياتنا في قادم الأيام ما يخدم الوطن ويقبل التطبيق؟ إنها أمنية.