مجموعة حكايات في حكاية! حكاية من وحي الخيال لا علاقة لها بالواقع! قد يكون الواقع أكثر شراسة وسوادا! أقول قد! في صغرها كانت تلعب مع أطفال الحارة وتغني "التعلب فات فات" وهي تدور حولهم وقد تجمعوا في حلقة دائرية، كان الدوران حول الحلقة هذه يشكل لعبة مسلية ممتعة، ولم تكن تعرف أنها منذ ذلك اليوم لن تكف عن اللف و الدوران! حين تخرجت من كليتها بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف تفاجأت بتعيين إحداهن معيدة وتجاوزها رغم تفوقها، هي تعبت من الاتصال هنا وهناك في محاولة لمعرفة مصير أوراق تعيينها، واضطر أبوها حين كان بكامل صحته أن يركض هنا وهناك ويلف ويدور عل أوراقها تمشي، لكن أوراق تعيينها نامت في أحد الأدراج ونسيها الجميع. وفّقت هي في وظيفة جيدة في مكان آخر، راتبها بالإضافة لراتب أبيها التقاعدي يمكنهم من العيش مستورين، إخوتها انتشروا في بقاع الأرض منهم من يدرس خارج الوطن ومنهم من يعمل في منطقة بعيدة، والأب مريض يعاني من "الزهايمر" بالإضافة لأمراض عضوية أخرى، أمها تمشي على عكاز، وهي ما بين وظيفتها التي لا تستطيع الاستغناء عنها ماديا وبين مراعاة والديها، تتناوب هي ووالدتها على رعاية الأب المريض والصغار الذين تركهم أخوها بعد أن طلق زوجته... العاملة المنزلية تساعدهم أحيانا، لكن أعمال المنزل لاتنتهي. نحن قد لا نفهم صعوبة رعاية مريض مصاب بتلف في خلاياه العقلية، ولا نعرف معنى أن يصاب بنوبة ذعر أو أن يعود طفلا يحتاج لمن يطعمه ويسقيه ويغير له ملابسه ولا نفهم معنى أن تظل مستيقظا طوال الليل خائفا من أن يغافلك ويخرج من باب المنزل .الآن وقد رسمت لكم الصورة أترك لكم تخيل أيامها مع أبيها ومع أمها التي تعيش على حبوب الضغط والسكر وموسعات الشعب الهوائية وأدوية القلب! الكل يشير عليها بأن تحاول الحصول على ممرضة تساعدهم لكن كيف السبيل وباب التأشيرات مغلق في وجهها؟ وهي لا تعرف لماذا تغلق الأبواب في وجهها خاصة وأنها لا تبحث عن عاملة منزلية تحمل عنها العباءة أو تحرس حقيبتها الجلدية الفاخرة؟ أشاروا عليها بمحاولة الحصول على ممرضة أو عاملة منزلية من السوق المحلية لكن المبالغ المطلوبة- بدون أن نحسب راتب العاملة/ الممرضة الشهري- تتجاوز دخل عائلتها نعم نحن نتحدث عن مبالغ تصل للعشرين ألف ريال تسلم للشخص قبل الحصول على الممرضة، هي لم تيأس ما تزال تتصل بهذا وذاك في محاولة للحصول على ممرضة بمبلغ معقول، لكن المبالغ المطلوبة فوق طاقتها، وطريقها مسدود مسدود مسدود! ماتزال صاحبتنا تلف وتدور باحثة عن حل، باحثة عن مخرج!