استكمل مجلس الشورى خلال جلسته العادية السادسة والسبعين للسنة الثالثة من الدورة الرابعة التي عقدها أمس برئاسة معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، مداولاته بشأن التقريرين السنويين لوزارة الخارجية للعامين الماليين 1426/1425ه - 1427/1426ه المقدمين من لجنة الشؤون الخارجية، وذلك بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية. وافتتح معالي رئيس المجلس أعمال الجلسة بكلمة قال فيها: "يسرني باسمي وباسم زملائي أعضاء المجلس أن أرحب في مستهل هذه الجلسة بصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وصحبه الكرام، ويأتي هذا الحضور الكريم للإجابة على استفسارات أعضاء المجلس بشأن بعض الأمور المتعلقة بموضوعات تقرير وزارة الخارجية للعام المالي 1426/1425ه - 1427/1426ه الذي درسه المجلس مؤخراً وغيرها من الموضوعات الداخلة في اختصاص الوزارة. يأتي حضوركم اليوم استكمالاً للدعم الكبير، والرعاية السامية من لدن ولاة الأمر - حفظهم الله - للمجلس للاضطلاع بأدواره في كل ما يخدم بلادنا - حرسها الله - ومواطنيها سواءٌ كانوا مقيمين على ثراها أو ممن اقتضت ظروفهم العملية أو العلمية السفر خارج البلاد. وإننا في مجلس الشورى نقدر لسموكم حضوركم لإطلاع أعضاء المجلس على مواقف المملكة وسياساتها تجاه عدد من المستجدات الإقليمية والدولية والبحث فيما يستهدف المصلحة العامة. لا يخفى على المتابع أنه منذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والسياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية تقوم على مبادئ وثوابت من أهمها وأبرزها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، ودعم العلاقات مع الدول العربية والإسلامية بما يخدم المصالح المشتركة ويحفظ الحقوق المشروعة، وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة والقيام بدور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية. يمثل موقع المملكة العربية السعودية على خارطة العالم الإسلامي أحد الأسس الرئيسة في تحديد أولويات السياسة الخارجية السعودية حيث عملت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها على تكريس قدراتها وثقلها السياسي والاقتصادي لخدمة قضايا العالم الإسلامي وتحقيق أسباب ترابطه وتضامنه استناداً إلى حقيقة الانتماء إلى عقيدة واحدة، وأن التضامن والتكافل الإسلامي هو السبيل لاستعادة المسلمين لمكانتهم وعزتهم. وفي سبيل تحقيق ذلك سعت المملكة وبادرت مع شقيقاتها الدول الإسلامية بإقامة منظومة من المؤسسات الإسلامية الحكومية وغير الحكومية ومنها رابطة العالم الإسلامي في عام 1962م، ومنظمة المؤتمر الإسلامي في عام 1969م واحتضنت المملكة مقريهما، وأسهمت إسهاماً فاعلاً في تسوية المنازعات بين الدول الإسلامية بالطرق السلمية، وتقديم المعونات الاقتصادية للدول والمجتمعات الإسلامية ذات الإمكانيات المحدودة، وتقديم المساعدة والإغاثة العاجلة للدول الإسلامية المنكوبة، ومناصرة المسلمين والدفاع عن قضاياهم، كما يتجلى من السياسة السعودية على الصعيد الدولي التزامها بالمواثيق والأعراف الدولية المنظمة لعلاقات الأمم والشعوب ومعارضتها استخدام القوة في العلاقات الدولية، والعمل على تنمية العلاقات الودية، وشجب الإرهاب ومحاربته، وتبني علاقات وشراكات تقود إلى ترسيخ قواعد العمل المستقبلي بين الأجيال، وتباشر وزارة الخارجية في هذا السياق أدواراً فاعلة في بيان سياسات المملكة وحماية مصالحها ورعاياها والتنسيق مع أجهزة الدولة ومؤسساتها فيما يخدم الصالح العام. ومجلس الشورى وهو يقدر الجهود التي تبذلها وزارة الخارجية يؤمن بضرورة المراجعة والمدارسة تطلعاً للأفضل ومواكبةً للعصر وتمشياً مع خطى الإصلاح التي ينتهجها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - وتكاملاً ناجحاً بين مؤسسات الدولة وأجهزتها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". إثر ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل كلمة أطلع فيها المجلس على الكثير من الأمور المتعلقة بأداء وزارة الخارجية بجانب إلقائه الضوء على السياسة الخارجية التي تنتهجها المملكة العربية السعودية إزاء العديد من القضايا والأحداث التي تشهدها الساحتان الدولية والإقليمية وخاصة الأوضاع في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، والدور الذي تقوم به الوزارة، وما تحظى به المملكة العربية السعودية من ثقل ومكانة على الصعيدين الدولي والإقليمي. عقب ذلك قام سمو وزير الخارجية بالإجابة على المداخلات التي أبداها أعضاء مجلس الشورى، حيث أوضح سموه فيما يتعلق بمدى توظيف المملكة لعلاقاتها الإستراتيجية التي تربطها بعدد من الدول لاسيما الولاياتالمتحدةالأمريكية، أن علاقة المملكة بالولاياتالمتحدةالأمريكية تنطلق من مستوى الندية في التعامل منذ تأسيس العلاقات بين البلدين في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، والمتابع يستطيع أن يلاحظ ذلك انطلاقا من الوزن والمكانة التي تتمتع بها المملكة في مختلف القضايا، وبالطبع فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية دولة عظمى ولها تأثير كبير حيث يتم التركيز عبر تلك العلاقات الإستراتيجية على دعم المصالح المشتركة بين البلدين وكذلك القضايا ذات الاهتمام. وحول الوضع العربي والقمة العربية المرتقبة أبان سموه أن المملكة حريصة كل الحرص على استقرار الأوضاع العربية وتميز العلاقات التي تجمع الدول، وذلك بالسعي الدؤوب عبر جامعة الدول العربية لتقديم الحلول والمقترحات الرامية لتحقيق الاستقرار للأوضاع السياسية والاقتصادية العربية وإبعادها عن النزاعات وبذل الجهود الهادفة إلى تجمّع الأشقاء العرب وإبعادهم عن القطيعة والإسهام بكل ما يمكن أن يحقق وحدة الصف العربي، ونحن الآن أمام اجتماع مقبل لمجلس جامعة الدول العربية ومن المنتظر أن يتم خلاله إلقاء الضوء على كافة الأمور التي تتعلق بانعقاد قمة القادة العرب، والمملكة تنظر لهذه القمة بمثابة التلاحم للصف العربي ووحدته. وأطلع سمو وزير الخارجية أعضاء مجلس الشورى على الجهود الكبيرة التي تقوم بها المملكة خارجيا إزاء القضايا والأحداث التي تشهدها الساحة العربية لاسيما الوضع الفلسطيني والانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والجهود الرامية لوقف تلك الانتهاكات، بجانب الوضع في لبنان وسبل استقراره، والعراق، وغيرها من المناطق العربية. ولفت سموه إلى ما قدمه مجلس الشورى من عون ودعم لوزارة الخارجية تجاه قيامها بالدور المنوط بها والعمل الذي تضطلع به في ظل الإمكانات والموارد المتاحة لها، مقدما سموه الشكر والتقدير لكل ما يتم بذله من جهود تحت قبة هذا المجلس الذي أسهم في تقديم الرؤى والمقترحات والخطط لتطوير ورفع الأداء والكفاءة للوزارة ونحن نقدر لمجلس الشورى وقوفه بجانب الوزارة الأمر الذي اثمر عددا من القرارات التي سترى النور في المستقبل القريب. إلى ذلك، استكمل مجلس الشورى مداولاته لما تضمنه جدول الأعمال من أجندة وموضوعات، حيث ناقش توصيات لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب تجاه التقريرين السنويين لوزارة الشؤون الاجتماعية للعامين الماليين 1426/1425ه - 1427/1426ه.