أكد نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين المهندس خالد بن صالح المديفر أن منطقة جازان تمثل محورًا رئيسًا لنمو قطاع التعدين والصناعات التحويلية في المملكة، موضحًا أن قيمة موارد التعدين فيها تُقدّر بنحو (127 مليار ريال)، وتشمل الموارد الصناعية ومواد البناء إلى جانب معادن استراتيجية أبرزها الذهب والنحاس. وجاءت هذه الأرقام خلال لقائه سمو نائب أمير منطقة جازان الأمير ناصر بن محمد بن جلوي، في سياق حديثه عن الفرص الواعدة ودور المنطقة في تعظيم إسهام التعدين في الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية تحتضن استثمارات صناعية تتجاوز (114 مليار ريال). موقع على الخارطة وتضع هذه المعطيات منطقة جازان على خريطة التعدين السعودية كقاعدة موارد متنوعة تتقاطع فيها المواد الأولية ذات الاستخدامات الإنشائية والصناعية مع المعادن الاستراتيجية الأعلى قيمة، وهو ما يتيح بناء سلاسل قيمة متكاملة من الاستكشاف والاستخراج إلى المعالجة والتصنيع المتوسط والنهائي، وهذا التنوع يخفف من المخاطر الدورية المرتبطة بتقلبات الأسواق، ويمنح المستثمرين خيارات مرنة لتطوير محافظ مشروعات تتوزع بين منتجات كثيفة الاستخدام محليًا، ومنتجات متقدمة موجهة للتصدير. بيئة مساندة وتؤشر الاستثمارات الصناعية في المدينة المتخصصة إلى تشكّل بيئة إنتاجية مساندة لسلاسل الإمداد المعدنية، سواء عبر توفر البنية التحتية الصناعية واللوجستية أو من خلال وجود قاعدة مزوّدين وخدمات مساندة قادرة على خفض كلفة التشغيل والرفع من الاعتمادية، وتصب هذه المنظومة في هدفين متلازمين: تعميق المحتوى المحلي، وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المعدنية السعودية في أسواق الإقليم والعالم. أثر مباشر من الناحية الاقتصادية، تعني موارد بقيمة (127) مليار ريال واستثمارات تتجاوز (114) مليارًا أن جازان مرشحة لتوليد أثر مباشر في الناتج المحلي عبر القيمة المضافة للصناعات التعدينية والتحويلية، وأثر غير مباشر عبر تنشيط قطاعات النقل والمناولة والمقاولات والخدمات الفنية، كما يُتوقع أن تسهم في خلق وظائف نوعية في تخصصات هندسة التعدين والكيمياء الصناعية وتشغيل المصانع وإدارة الجودة والسلامة، إلى جانب فرص لريادة الأعمال أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة في سلاسل الخدمات والمكوّنات. مرتكزات القطاع ويرتكز نجاح قطاع التعدين في جازان على ثلاث ركائز تكاملية، الأولى: وضوح الإطار التنظيمي والتمكيني الذي يعزّز جدوى الاستثمار ويضمن سرعة الإجراءات وتوازنها مع متطلبات الحوكمة البيئية والاجتماعية. الثانية: توافر البنية الصناعية التي تستوعب مشروعات المعالجة والصهر والتشكيل وتربطها بممرات تجارية فعّالة. والثالثة: القدرة على الارتباط بالطلب المحلي والإقليمي؛ فمواد البناء والموارد الصناعية تدعم دورة المشروعات الوطنية، فيما تمنح المعادن الاستراتيجية نافذة إلى سلاسل توريد عالمية لقطاعات الطيران والطاقة والتقنيات المتقدمة. رفع الكفاءة وعلى صعيد الاستدامة، يتجه القطاع إلى رفع كفاءة استخدام الموارد وتقليل الفاقد من خلال تقنيات المعالجة الحديثة، وتطوير حلول لإدارة المخلفات وتحسين كفاءة الطاقة والمياه داخل العمليات، وهذا التوجه ليس خيارًا تجميليًا، بل شرط تنافسي يرفع من قبول المنتجات في الأسواق التي تضع الأثر البيئي ضمن معايير التوريد. كما يعزّز ثقة المؤسسات المالية ويخفض كلفة التمويل للمشروعات المنضبطة بيئيًا. مسارات التأهيل أما في ملف رأس المال البشري، فتبرز الحاجة المستمرة إلى برامج تدريبية متخصصة بالتعاون مع الجامعات والمعاهد التقنية، إلى جانب مسارات التأهيل أثناء العمل داخل المصانع، ويُعد الاستثمار في المهارات التقنية والرقمية وإدارة السلامة عاملًا فارقًا لتحسين الإنتاجية والحد من توقفات التشغيل، بما ينعكس مباشرة على الجدوى الاقتصادية للمشروعات. DDعناقيد صناعية وتتيح هيكلة الموارد في جازان فرصًا لقيام عناقيد صناعية ترتبط بكل معدن أو مجموعة معادن، بحيث تتجاور منشآت الاستخراج والمعالجة مع مصانع المنتجات الوسيطة والنهائية، وهذا النمط يقلل زمن النقل بين المراحل، ويرفع من نسبة القيمة المضافة محليًا، ويُشجع تدوير المخلفات الصناعية كمُدخلات لقطاعات أخرى داخل المنظومة ذاتها، كما يفتح الباب لتطبيقات بحثية مشتركة مع مراكز علمية لتطوير سبائك ومواد مركّبة تلبي الطلب الصناعي المتقدّم. وتتسق هذه التحولات مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تضع التعدين ضمن ركائز التنويع الاقتصادي، حيث تُظهر أرقام (127) مليار ريال مواردًا و(114) مليارًا استثمارات صناعية أن جازان تدخل مرحلة نضج أكبر في ربط الموارد الطبيعية بالتصنيع، بما يعزز الميزان التجاري عبر إحلال الواردات ورفع الصادرات، ويزيد من متانة الاقتصاد أمام الصدمات الخارجية من خلال قاعدة إنتاجية أوسع وأكثر تنوعًا. تحسين الترابط في ضوء ذلك، تبدو أولوية المرحلة في تعميق التكامل بين مشروعات التعدين والصناعات التحويلية القائمة والمخطط لها، وتحسين الترابط مع سلاسل الإمداد، واستقطاب مزيد من الاستثمارات التي تضيف قدرات في مجالات الصهر والتنقية والتشكيل المتقدّم، كما يُعدّ تسريع التحول التقني داخل المصانع، والارتقاء بالمعايير البيئية، وتوسيع برامج توطين المهارات، عناصر حاسمة للحفاظ على زخم القطاع واستدامة عوائده. ميناء جازان أثناء الإنشاء. (الصورة من مركز الإدارة الإقليمية بالشرق الأوسط لشركة تشاينا هاربور للانشاء)