تشير بيانات وتقديرات شركات مستقلة مختصة في معلومات تجارة السلع العالمية، لقفزة متوقعة لصادرات النفط السعودية مطلع 2026، بالتزامن مع استعداد العملاء في الولاياتالمتحدة وآسيا لتلقّي إمدادات أكبر وسط المخاوف من حدوث تخمة في سوق الخام. ومن المتوقع أن تتلقى شركات تكرير النفط في الصين نحو 50 مليون برميل من السعودية، على أن يجري تحميل هذه الشحنات الشهر المقبل، بما يعادل نحو 1.6 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى حجم مخصّص منذ أغسطس. ومن المرجّح أن تصل هذه الكميات في أواخر يناير أو في فبراير. وفي الوقت نفسه، تُظهر بيانات شركة "كبلر" المتتبعة لشحنات النفط عبر البحار، أن 509 آلاف برميل يوميًا من النفط الخام السعودي المتجه إلى الولاياتالمتحدة جرى تحميلها في نوفمبر. وتقدّر وحدة "أويل إكس"، التابعة لشركة "إنرجي أسبكتس"، أن تصل واردات النفط السعودي إلى الولاياتالمتحدة في يناير إلى 594 ألف برميل يوميًا، مسجلة أعلى مستوى منذ 2022، ما يضغط على أسعار النفط في سوق ساحل خليج أميركا. طلب المشترون الصينيون 49.5 مليون برميل من النفط الخام السعودي لشهر يناير، وهو تغيير جذري مقارنةً ب 36 مليون برميل طُلبت في ديسمبر، وذلك بعد أن خفضت شركة أرامكو السعودية فارق سعر خام العربي الخفيف إلى أدنى مستوى له منذ ما يقرب من 5 سنوات. كانت كميات النفط الخام الواردة للصين عبر البحار في نوفمبر أعلى من مثيلتها في أكتوبر. وارتفعت كميات النفط السعودي القادمة بمقدار 345 ألف برميل يوميًا مقارنة بأكتوبر، لتصل إلى أعلى مستوى لها في خمسة أشهر عند 1.59 مليون برميل يوميًا، مدفوعةً باستلام الشركات الصينية كميات كبيرة من الشحنات المحملة في أكتوبر، وفقًا لشركة تحليلات الشحن كبلر. في وقت خفضت شركة أرامكو السعودية سعر البيع الرسمي لخاماتها لشهر يناير المتجه إلى آسيا، بما يتراوح بين 20 و60 سنتًا للبرميل مقارنةً بشهر ديسمبر، لتحدد بذلك علاوة خامها العربي الخفيف الرئيسي عند 0.60 دولار للبرميل فقط فوق خامي عُمان ودبي، وهو أدنى سعر منذ يناير 2021 تتزامن طفرة الإنتاج السعودي للنفط، مع نمو الأنشطة النفطية منذ بداية العام وحتى الربع الثالث 2025، بنسبة 3.9 % وقد عزز هذا النمو قرار الدول الثمانية الأعضاء في مجموعة أوبك+ المشاركة في التخفيضات التطوعية، وذلك من خلال البدء في تنفيذ خطة تدريجية ومرنة لإنهاء تخفيض نوفمبر 2023 التطوعي الإضافي البالغ 2.2 مليون برميل يوميا ابتداء من شهر أبريل وحتى نهاية سبتمبر 2025. في وقت، شهدت أسواق البترول العالمية نموا في الطلب، مما انعكس إيجابيا على مستويات إمدادات المملكة من البترول الخام. وفي هذا السياق، سجلت إمدادات المملكة من البترول الخام في شهر سبتمبر 2025 ارتفاعاً سنوياً يقدر بنحو 1 مليون برميل يوميا، ليصل إجمالي الإنتاج إلى نحو 10.0 مليون برميل يومياً، أي ما يعادل نموا بنسبة 11 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق. كما بدأ تنفيذ خطة تدريجية ومرنة لإعادة تخفيض أبريل من العام 2023م التطوعي البالغ 1.65 مليون برميل يوميا، إذ تم إعادة نحو 137 ألف برميل يوميا في كل من شهري أكتوبر ونوفمبر من العام 2025. وبحسب ما تم الإعلان عنه في اجتماع الدول الثمان الأعضاء في مجموعة أوبك+ المشاركة في التخفيضات التطوعية، والمنعقد بتاريخ 5 أكتوبر 2025م، ستصل إمدادات المملكة في شهر نوفمبر من العام 2025م إلى مستوى 10.1 ملايين برميل يوميا. وقد ساهم الانتعاش القوي للأنشطة النفطية الذي يعد الأسرع منذ 3 سنوات في تحقيق الاقتصاد السعودي أعلى وتيرة نمو في الربع الثالث من العام الجاري والذي شهد تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 4.8 % على أساس سنوي، مقارنة مع نمو بنسبة 4.5 في الربع الثاني، و3.7 % في الربع الأول. ورفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في 2025 إلى 3.8 % بدلًا من 3.2 % في تقديراته السابقة، كما يتوقع نموًا حقيقيًا بنسبة 4.3 % خلال عامي 2026 و2027، مدعومًا بانتعاش القطاع النفطي واستمرار توسع الأنشطة غير النفطية. وكان البنك توقع في أكتوبر الماضي نمو اقتصاد المملكة بنسبة 4.3 % في 2026 و4.4 % في 2027. وكانت الأنشطة النفطية المحرك الرئيس للنمو خلال الربع الثالث، بعد أن سجل القطاع زيادة بنسبة 8.3 % وهي الأقوى منذ الربع الثالث لعام 2022. وجاء هذا النمو مع الرفع التدريجي لإنتاج النفط عقب انتهاء التخفيضات الطوعية لتحالف "أوبك+" نهاية أغسطس، حيث رفعت المملكة إنتاجها بنحو 547 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من سبتمبر، ثم أضافت زيادة جديدة بنحو 137 ألف برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر. أعلى مستوى في 18 شهرًا وارتفعت صادرات النفط إلى 6.42 ملايين برميل يوميًا في سبتمبر، وهو أعلى مستوى في 18 شهرًا، وبزيادة تتجاوز 600 ألف برميل يوميًا مقارنة بأغسطس مما أعاد للقطاع النفطي دوره المحوري في دفع النمو الاقتصادي. فيما نجح قطاع الطاقة السعودي بإنجاز مشاريع استراتيجية في 2025، وفي مقدمتها استبدال وتعظيم احتياطيات المملكة من البترول والغاز بتعويض 98.5 % من إنتاج عام 2024، من البترول الخام والمكثفات، وإضافة 8 تريليونات قدم مكعبة قياسية من الغاز الخام، بالإضافة إلى اكتشاف 13 حقلاً و12 مكمناً جديدا للبترول والغاز، مما أسهم في زيادة الاحتياطيات الهيدروكربونية المؤكدة في المملكة. إضافة إلى تفعيل تطبيقات التحول الرقمي في أنظمة وعمليات قياس الزيت والغاز، مما أسهم في رفع دقة احتساب الكميات المّقدرة بأكثر من 3.5 ملايين برميل، ونتج عنه عوائد بيع بقيمة 487 مليون ريال، وتم اكتمال تنفيذ 18 مشروعاً في برنامج إزاحة الوقود السائل، مما أسهم في إزاحة 67 ألف برميل مكافئ يوميا، ووصول إجمالي الوفورات المالية إلى نحو 24.7 مليار ريال، بما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، ومبادرة السعودية الخضراء، والوصول إلى مستهدف الحياد الصفري للمملكة بحلول العام 2060. ومن ضمن الخطط للعام القادم، زيادة السعة التخزينية لوقود الطائرات في مشروع مطار الملك سلمان الدولي لتلبية النمو في أعداد المسافرين، ويضم المشروع إنشاء ثلاث خزانات جديدة بشكل متزامن مع ازدياد حجم الطلب على وقود الطائرات حتى خطة العام 2040، لضمان أمن الإمداد للمطار، وكذلك استبدال وتعظيم احتياطيات المملكة من البترول والغاز باستبدال 100 من إنتاج العام 2025، من البترول الخام والمكثفات، وإضافة 7.5 تريليونات قدم مكعبة قياسية من الغاز الخام، للمحافظة على مكانة المملكة الريادية في أسواق البترول والغاز وضمان استمرارية أمن الطاقة المحلية والعالمية. فضلاً عن زيادة السعة الإنتاجية للغاز الطبيعي في المملكة بنسبة نمو 7 %. في حين، نجحت المملكة العربية السعودية في خفض اعتماد اقتصادها المباشر وغير المباشر على إيرادات مبيعات النفط من أكثر من 90 % إلى نسبة وصلت إلى 68 % حاليًا، وأصبحت الأنشطة غير النفطية تمثل الآن 56 % من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وهي نسبة تفوق الأنشطة النفطية والحكومية مجتمعة. من جهتها نجحت شركة أرامكو السعودية بزيادة الإنتاج بتكلفة إضافية طفيفة، وقامت بتوريد النفط والغاز والمنتجات المرتبطة بهما بشكل موثوق والتي يعتمد عليها عملاؤها، وهو ما أسهم في الأداء المالي القوي ونمو الأرباح الفصلية في الربع الثالث. وتواصل الشركة تعزيز قدراتها في قطاع التنقيب والإنتاج، مع اكتمال عددٍ من مشاريع النفط والغاز الكبرى، مؤخرًا، أو من المقرر أن تدخل حيز التشغيل قريبًا. وأعلنت أرامكو عن ارتفاع التوقعات لغاز البيع، حيث تستهدف الآن نموًا في الطاقة الإنتاجية لغاز البيع بنحو 80 % بين عامي 2021 و2030، مستفيدة من الإمكانات المتقدمة لديها. ويأتي جزء من ذلك من توسعة مشروع الغاز غير التقليدي في الجافورة، والذي استقطب اهتمامًا كبيرًا من المستثمرين الدوليين، وتظل إستراتيجية أرامكو تركز على النمو المعزز للقيمة مع تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، وتحقيق تكامل وثيق بين أعمالها، والاستفادة من التطورات التقنية لاستكشاف فرص تجارية جديدة. وتأتي توقعات زيادة الإنتاج السعودي، في وقت أظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة أن إنتاج النفط الأميركي ارتفع إلى مستويات قياسية في سبتمبر، مما زاد من المخاوف من أن السوق يتجه نحو فائض. ارتفع إنتاج النفط الخام الأميركي بمقدار 44 ألف برميل يوميًا في سبتمبر ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 13.84 مليون برميل يوميًا. وتوقع الاقتصاديون والمحللون أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 62.23 دولارًا للبرميل في عام 2026، بانخفاض عن توقعات أكتوبر البالغة 63.15 دولارًا. وأظهرت بيانات بورصة لندن أن متوسط سعر خام برنت بلغ 68.80 دولارًا للبرميل حتى الآن في عام 2025. من جانبها تقول وكالة الطاقة الدولية إن العالم يجب أن ينفق نحو 540 مليار دولار سنويًا على استكشاف النفط والغاز للحفاظ على الإنتاج حتى عام 2050، مع توقع إنفاق 570 مليار دولار في عام 2025.