الدولار يتعافى أمام تشكك الأسواق في بيانات التضخم

تداول مؤشر الدولار على مكاسب محدودة، في إغلاق الأسبوع الماضي، مواصلًا تسجيل أداء إيجابي على مدار الأسبوع، عقب تعافيه من تراجع بفعل بيانات التضخم التي جاءت أضعف من التوقعات يوم الخميس. وقال ميلاد عزار محلل الأسواق المالية لدى إكس تي بي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا: ورغم الضغوط المبكرة التي فرضتها البيانات على الدولار وعوائد سندات الخزانة الأميركية، إلا أن هذا التراجع سرعان ما تلاشى، وسط تساؤلات الأسواق حول دقة البيانات على خلفية الإغلاق الحكومي الأميركي الأخير.
كما أسهمت بيانات سوق العمل في تهدئة معنويات الأسواق، مع تراجع طلبات إعانة البطالة الأولية بنحو 13,000 طلب إلى 224,000 في الأسبوع المنتهي في 13 ديسمبر، وهي قراءة جاءت أقل من التوقعات وعاكست الارتفاع المسجل في الأسبوع السابق. وأسهم هذا التحسن المحدود في تهدئة التوقعات بشأن تسريع التيسير النقدي قريبًا، ما دعم الدولار وعوائد السندات. وعلى الصعيد الخارجي، تلقى الدولار دعمًا إضافيًا من تحركات العملات الرئيسية، حيث تراجع الين الياباني عقب رفع بنك اليابان معدلات الفائدة كما كان متوقعًا، في ظل غياب إشارات واضحة بشأن مسار التشديد المقبل. في المقابل، ظل اليورو ضعيفًا بعد قرار البنك المركزي الأوروبي الإبقاء على معدلات الفائدة عند 2 %، مع امتناع رئيسة البنك، كريستين لاغارد، عن تقديم أي توجيهات مستقبلية.
وحول النظرة المستقبلية للأسواق، تتجه الأنظار صوب القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي للربع المالي الثالث، المنتظر صدورها يوم الثلاثاء، مع توقعات بتراجع وتيرة النمو إلى 3.2 %. وفي حال ظهور إشارات على تباطؤ النشاط الاقتصادي، قد تتجدد الضغوط على الدولار وعوائد السندات، بينما قد يدعم استمرار متانة الأداء موجة التعافي الأخيرة. وبالتزامن مع اقتراب نهاية العام وانحسار السيولة، من المتوقع أن تتسم تحركات الأسعار بتقلبات أعلى، ما يعزز حساسية الأسواق تجاه البيانات القادمة.
أما الدولار الكندي، فقد استقر مقابل نظيره الأمريكي يوم الجمعة، مع تعافي أسعار النفط من بعض الانخفاضات الأخيرة، وبيانات محلية تشير إلى تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي. انخفضت مبيعات التجزئة الكندية بنسبة 0.2 % على أساس شهري في أكتوبر، بعد انخفاضها بنسبة 0.9 % في سبتمبر، نتيجة لانخفاض مبيعات متاجر الأغذية والمشروبات. وكان الاقتصاديون يتوقعون استقرارًا في المبيعات.
وكانت التقديرات الأولية لشهر نوفمبر أكثر تفاؤلًا، حيث أشارت إلى انتعاش المبيعات بنسبة 1.2 %. وقال تياجو فيغيريدو، خبير استراتيجيات الاقتصاد الكلي في ديجاردان، في مذكرة: "بشكل عام، تشير أرقام اليوم إلى أن الإنفاق الاستهلاكي ظل راكدًا نسبيًا حتى الآن في الربع الأخير من العام، على الرغم من بعض التقلبات الشهرية".
بينما يراقب بنك كندا عن كثب ضعف الاستهلاك، إلا أن هذه الأرقام ليست ضعيفة بما يكفي لحثّ محافظي البنوك المركزية على اتخاذ أي إجراء. في وقت سابق من هذا الشهر، أشار بنك كندا إلى احتمال إنهاء حملة التيسير النقدي بخفضه سعر الفائدة الرئيسي إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات عند 2.25 %. استقر سعر صرف الدولار الكندي عند 1.3775 مقابل الدولار الأمريكي، أو 72.60 سنتًا أمريكيًا، بعد أن تراوح بين 1.3756 و1.3801. على مدار الأسبوع، لم تشهد العملة تغيرًا يُذكر بعد أن أظهرت البيانات المحلية أن التضخم يسير بوتيرة أبطأ من المتوقع. ويأتي هذا بعد ثلاثة أسابيع متتالية من المكاسب.
ارتفع الدولار الأمريكي (مؤشر الدولار الأمريكي) مقابل سلة من العملات الرئيسية مع انخفاض الين بشكل حاد. ورفع بنك اليابان أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها في 30 عامًا، لكنه لم يوضح موقفه من رفعها مستقبلًا.
ارتفع سعر النفط، أحد أهم صادرات كندا، بنسبة 1.2 % ليصل إلى 56.80 دولارًا للبرميل، في ظل ترقب السوق لأخبار حول اتفاق سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا. وشهدت عوائد السندات الكندية ارتفاعًا ملحوظًا، متأثرةً بتحركات أسواق الدين السيادي الأخرى عقب قرار بنك اليابان بتغيير سياسته النقدية. وارتفع عائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 3.7 نقاط أساسية ليصل إلى 3.481 %.
في حين، استقر الجنيه الإسترليني مقابل اليورو والدولار يوم الجمعة، بعد أن خفض بنك إنجلترا سعر الفائدة كما كان متوقعاً، بينما سجل أعلى مستوى له منذ عام 2008 مقابل الين، متأثراً بعمليات جني الأرباح عقب رفع بنك اليابان لسعر الفائدة الذي كان متوقعاً.
استقر الجنيه الإسترليني مقابل الدولار عند 1.3378 دولار، بينما انخفض اليورو بشكل طفيف إلى 87.55 بنساً. مع ذلك، قفز الجنيه بنسبة 0.8 % تقريباً مقابل الين ليصل إلى 209.75، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس 2008، حيث جنى المتداولون أرباحاً من مراكزهم التي فتحوها قبل قرار بنك اليابان برفع سعر الفائدة.
مع اتخاذ البنكين المركزيين مسارين متعاكسين، وصل الفارق بين أسعار الفائدة لديهما إلى أضيق مستوى له منذ أربع سنوات، وهو ما كان من شأنه عادةً أن يعزز الين على حساب الجنيه الإسترليني. لكن الآن، ينصبّ اهتمام المتداولين على الوضع المالي لليابان على المدى الطويل أكثر من اهتمامهم بعائد العملة اليابانية في الوقت الراهن.
في غضون ذلك، خفّض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعًا، يوم الخميس، إلا أن التصويت المتقارب يشير إلى أن بعض صانعي السياسات لم يقتنعوا بضرورة المزيد من التيسير النقدي، نظرًا لأن التضخم - وهو الأعلى بين أغنى سبع اقتصادات في مجموعة الدول السبع - لا يزال مرتفعًا. وقال المحافظ أندرو بيلي إن الاتجاه العام لأسعار الفائدة هو الانخفاض، ولكن ربما بوتيرة أبطأ.
ارتفع الجنيه الإسترليني، الذي ارتفع بنسبة 1 % هذا الشهر حتى الآن، بنسبة تصل إلى 0.7 % في اليوم التالي لقرار بنك إنجلترا، ليختتم جلسة الخميس بمكاسب طفيفة بلغت 0.1 % فقط. ارتفع الجنيه الإسترليني، الذي ارتفع بنسبة 1 % هذا الشهر حتى الآن، بنسبة تصل إلى 0.7 % في اليوم التالي لقرار بنك إنجلترا، ليختتم جلسة الخميس بمكاسب طفيفة بلغت 0.1 %. وقال كريس تيرنر، الاستراتيجي في بنك آي إن جي: إن الجنيه الإسترليني تلقى دعمًا مبدئيًا من بنك إنجلترا، الذي لم يُبدِ ميلًا كبيرًا نحو خفض أسعار الفائدة كما توقع البعض، حيث أشار صناع السياسة إلى استمرار ارتفاع نمو الأجور ومعدل التضخم العام بشكل ملحوظ. لكنه أضاف أن قوة الجنيه الإسترليني قد لا تدوم طويلًا، وأن "على المستثمرين المتشائمين التحلي بالصبر".
وتابع: "نتوقع انخفاض توقعات الأجور في العام الجديد تماشيًا مع انخفاض معدل التضخم الرئيسي. عمومًا، ما زلنا نتوقع خفضًا في أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في فبراير وأبريل، مقارنةً بتوقعات السوق بخفض واحد فقط. وهذا يعني أن زوج اليورو/الجنيه الإسترليني سيواصل إيجاد دعم فوق مستوى 0.87".
وأظهرت الأسواق يوم الجمعة أن المتداولين يتوقعون خفضًا آخر على الأقل في أسعار الفائدة بحلول يونيو على أقصى تقدير، مع احتمال متساوٍ تقريبًا لخفض ثانٍ بحلول نهاية العام المقبل، ما سيؤدي إلى خفض سعر الفائدة الأساسي إلى 3.25 %، وهو أدنى مستوى له منذ أواخر عام 2022.