لولوة الفيصل ل«الرياض»: المعرض جاء ثريًا وجميلًا في تقديمه للمعلومات في مساء بدا وكأنه صفحة جديدة تُضاف إلى دفتر الثقافة السعودية، وقعت وزارة الثقافة ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية مذكرة تفاهم تُعيد صياغة العلاقة بين البحث العلمي والعمل الثقافي، وتفتح مسارًا معرفيًا تتقاطع فيه الذاكرة العربية مع أسئلة الحاضر وسياقات المستقبل. جاء التوقيع في مقر المركز بالرياض، حيث جمع المشهد بين صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وصاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة، في حضور قيادات وشخصيات ثقافية، بدا عليهم إدراكهم بأن ما يحدث ليس اتفاقًا إداريًا؛ بل تأسيس لمرحلة تُكتب بصوتين: صوت البحث، وصوت الهوية. من المذكرة إلى المعرض: عبور بصري في ذاكرة الفن وما إن انتهى التوقيع، حتى بدأت الرحلة الثانية، رحلة العين. إذ تجول سمو الأمير تركي الفيصل وسمو وزير الثقافة في أروقة متحف الفيصل للكتاب والصنائع العربية الإسلامية، حيث صيغت الحكاية هذه المرة عبر الضوء والقطع التي تحمل في تفاصيلها أثر اليد العربية القديمة، وإيقاعها الأول. وخلال الجولة، قدمت صاحبة السمو الملكي الأميرة مها محمد الفيصل، الأمين العام لمركز الفيصل، شرحًا ثريًا بدا أشبه بقراءة تاريخية لا لمقتنيات فحسب، بل لطبقات من الوعي العربي إذ أوضحت كيف جُمعت هذه المواد من أنحاء العالم، وكيف تمتد جذورها إلى مسارات ازدهرت فيها الحرفة العربية بوصفها شكلاً من أشكال التفكير، لا مجرد صناعة. وأكدت سموها أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة سرد أو توثيق، بل بيئة للمعرفة نفسها واجب علينا أن نُعلم أولادنا العلوم باللغة العربية فهي الجذر الذي نحفظ به هويتنا ونُبقي به معرفتنا حية. المعرض نفسه يشبه مدينة صغيرة من المعاني... منسوجات تحكي ذاكرة البيوت، نقوش تستعيد هندسة الروح، أدوات وقطع نادرة تعيد ترتيب العلاقة بين الفن والزمان، وخط عربي يقدم هنا بوصفه المفتاح الأول لكثير من الفنون في العالم، كما وصفه الأمير تركي الفيصل. حين تُستعاد المروية من جذورها الأولى.. وفي لحظة حملت بُعدًا فلسفيًا، طرح الزميل عبدالله الحسني سؤالًا على الأمير تركي الفيصل حول مستقبل المروية العربية في عالم تتصارع فيه السرديات. فأعاد سموه المشهد كله إلى نقطة البدء، مؤكدًا أن أول بيت وُضع ببكة كان الأساس الذي انطلقت منه البشرية، وأن الاكتشافات الأثرية الحديثة خصوصًا في منطقة "جازان" تكشف أن الحرف الأول خرج من الجزيرة العربية. بهذا المعنى، تصبح المروية العربية كما يراها سموه رواية تأسيسية للوعي الإنساني، وليست مجرد سرد محلي يواجه الآخر، بل خطابًا ينطلق من جذوره ليخاطب العالم بلغة لا تفقد أصالتها. التاريخ لا يُروى إلا معرباً بلغتنا التي أصلها القرآن.. وفي سياق الحدث، أكدت صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل ل«الرياض» أن من أهم ما يجب الحفاظ عليه في رواية التاريخ هو أن يُقدم معرباً، وباللغة التي حفظت الهوية منذ بدايتها اللغة العربية التي انطلق نورها من القرآن الكريم. وأضافت سموها أن المعرض جاء ثريًا وجميلاً في تقديمه للمعلومات، وأن طريقة عرض المحتوى تمنح الزائر إحساسًا بأنه لا يشاهد تراثًا فحسب، بل يستعيد جزءًا من ذاته. عندما يصبح التراث مشروعًا للغد.. بهذه الشراكة، وبهذا المعرض، بدت الرياض مدينة تستعيد سيرة الفن العربي، لا بوصفه ماضيًا، بل بوصفه جزءًا من مشروع معرفي يتشكل اليوم. فالواثق من جذوره، قادر على أن يكتب مستقبله. صاحب السمو الملكي تركي الفيصل في حديثه للزميل عبدالله الحسني صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل في حديثها للزميلة رؤى