شهد ملتقى ميزانية 2026 طرحاً موسعاً للتطورات الاقتصادية والتنموية في المملكة العربية السعودية، حيث استعرض عدد من الوزراء ما تحقق خلال الأعوام الماضية، مؤكدين استمرار مسار الإصلاح المالي والاقتصادي بما يعزز استدامة النمو وتنويع الاقتصاد ورفع جودة الخدمات. الجدعان: إنهاء تذبذب الإنفاق وربطه بالاحتياجات الفعلية من جهته أكد وزير المالية محمد الجدعان أن المملكة واجهت على مدى أربعة عقود تحديات تمثّلت في ارتباط الإنفاق الحكومي بالدورة الاقتصادية، ما كان يسبب تقلبات غير مرغوبة. وقال خلال جلسة حول التنمية المستدامة: "السنوات الثماني الماضية شهدت جهداً كبيراً لفصل الإنفاق عن الدورة الاقتصادية، بحيث لا يكون الإنفاق تابعاً لتقلبات أسعار النفط أو النمو المحلي والخارجي". وأوضح أن الإنفاق بات يُدار بآلية مدروسة تركّز على الأنشطة ذات الأثر الاقتصادي والخدمات الأساسية للمواطن، ما انعكس إيجاباً على نمو الاستهلاك والاستثمار، مشيراً إلى استمرار هذا النهج لثلاث سنوات مقبلة. وعن مستويات الدين العام، قال الجدعان إنها "غير مقلقة طالما أن العائد أعلى من التكلفة"، موضحاً أن الحكومة وضعت سقفاً بألا يتجاوز الدين 40 % من الناتج المحلي، مع الالتزام بعدم مزاحمة القطاع الخاص أو المواطنين أو الشركات الكبرى في احتياجاتهم التمويلية. وأشار إلى ارتفاع عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 500 ألف منشأة عام 2016 إلى 1.7 مليون منشأة، معظمها مملوكة للسعوديين، مما عزز الاستهلاك ودعم النشاط الاقتصادي. الإبراهيم: نمو غير نفطي قياسي و74 نشاطاً يتجاوز 5 % سنوياً وأوضح وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم أن اعتماد النشاط الاقتصادي على النفط انخفض من 90 % إلى 68 % خلال الأعوام الماضية، فيما وصلت إسهامات الأنشطة غير النفطية إلى مستوى قياسي بلغ 56 % من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. وبيّن أن 74 نشاطاً من أصل 81 حقق نمواً سنوياً يتجاوز 5 % خلال خمس سنوات، و37 نشاطاً تجاوزت نسبة نموها 10 %، فيما تجاوز النمو التراكمي للاقتصاد غير النفطي 30 % منذ 2016، وهو أعلى من معدل الاقتصادات المتقدمة البالغ 20 %. وأكد الإبراهيم أن المرحلة الحالية تركّز على "الإنجاز بالتكلفة الصحيحة" وتعظيم الأثر الاقتصادي، متوقعاً نمواً غير نفطي يتراوح بين 4.5 و6 %، معتبراً أن الذكاء الاصطناعي سيكون المسرّع الأكبر لهذا النمو. الراجحي: 2.5 مليون ريال في القطاع الخاص و94 % نسبة تحقيق مستهدفات السوق كشف وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أحمد الراجحي وصول عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص إلى 2.5 مليون موظف وموظفة، لافتاً إلى أن تنفيذ استراتيجية سوق العمل حقّق 94 % من مستهدفاته بعد خمس سنوات من إطلاقها. وأوضح أن الوزارة أصدرت أكثر من 50 قرار توطين شمل 600 مهنة، منها المحاسبة التي ارتفع عدد السعوديين العاملين فيها من 47 ألفاً إلى 119 ألفاً، والهندسة من 52 ألفاً إلى 218 ألفاً. كما أكد ارتفاع نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص إلى 53 %. السياحة: 105 مليارات إنفاق محلي و116 مليون سائح وأفادت نائبة وزير السياحة الأميرة هيفاء بنت محمد بأن السياحة المحلية تُعد ركناً أساسياً في النمو المستدام، حيث بلغ إنفاق السياح المحليين 105 مليارات ريال بنهاية الربع الثالث 2025 بزيادة 18 %، وأضافت أن عدد السياح وصل إلى 116 مليوناً من الداخل والخارج، فيما بلغ الإنفاق الكلي 275 مليار ريال، مشيرة إلى استهداف أسواق محددة أسفر عن ارتفاع السياح من أوروبا 14 % ومن شرق آسيا 15 %. الحقيل: 1.2 مليون مستفيد من برامج الإسكان و100 ألف وحدة جديدة من جانبه، أوضح وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد الحقيل أن السوق المالية ضخت 46.6 مليار ريال لدعم برامج الإسكان، مؤكداً خدمة أكثر من 1.2 مليون مستفيد بنهاية 2025، وسكن 920 ألف أسرة، وأشار إلى توقيع أكثر من 90 ألف عقد خلال العام الجاري، وإطلاق أكثر من 20 ألف عقد ضمن برامج البناء للتأجير، مع ضخ 60 ألف وحدة لهذا المسار و100 ألف وحدة للبيع على الخارطة العام المقبل، وأوضح أن 30 % من العمليات تُدار عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي في إطار التحول الرقمي. البنيان: التعليم يتحول إلى صناعة و200 مليار ريال دعم سنوي وأكد وزير التعليم يوسف البنيان أن رؤية 2030 أعادت تشكيل مفهوم التعليم ليصبح "صناعة لصنع المستقبل". وأشار إلى تخصيص أكثر من 200 مليار ريال للتعليم العام والجامعي والمهني، إضافة إلى 250 مليون ريال لتطوير المعلمين، و750 مليون ريال لتطوير المناهج، وأكثر من ملياري ريال لتعزيز البنية التحتية الرقمية. وأكد البنيان أن الاستثمار في التعليم أصبح استثماراً استراتيجياً يدعم التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة. الصناعات العسكرية: قفزة من 5 شركات إلى 344 شركة محلية وقال محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية أحمد العوهلي إن عدد الشركات المحلية في القطاع ارتفع من 5 إلى 344 شركة خلال ست سنوات، مع وصول المحتوى المحلي إلى 40 % في الإنفاق العسكري، وارتفاع الإنفاق على الصناعات العسكرية من 4 % في 2018 إلى 25 % في 2024. وأضاف أن 64 % من العاملين سعوديون وسعوديات، لافتاً إلى استحداث 140 قدرة صناعية جديدة ضمن جهود دعم سلاسل الإمداد وتعزيز فرص الاستثمار. من جهته أكد وزير النقل المهندس صالح الجاسر أن قطاع الطيران في المملكة يشهد نهضة غير مسبوقة، مشيراً إلى أن الطلبيات المؤكدة لشركات الطيران السعودية تتجاوز 500 طائرة، وهو رقم يعادل أربعة إلى خمسة أضعاف المستويات التاريخية. وأشار الجاسر، إلى ارتفاع عدد الوجهات الدولية من 100 وجهة قبل الجائحة إلى 172 وجهة حالياً، مع استهداف الوصول إلى 250 وجهة بحلول 2030، لافتاً إلى أن الاستثمارات في البنى التحتية للمطارات تشهد توسعاً كبيراً، من بينها مشروع مطار الملك سلمان الدولي الذي سيكون أحد أكبر مطارات العالم، وتوسعة مطار الملك عبدالعزيز، إلى جانب المشاريع الجارية في المطارات الإقليمية. وكشف الجاسر أنه سيتم خلال العام المقبل افتتاح مطار جازان الجديد ومطار الجوف، إضافة إلى التوسعات في مطار الرياض، كما سيتم إطلاق الناقل الوطني الجديد في المنطقة الشرقية ليبدأ تشغيل رحلاته من مطار الملك فهد الدولي في الدمام. وأكد الوزير أن قطاع النقل يشهد نهضة كبيرة بفضل الإصلاحات الهيكلية، ويسير بخطى ثابتة نحو المستهدف الرئيس للاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، وهو تحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي ونموذج للتنقل المتكامل.وأوضح أن هذه النهضة تعتمد بشكل رئيس على الاستثمارات المتنوعة من القطاع الخاص، إلى جانب الدعم الحكومي السخي للقطاع، مبيناً أنه منذ إطلاق الاستراتيجية، تعهد القطاع الخاص باستثمارات تتجاوز 280 مليار ريال في مختلف أنماط النقل والخدمات اللوجستية، بما في ذلك النقل البحري والجوي والسككي، وقطاع النقل البري الذي يقوم بالكامل على استثمارات القطاع الخاص. ولفت الجاسر أن قطاع الطرق يشهد تعاوناً متكاملاً بين القطاع الخاص والمركز الوطني للتخصيص من خلال عدد من المبادرات والمشاريع المشتركة، لدعم تطوير البنية التحتية وتعزيز كفاءة النقل والخدمات اللوجستية في المملكة. الصحة: 97.4 % تغطية صحية وانخفاض حوادث الطرق 60 % وأكد وزير الصحة فهد الجلاجل أن إسهام الرعاية الصحية في الناتج المحلي بلغ 5 %، وأن التغطية الصحية وصلت إلى 97.4 %. وبيّن بإضافة 1700 سرير حكومي و2900 سرير من القطاع الخاص خلال العام، مشيراً إلى انخفاض الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق بنسبة 60 % منذ 2016، وانخفاض الوفيات من الأمراض المعدية وغير المعدية بنسبة 50 % و40 % على التوالي. وقال إن المواطن كان ولا يزال الهدف الأساسي منذ إطلاق الرؤية، مؤكداً استمرار تطوير التجمعات الصحية ونموذج الدفع الصحي.