تسهم الاستثمارات الاستراتيجية الضخمة التي تجمع بين المملكة والولاياتالمتحدة الأميركية، في تحقيق مصالح البلدين وتعزيز اقتصادهما إضافة إلى نقل وتوطين التقنية وخلق الفرص الوظيفية التي يحتاجها المواطن في كلتا الدولتين، ويتماشى ذلك مع ما تصبو عليه رؤية 2030 من مستهدفات لتحقيق التنمية الوطنية السعودية المستدامة ومع الطموح الاقتصادي الأمريكي الراغب في الحفاظ على الريادة العالمية والتغلب على مختلف التحديات الاقتصادية التي قد تواجهها، وكما تتعدد أنواع الاستثمارات الاستراتيجية التي جمعت الشريكين في العديد من القطاعات والأنشطة التي منها الطاقة والطيران، ومن الصحة إلى الذكاء الاصطناعي والفضاء يأتي التقارب الذي تبرزه الزيارات المتبادلة المستمرة بين قيادات البلدين ومنها الزيارة الحالية التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- ليؤهل إلى التوسع في تلك الاستثمارات المشتركة ويؤطر إلى مزيد من التعاون والشراكات الاقتصادية التي تدعم تحقيق المصالح الاستراتيجية التي ينشدها كل من البلدين. قطاع الطاقة مثال على جدوى وتكاملية العمل المشترك وتعد الشراكة التي تجمع المملكة مع الولاياتالمتحدة في قطاع الطاقة، الذي يشمل العديد من الأنشطة كالبترول والغاز، والصناعات البتروكيميائية، وإدارة الكربون، وتقنيات الهيدروجين، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، إلى جانب الكهرباء، ومصادر الطاقة المتجددة، والابتكار خير مثال على جدوى وتكاملية العمل المشترك بين البلدين بحكم الدور المحوري السعودي في قطاع الطاقة على مستوى العالم بوصفها أكبر منتج للنفط إضافة إلى ريادتها في الأنشطة المتعلقة بمصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف إضافة إلى مشاريعها الضخمة وجهودها العالمية لمكافحة التغير المناخي وسعيها لتطبيق سياسات للحد من انبعاثات الكربون، وبحكم أن الولاياتالمتحدة هي اللاعب الرئيس في قطاع الطاقة العالمي كمنتج ومستهلك رئيس للطاقة تتزايد استثماراته في أنشطة الطاقة المتجددة لمواجهة الطلب على الكهرباء ودعم النمو إضافة إلى سعيه المستمر للتحول إلى الطاقة النظيفة. ومن بين الأمثلة على الشراكة الضخمة في هذا القطاع المهم تجديد أرامكو السعودية لشراكاتها مع الشركات الأمريكية الممتدة لتسعة عقود، عبر التوقيع على 34 مذكرة تفاهم واتفاقية بين مجموعة الشركات التابعة لها وعدد من الشركات الأمريكية الكبرى في مايو (2025م) بقيمة تقارب 90 مليار دولار أمريكي بغية تطوير أعمالها وتعزيز التنوع الاستراتيجي لمحفظتها الاستثمارية، وتسريع وتيرة الابتكار الصناعي، وتنمية القدرات الصناعية والتقنية والتجارية في المملكة، ومن الأمثلة على الجانب الآخر نرى أن الاستثمارات الأمريكية البارزة في المملكة تتضمن استثمارا بقيمة 78 مليار ريال في شركة صدارة للكيميائيات، واستثمارا بقيمة 22.5 مليار ريال في الشركة السعودية للبوليمرات، و19.6 مليار ريال في شركة الجبيل للبتروكيماويات، كما يشمل التعاون في هذا القطاع إنشاء صندوق للاستثمار في الطاقة ب5 مليارات دولار داخل الولاياتالمتحدة. من فوائد الاستثمار المشترك بين البلدين في هذا القطاع خفض تكلفة إنتاج الطاقة على المدى الطويل بشكل كبير، وتنمية رأس المال البشري الوطني، حيث ستوفر مشروعات الطاقة في المملكة المزيد من فرص العمل المناسبة والملائمة للمواطنين السعوديين، خاصة في مختلف المجالات التقنية المرتبطة بتشغيل وصيانة كل أشكال الطاقة، وهذا يعزز من مكانة المواطن السعودي في سوق العمل المحلي والدولي بوصفهم كفاءات متميزة في قطاع تقني حساس واستراتيجي، كما ستمكن تلك الشراكات وما يرافقها من عمل من تعزيز مستهدف المملكة المتمثل في توطين التقنيات والمعرفة العلمية، وتقليل الاعتماد على الواردات في القطاعات الحيوية، وزيادة معدل العمل على توفير فرص مكثفة لتدريب وتأهيل الكوادر السعودية في تخصصات الطاقة، والفيزياء، والسلامة، وهندسة المواد، وغيرها من المجالات المتصلة بها والتي تتعلق بالعمل المشترك في تلك القطاعات. الاستثمارات في قطاع الطيران تدعم نمو الأنشطة اللوجستية كما يعد قطاع الطيران من الأمثلة التي تظهر بوضوح إسهام الاستثمارات الاستراتيجية الضخمة التي تجمع بين المملكة والولاياتالمتحدة في تحقيق المصالح المشتركة للبلدين، بدءا بتوقيعهما اتفاقية للنقل لنقل الجوي بين البلدين للارتقاء إلى حجم تبادل شحن يصل إلى 4.5 ملايين طن سنويًّا بحلول عام 2030، مما يسهم في تعزيز حركة التبادل التجاري بين البلدين، وفتح آفاق أوسع للتكامل الاقتصادي، إضافة إلى دعم نمو قطاعات التصدير والاستيراد والخدمات اللوجستية داخل المملكة ويشكل هذا الاتفاق دعما للمملكة في عملها الرامي إلى تشييد بنيتها التحتية اللوجستية، وتعزيز مكانتها مركزًا إقليميًّا وعالميًّا في مجال النقل الجوي، تماشيًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، كما يخدم هذا الاتفاق الولاياتالمتحدة عبر تسهيل الوصول إلى الأسواق السعودية التي تتميز بأنها أعلى تنافسية من بقية دول المنطقة قياسا على زيادة عدد سكان كبير مع توفر القدرة الشرائية العالية، وقلة المخاطر في ظل حرص القيادة في البلدين على استقرار العلاقات اقتصادياً وسياسياً وأمنياً بشكل يضمن للبلدين تكاملاً اقتصادياً وتوطيناً للصناعات وتعظيماً للعوائد خصوصا وأن المستهدف من التعاون في هذا القطاع هو الوصول إلى حجم تبادل شحن يصل إلى 4.5 ملايين طن سنويًّا بحلول عام 2030، وهو ما من شأنه أن يسهم في تعزيز حركة التبادل التجاري بين البلدين، وفتح آفاق أوسع للتكامل الاقتصادي، إضافة إلى دعم نمو قطاعات التصدير والاستيراد والخدمات اللوجستية داخل المملكة، كما سيسهم التعاون المشترك في قطاع الطيران في زيادة تمكين شركات الطيران السعودية من مواكبة التطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع الطيران عالميًا، من خلال تبنّي أحدث التقنيات وتطوير الخدمات التشغيلية، بما يضمن تقديم خدمات نقل جوي عالية الجودة للمواطنين والمسافرين من المملكة وإليها. مشاريع الاقتصاد الرقمي تخلق آلاف الوظائف للمواطنين ومن بين الأمثلة الواضحة أيضا على إسهام الاستثمارات الاستراتيجية الضخمة التي تجمع بين المملكة والولاياتالمتحدة الأميركية، في تحقيق مصالح البلدين التعاون المشترك بينهما في مشاريع الاقتصاد الرقمي حيث دعمت الشراكة بين البلدين في ذلك القطاع بلوغ المملكة مركزا متقدما ضمن أسرع الدول في نمو الاقتصاد الرقمي، وأكبر تكتل للمواهب الرقمية في المنطقة، كما نما الاقتصاد الرقمي في المملكة، إلى 132 مليار دولار في 2024 بنسبة نمو 66% عن عام 2018 عندما كان 79.6 مليار دولار كما أتاحت تلك الشراكات لمختلف المؤسسات والشركات الأمريكية الاستثمار في بناء وتدريب المواهب الرقمية من خلال أكاديميات أبل وجوجل وأمازون ومايكروسوفت وغيرها، مما ساهم في نمو عدد الوظائف في القطاع التقني إلى 400 ألف وظيفة بعد أن كانت 150 ألف وظيفة في 2018، ويعزز التوسع في الاستثمار المشترك بين البلدين في أنشطة هذا القطاع المهم القدرة على تحقيق العديد من المستهدفات التي تسعى إليها المملكة ومنها الوصول إلى ريادة المملكة في الابتكار التكنولوجي على المستوى الإقليمي والدولي ودعم مشاريع التحول الرقمي في القطاعات الحيوية بما يحقق نموًا مستدامًا وتمكين الأجيال الحالية والقادمة من مهارات القرن الحادي والعشرين وخلق بيئة اقتصادية ديناميكية تعتمد على المعرفة والابتكار كأساس للتنافسية كما سيمكن ذلك الشركات التقنية السعودية من تلبية الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي وتمكين الرياديين والمبتكرين والشركات من تسريع تبني حلول الذكاء الاصطناعي في القطاعات ذات الأولوية في الصحة والتعليم والطاقة والخدمات الحكومية وغيرها، وكذلك خلق آلاف الوظائف للمواطنين إضافة إلى برامج التدريب والتطوير المشتركة.