في إنجاز وطني نوعي يعكس روح التحول في التعليم العالي السعودي، حققت جامعة الملك فيصل المركز الأول على مستوى الجامعات السعودية في مجال تمكين ريادة الأعمال الجامعية، وذلك خلال حفل التكريم الذي نظمته الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت" ضمن فعاليات ملتقى بيبان 2025، بحضور معالي وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، ومعالي وزير التعليم الأستاذ يوسف بن عبدالله البنيان. جاء هذا التتويج ثمرة لعمل مؤسسي متواصل تبنته الجامعة منذ سنوات تحت شعار «ريادة الأعمال للجميع»، انطلاقاً من رؤية واضحة جعلت منها أكثر من مجرد مؤسسة أكاديمية؛ بل بيئةً تفاعلية تُنتج المعرفة وتحوّلها إلى مشاريع اقتصادية واجتماعية تخدم أهداف رؤية المملكة 2030. فالفلسفة التي تنتهجها الجامعة ترتكز على أن التعليم الحقيقي لا يتوقف عند حدود القاعة الدراسية، بل يمتد لبناء شخصية مبدعة قادرة على تحويل الأفكار إلى قيمة اقتصادية ومجتمعية. لقد أدركت الجامعة أن دورها لا ينحصر في تخريج الكفاءات المؤهلة، بل في تمكينها لتصبح فاعلة ومؤثرة في الاقتصاد الوطني. ومن هذا المنطلق، شرعت في بناء منظومة ريادية متكاملة تحت إشراف وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، وقطاع الابتكار وتنمية الأعمال. وقد شملت هذه المنظومة إنشاء حاضنات ومسرّعات أعمال، وتنفيذ برامج تدريبية متخصصة، وبناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات القطاعين العام والخاص. لم تكتفِ هذه المبادرات بتدريس مفاهيم الريادة، بل جسّدتها واقعاً ملموساً عبر مشاريع وشركات ناشئة خرجت من رحم الجامعة إلى السوق. وأثمرت هذه الجهود عن نتائج استثنائية خلال عام 2025؛ إذ حققت الجامعة زيادة تجاوزت 170 % في عدد الشركات المحتضنة الحاصلة على سجلات تجارية مقارنة بالعام السابق، كما تم تنفيذ ثلاث جولات استثمارية بقيمة تجاوزت 12 مليون ريال. وركزت الجامعة على المجالات التي تتوافق مع هويتها المؤسسية، مثل الأمن الغذائي والاستدامة البيئية، فأنشأت حاضنة متخصصة لدعم هذه المشاريع بتمويل يصل إلى 200 ألف ريال لكل مشروع، في خطوة تؤكد التزامها بأن تكون منصة وطنية لريادة المستقبل. ويمثل هذا التتويج الوطني تجسيداً حقيقياً للدعم الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة -حفظها الله- لقطاع التعليم والابتكار، وإيمانها بدور الجامعات في بناء اقتصاد معرفي تنافسي. كما أنه تكريم لكل من ساهم في هذه المسيرة داخل الجامعة، من أعضاء هيئة تدريس، وباحثين، وطلبة، وفرق عمل حولت الأفكار إلى مبادرات ومشروعات واقعية تخدم الوطن. فالثقافة الريادية في جامعة الملك فيصل ليست نشاطاً هامشياً، بل ممارسة مؤسسية يومية تُعزّز روح المبادرة، وتحتفي بالإبداع، وتحوّل الفكرة إلى منجز. وتؤكد الجامعة أن هذا الإنجاز لا يمثل نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة من السعي نحو تعميق مفهوم الريادة الجامعية، وجعلها جزءاً من نسيج التجربة التعليمية والبحثية. فالتميز الحقيقي لا يُقاس بعدد الجوائز، بل بمدى الأثر الذي تصنعه الجامعة في طلابها ومجتمعها. ومن هنا، تعمل الجامعة على ترسيخ بيئة تعليمية وبحثية تُحفّز على الابتكار، وتغرس في الطلبة روح الريادة والمسؤولية الاجتماعية، ليكونوا عناصر فاعلة في التنمية الوطنية. وفي ظل هذا التوجه، تمضي جامعة الملك فيصل بخطى ثابتة نحو إعادة تعريف دور الجامعة الحديثة، لتتحول من موقع لتلقّي المعرفة إلى مصدر لإنتاج الحلول والأفكار المبتكرة التي تلبي احتياجات التنمية وتستشرف مستقبلها. فالفلسفة المستقبلية للجامعة تقوم على بناء جيلٍ يؤمن بأن الإبداع واجب وطني، وأن المعرفة حين تُقرن بالعمل تتحول إلى طاقة نهضوية قادرة على صنع التغيير. وبهذه الرؤية المتجددة، تواصل جامعة الملك فيصل مسيرتها لتبقى نموذجاً للجامعة التي تصنع الفكرة وتبني منها المستقبل، ولتؤكد أن من قاعاتها تنطلق قصص نجاحٍ تصل إلى السوق، وتسهم في رسم ملامح اقتصاد سعودي قائم على المعرفة والابتكار والاستدامة.