في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن مستهدفات رؤية 2030، تمثل المشاريع البيئية والمائية والزراعية أحد أهم ركائز التنمية المستدامة التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية وتحسين جودة الحياة في مختلف مناطق المملكة. وتهدف المشاريع البيئية والمائية والزراعية في رؤية السعودية 2030 إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية وتحسين جودة الحياة. من أبرز هذه الجهود مبادرات مثل «السعودية الخضراء»، والتي تتضمن تقليل الانبعاثات، وتشجيع التشجير، وتحسين إدارة الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى مشاريع كبرى مثل نيوم التي تعتمد على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة لتحقيق التنمية المستدامة. ومن أهم المشاريع والمبادرات بيئية، مبادرة السعودية الخضراء التي تهدف إلى التصدي لتداعيات تغير المناخ من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة التشجير، وحماية المناطق البرية والبحرية. وتطوير مشاريع الطاقة المتجددة، مثل مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتحويل مزيج الطاقة وزيادة الاعتماد على المصادر المتجددة. والاستدامة في المدن الكبرى، مثل نيوم، التي تُعدّ نموذجاً لمدينة ذكية مستدامة تعتمد كليًا على الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى مشاريع أخرى لتطوير الرياض. ومن المشاريع والمبادرات المائية، تحسين إدارة الموارد المائية، ومن خلال تقنيات حديثة لترشيد استهلاك المياه في القطاعين العام والخاص، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة لدعم مشاريع تحلية المياه وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، ومشاريع سدود ومنشآت جديدة لتعزيز منظومة إدارة الموارد المائية في مختلف مناطق المملكة. «زراعة مستدامة» ومن أهم المشاريع والمبادرات الزراعية دعم الزراعة المستدامة من خلال تشجيع الزراعة الحديثة التي تعتمد على التكنولوجيا للحد من استهلاك المياه في الزراعة. ومبادرات التشجير، وتشمل زراعة ملايين الأشجار في مناطق مختلفة من المملكة لزيادة المساحات الخضراء ومكافحة التصحر، وتحسين إدارة التربة والمياه: لزيادة الإنتاج الزراعي وتحسين جودته مع الحفاظ على الموارد الطبيعية. وقد بدأت نتائج هذه المشاريع تتجلى بوضوح في المدن والقرى والمناطق الريفية، من خلال تحسين البيئة، وتنمية المجتمعات المحلية، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي. ونحو وطن أكثر خضرة واستدامة فقد أطلقت المملكة مجموعة من المبادرات البيئية الطموحة ضمن مبادرة السعودية الخضراء، التي تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة، وزيادة مساحة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 % من إجمالي مساحة البلاد. وتتوزع المشاريع البيئية على مختلف المناطق، ومن أبرزها: مشروع إعادة تأهيل الغطاء النباتي في منطقة القصيم، الذي يهدف إلى مكافحة التصحر واستعادة الأراضي المتدهورة من خلال زراعة الأشجار المحلية مثل السمر والغاف والسدر. ومشروع الغطاء الأخضر في تبوكوالمدينةالمنورة، الذي حوّل المتنزهات البرية إلى محميات مفتوحة، وأسهم في جذب الزوار والسياحة البيئية. ومبادرات إدارة النفايات وإعادة التدوير في المدن الكبرى (الرياض، جدة، الدمام)، والتي تستهدف تحويل 82 % من النفايات البلدية عن المرادم بحلول 2035، من خلال الاقتصاد الدائري. وقد انعكست هذه الجهود على تحسين جودة الهواء، وخفض معدلات التلوث، وزيادة المساحات الخضراء داخل المدن، مما ساهم في تحسين المشهد الحضري، وتوفير متنفس بيئي وصحي للمجتمعات المحلية. «تحديات مائية» نظراً لطبيعتها الجافة واعتمادها على المياه الجوفية ومياه التحلية، تواجه المملكة تحديات مائية كبيرة إلا أن الاستراتيجية الوطنية للمياه 2030 وضعت حلولاً مبتكرة لضمان الأمن المائي عبر الإدارة الذكية للموارد. ومن أبرز المشاريع المائية التي أحدثت فرقاً ملموساً، مشروع نقل مياه التحلية من محطة الشقيق إلى منطقة عسير، الذي وفر إمدادات مستقرة لأكثر من 1.7 مليون نسمة، وخفّف من الاعتماد على الآبار الجوفية. ومشروع المدينة الذكية للمياه في الرياض، الذي يوظف الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار للتحكم في شبكات المياه، ورصد التسربات في الوقت الفعلي. ومشروعات إعادة استخدام المياه المعالجة في القطاعين الزراعي والصناعي، مما وفر ملايين الأمتار المكعبة سنوياً، وساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية. كما تعمل المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة على توسيع الطاقة الإنتاجية لتصل إلى أكثر من 13.2 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2030، مما يجعل المملكة من أكبر منتجي المياه المحلاة في العالم. وهذه المشاريع انعكست بشكل مباشر على حياة المواطنين من خلال تحسين خدمات المياه، وضمان استدامة الإمدادات، وخفض تكاليف التشغيل في المناطق البعيدة، مما عزز الشعور بالأمان المائي في المدن والقرى. وحول الزراعة الحديثة، والاكتفاء الذاتي إلى التنمية الريفية، فقد شهد القطاع الزراعي تحولاً كبيراً نحو الزراعة المستدامة والذكية، بهدف تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات. وتبرز في هذا الإطار مشاريع نوعية في عدد من المناطق، مثل: مشروع الزراعة المائية (الهيدروبونيك) في الرياضوالقصيم، الذي يعتمد على تقنيات الري المغلق لتقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 80 %. ومشروع الزراعة الرأسية في جدة والشرقية، الذي يتيح إنتاج الخضروات الورقية والفواكه في بيئات خاضعة للرقابة دون الحاجة إلى تربة. وبرنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة (ريف)، الذي دعم آلاف الأسر الريفية الصغيرة بمشاريع تربية النحل، وزراعة البن في جازان، والورد في الطائف، والنخيل في القصيم والأحساء. وقد أدت هذه المشاريع إلى تحسين دخل المزارعين، وتمكين المرأة الريفية، وتوفير فرص عمل محلية جديدة، إضافة إلى دعم الصناعات التحويلية القائمة على المنتجات الزراعية المحلية. «تأثيرات اجتماعية» ولم تكن هذه المشاريع مجرد تحسينات فنية أو اقتصادية، بل أحدثت انعكاسات اجتماعية وتنموية وتأثيرات ثقافية عميقة في المجتمع السعودي، فقد ساهمت في رفع الوعي البيئي والمائي لدى المواطنين، من خلال برامج المدارس الخضراء ومبادرات «ازرعها» و»لنحافظ على الماء». وتحقيق العدالة التنموية بين المناطق، حيث وصلت مشاريع المياه والزراعة والبيئة إلى القرى والهجر البعيدة، ما قلل الهجرة إلى المدن. وتعزيز المشاركة المجتمعية في حماية البيئة والموارد الطبيعية، من خلال إشراك المتطوعين في حملات التشجير وتنظيف المتنزهات ، وتحسين جودة الحياة العامة عبر الحد من التلوث، وزيادة المساحات الترفيهية الطبيعية، وتحسين الخدمات الأساسية في المناطق الريفية. كما أصبحت البيئة والزراعة والمياه محركات رئيسية لخلق فرص اقتصادية جديدة، مثل السياحة الزراعية، ومشاريع العسل العضوي، والأسواق المحلية للمنتجات الطبيعية. وتؤكد المشاريع التنموية البيئية والمائية والزراعية في المملكة أن جودة الحياة ليست هدفاً ثانوياً، بل هي محور التنمية، والتطلع نحو مستقبل مستدام. ومع استمرار الاستثمار في هذه القطاعات، وتكامل جهود القطاعين العام والخاص، تتجه المملكة نحو اقتصاد أخضر متوازن يجمع بين الكفاءة الإنتاجية والمحافظة على الموارد. فمن زراعة الأشجار في الشمال، إلى محطات التحلية في الجنوب، ومن المزارع الذكية في القصيم إلى المحميات الطبيعية في تبوك، تسير السعودية بخطى واثقة نحو تحقيق بيئة نظيفة، ومجتمع مستدام، واقتصاد مزدهر. والمشاريع التنموية في المجالات البيئية والمائية والزراعية ليست مجرد إنجازات رقمية أو هندسية، بل هي تحولات حضارية واجتماعية تعكس رؤية المملكة لمستقبل أفضل. فهي تربط بين الإنسان والمكان، وتحوّل التنمية من مجرد بنية تحتية إلى حياة ذات جودة ومعنى، يعيشها المواطن في بيئة متكاملة ومستدامة. «جودة حياة» وتنعكس هذه المشاريع بشكل إيجابي على جودة الحياة المحلية والاجتماعية عبر تحفيز الاقتصاد، خلق فرص عمل، وتحسين الخدمات الأساسية مثل الإسكان والصحة، بالإضافة إلى تعزيز التماسك الاجتماعي والبيئي من خلال مبادرات مبتكرة ومشاركة مجتمعية فعالة. ومن الآثار المحلية والاقتصادية دعم الاقتصاد المحلي، حيث تُحفز المشاريع الكبرى القطاعات الاقتصادية المرتبطة بها، مثل القطاع العقاري، مما يدعم نمو أكثر من 120 نشاطًا اقتصاديًا. وخلق فرص عمل، حيث تساهم هذه المشاريع في توفير فرص عمل جديدة وتدريب الشباب على مهارات القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لمواكبة سوق العمل المستقبلي. وتوفير خدمات أساسية، فتساهم في توفير حلول إسكان ميسورة التكلفة، وتسهيل إجراءات التملك عبر التطبيقات الرقمية والمراكز الشاملة، مما يحسن من الظروف المعيشية للمواطنين. أما الآثار الاجتماعية فهي تعمل على تعزيز جودة الحياة: تُحسن من جودة الحياة عبر توفير بيئة حضرية أفضل، بما في ذلك المساحات العامة والأنظمة المستدامة للنقل، مما يزيد من الراحة ويقلل التلوث. وبناء مجتمع متنوع ومثقف: تُشجع على إنشاء بيئة مجتمعية تدعم التعاون والانفتاح والتنوع، وتعزز التعلم والتطوير الذاتي للمواطنين. زيادة الرفاهية والتماسك الاجتماعي: تساهم في تحقيق الرفاهية الاجتماعية من خلال تحسين الظروف المعيشية، وتعزيز الأمن الاجتماعي، وتقليل المخاطر الاجتماعية من خلال التخطيط الجيد. وتحسين البيئة، حيث تعمل على تعزيز الوعي البيئي وتدعم مبادرات الحفاظ على البيئة، مما يخلق سلوكيات تعزز الاستدامة البيئية ويشجع المجتمع على المساهمة في بيئة صحية. «إحصاءات وأرقام» ومن أبرز الإحصاءات والأرقام الرسمية المحدثة التي تدعم هذا التقرير الصحفي حول مشاريع التنمية البيئية والمائية والزراعية في المملكة، ففيما يتعلق بالبيئة فمبادرة السعودية الخضراء، ومنذ اطلاقها في 2021، يتم تنفيذ أكثر من 85 مبادرة تمثل استثمارات تزيد على 705 مليارات ريال . وتم حتى الآن زراعة 43.9 مليون شجرة وشجيرة، واستعادة حوالي 94000 هكتار من الأراضي المتدهورة. وجرت إعادة تأهيل أكثر من 118000 هكتار من الأراضي المتدهورة حتى 2024. وتستهدف المملكة زراعة 10 مليارات شجرة على مدى العقود المقبلة، مع هدف مرحلي يصل إلى 600 مليون شجرة واستعادة 8 مليون هكتار بحلول عام 2030. وفي مجال الطاقة المتجددة تم ربط نحو 2.8 غيغاواط من قدرة الطاقة المتجددة، مما يعادل توفير الطاقة لأكثر من 520 ألف منزل. ومن ناحية المياه في عام 2023، بلغت حصة المياه المعالجة من تحلية مياه البحر نحو 50 % من إجمالي مياه التوزيع (ارتفاعاً من 44 % في 2022). واستُخدمت المياه الجوفية المتجددة بنسبة تبلغ 21 % من إجمالي المياه الجوفية في 2023. وتم إعداد برنامج لتلبية العرض والطلب على المياه حتى عام 2050، يشمل أكثر من 40 مشروعاً بقيمة 97 مليار ريال سعودي وتُطرح مع القطاع الخاص حتى 2030. وفي القطاع الزراعي السعودي أضاف نحو 118 مليار ريال سعودي تقريباً إلى الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، بإنتاج يزيد على 16 مليون طن من المنتجات الزراعية.