هورينيكا استخباراتي هولندي يختلف قليلا عن بعض الرحالة الاستخباراتيين الأوروبيين فإذا كان هدف هؤلاء الاستخباراتيين الذين عرفناهم كما يشير د. عبدالعزيز عبدالغني في دراسته روايات غربية عن رحلات في شبه الجزيرة العربية. هو كشف عورات العرب واستكشاف دروب أراضيهم واستجلاء علاقات القبائل بعضها بالبعض الاخر ودراسة شخصيات شيوخهم وإذا كانت غايتهم هي توظيف هذه المعرفة بما يحقق للدوائر الاستعمارية مصالح تتصل ببلاد العرب كما تفيد في امتاع القارئ بالبدائي والطريف. ومداعبة الشعور الوطني بروايات تفوّقهم التي يستمتع بها مواطنوهم. فإن هدف هورينيكا كان مختلفا لا ارتباط له بمسالك العرب ولا بشخصيات حكامهم. كانت مكةالمكرمة هدفه الذي يحقق له غايته في معرفة تأثير هذه المدينة المقدسة في اهل جاوة (اندونيسيا) لما لذلك من تأثير مباشر على الاستعمار الهولندي لتلك الأراضي المسلمة. كان حج الاندونيسيين يستنزف من خزينة الاستعمار الهولندي مالاً كثيرا خاصة ان حجاج تلك المناطق الصادق ايمانهم كانوا يحملون معهم مبالغ كبيرة الى مكةالمكرمة ينفقونها في الصدقات للفقراء وفي الهدايا لغيرهم من العاملين في أنشطة الحج ومن إليهم. اما الآثار السياسية للحج على الاستعمار الهولندي فقد كانت خطيرة. وقد مثلت المقاومة الإسلامية خاصة في إقليم اتشيه العقبة الأساسية امام الاستعمار الهولندي للجزر الاندونيسية أدى اختلاف هدف هورنيكا وتشابك غايته الى اختلاف أسلوب خطابه ومنهجه، وخاصة انه كان أكاديميا صاحب منهج علمي يكيد للإسلام وأهله بأسلوب علمي نقدي يجنح عادة – الا بحكم التعصب الموروث – الى التشاؤم والسباب. وفد هذا الرحالة الى شبه الجزيرة العربية ونزل في جدة ثم غادرها الى موئل الإسلام البارز في مكةالمكرمة (1884-1885) لينظر فيما يمكن ان يكون ضعفا في الإسلام أو المسلمين يمكن استثماره علميا في ضرب الإسلام وتوهين المسلمين، خاصة في اندونيسيا التي اوفدته سلطاتها الاستعمارية لاستجلاء أمثل الطرق لإصابة ذلك الهدف. وتذكر الدراسة الى أن هورنيكا استقر في جدةومكةالمكرمة لفترة طويلة. لم يكن الرجل جوالاً كغيره من الاستخباراتيين الذين كانوا يجوبون المسالك يقودهم درب الى اخر وترميهم قرية الى أخرى فجاءت تقاريرهم في مجملها انطباعات يلونها في الغالب حقدهم الموروث على الإسلام وأهله وسخريتهم من العرب وبداوتهم والتندر على غرائب موروثاتهم. استقر هورنيكا في منطقة جغرافية محددة. مراقبا بعين فاحصة يحلل الحقائق ويضع الحلول بما يوافق الهدف من رحلته. فهو ليس كغيره من الاستخباريين عاملا في خدمة دولة استعمارية تنافس نظرايتها في المنطقة العربية بل كان مستشرفا عاملا في خدمة ثقافة الغربيين عموما. وان عمل بصفه مباشرة في خدمة الهولنديين. وجد هؤلاء الغربيون جميعهم في الإسلام العقبة الكأداء التي تعترض أهدافهم في الاستعمار والهيمنة والسيطرة الثقافية. فالمسلمون من دون شعوب الأرض المستضعفة قاطبة. هم الذين يدركون ان لهم العزة في الحياة الدنيا وفي الاخرة. وانهم فوق مستعمريهم مهما تفوق هؤلاء عليهم بوسائل القوة المادية. ما يدفعهم الى مجاهدة الاستعمار وهم على ثقة - كما قال احد أئمة عمان لقائد برتغالي: إن قتلناكم فنعم البضاعة وان قتلتمونا فبيننا وبين الجنة ساعة. وتصل الدراسة الى قناعة تتلخص في: ان هذا الجاسوس أرسل الى مكةالمكرمة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ليس في مهمة تنصيرية كما كان يعتقد بعض الباحثين انما كان في الحقيقة اوفد الى مكةالمكرمة في محاولة لمساعدة الإدارة الاستعمارية الهولندية في جاوة على فهم أفضل للإسلام الذي يدين به أهل اندونيسيا حتى يسهل عليهم اختراقه بالتنصير وربما بأساليب أخرى يمكن ان تعود على هولندا بما يخدم اغراضها من الاستعمار. هل هرخرونيه صاحب أول صورة التُقِطت للحرم؟ حجاج عام 1887م من أقدم الصور الملونة لمشاعر الحج كريستيان سنوك هرخرونيه سعود المطيري