من سيرةٍ امتدّت من الشميسي إلى كيمارك، تتجلّى الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني كنبضِ وطنٍ أدرك أن الإنسان هو جوهر التنمية وسرّ الرسالة، فصاغت من الطبّ إنسانيّةً، ومن الرعاية ريادةً، بحروفٍ من فخرٍ ونورٍ لا يخبو، وإنجازٍ يضيء المستقبل وأكثر.. منذ بدايتها المتواضعة بطبيبٍ واحد عام 1374ه، سطّرت الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني رحلةً وطنيةً استثنائية تحوّلت فيها من مستوصفٍ صغير في حي الشميسي إلى منظومةٍ طبيةٍ متكاملة تمثل اليوم أحد أعمدة القطاع الصحي في المملكة. بدأت المسيرة بإنشاء إدارة الخدمات الطبية عام 1384ه، ثم توسعت المراكز الصحية في مختلف مناطق المملكة في خدمة من يذودون عن حياض الوطن. وفي منتصف السبعينات بدأ عهد المستشفيات الكبرى، فأنشئ مستشفى الملك خالد بجدة عام 1982م، ومستشفى الملك فهد بالرياض عام 1983م، وصولاً إلى مرحلة التشغيل الذاتي عام 1996م بقيادة كفاءات سعودية مؤهلة. وفي عام 1415ه، توحّدت جميع المرافق الصحية تحت مظلة "الشؤون الصحية بالحرس الوطني" لتبدأ مرحلة جديدة من التنظيم والتخصص، تلاها إطلاق مدينتَي الملك عبدالعزيز الطبيتين في الرياضوجدة عام 1421ه، وافتتاح مستشفيات الدمام والأحساء. ومع تأسيس جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية عام 2005م، في ثلاث مدن: الرياض، وجدة، والأحساء، ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك) عام 2006م، اكتمل عقد المنظومة التي جمعت بين الرعاية والتعليم والبحث. وفي العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين، وبدعمٍ مباشر من الأنيق سمو وزير الحرس الوطني الأمير عبدالله بن بندر، واصلت الشؤون الصحية توسّعها النوعي، بإطلاق مشروعات متقدمة مثل: مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال، ومركز جراحة الأعصاب والإصابات، ومستشفى صحة المرأة بالرياض، ومستشفى الملك سلمان التخصصي بالطائف الذي دُشّن عام 2025م. وفي حديثٍ شاملٍ ومميز لمعالي الدكتور بندر القناوي، المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية ورئيس جامعة الملك سعود الصحية، نُشر في مجلة الحرس الوطني الرصينة، استعرض معاليه هذه المسيرة المباركة التي جمعت بين الرؤية والعمل، مؤكدًا أن المنظومة اليوم تضم 11 مستشفى تخصصيًا، و6 مراكز لغسيل الكلى، و26 مركز رعاية أولية، ومراكز تميز في القلب، وزراعة الأعضاء، والأعصاب، والإصابات، وبنوك الخلايا الجذعية والعيون، وأكثر من 20 برنامجًا للتميز الطبي تعزز جودة الحياة. وأشار معاليه إلى أن منشآت المنظومة، وبكل وفاء يليق، تحمل أسماء ملوك المملكة وقادتها؛ كذاكرة حية لمسيرة تأسيس وتوسع بدأت في عهود الملوك سعود وفيصل وخالد، وتَعاظَم أثرها في عهد الملك فهد بافتتاح مستشفيي الملك خالد بجدة والملك فهد بالرياض، ثم اتسعت في عهد الملك عبدالله بإطلاق مدينتَي الملك عبدالعزيز الطبية والجامعة، وتواصلت في عهد الملك سلمان بمشروعات نوعية من مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال و«كيمارك» إلى تشغيل مستشفى الملك سلمان التخصصي بالطائف. كما أشار إلى أن الشؤون الصحية تُدار ببوصلة رؤية 2030، عبر التحول الرقمي، وكفاءة الإنفاق، والرعاية الوقائية، وتمكين الكوادر الوطنية. وفي صميم فلسفتها مريضٌ تُصان كرامته وتُيسّر رحلته، من خلال وحدة تجربة المريض ومركز القيادة الرقمية MNGHA-HUB الذي يمكّن من الرصد والتحليل الفوري لمؤشرات الأداء، إلى جانب منصات رقمية مثل: "ملفّي" و"نرعاك" و"بينهم" التي تسهّل التواصل والرعاية عن بُعد. وفي مواجهة تحدي انتقال الكفاءات إلى القطاع الخاص، تبنّت الشؤون الصحية رؤية واضحة للحفاظ على المميزين، من خلال حوافز شاملة للاستقرار المهني، وفرص البحث والابتعاث، وبرامج التطوير والتدريب المستمر، إلى جانب شراكات عالمية لاستقطاب الخبرات ونقل أفضل الممارسات، إدراكًا بأن الكادر الطبي هو الركيزة الأولى في الأمن الصحي الوطني. ويُعد برنامج فصل التوائم السيامية شاهدًا على إنسانية الرسالة السعودية، إذ استقبل أكثر من 145 حالة من 26 دولة خلال 30 عامًا، ليصبح مرجعًا عالميًا نال تقدير الأممالمتحدة باعتماد 24 نوفمبر يومًا دوليًا للتوائم الملتصقة. أما الجامعة و"كيمارك"، فهما جناحا التميز العلمي؛ جامعة خرّجت أكثر من 20 ألف ممارس صحي، ومركزٌ بحثي يقود قمة التقنية الحيوية في المنطقة من خلال مشروعات الجينوم، والذكاء الاصطناعي، والطب الشخصي. وفي ختام حديث معاليه بسرديّة الفخر والوفاء، يثمّن الدكتور القناوي جهود القيادات التي تعاقبت على هذه المسيرة؛ من اللواء الطبيب عدنان سلامة والدكتور محمد الشهاب والدكتور محمد الشريدة -رحمهم الله-، إلى معالي الدكتور فهد العبد الجبار ومعالي الدكتور عبدالله الربيعة، مؤكدًا أن امتدادهم القيادي المقترن بالرؤية الاستراتيجية والدعم السخي من القيادة الرشيدة، جعل من الشؤون الصحية بالحرس الوطني أنموذجًا وطنيًا يحتذى به في الرعاية والتعليم والبحث، وصورة ناصعة لصحة وطنٍ ورسالة إنسان. ومن سيرةٍ امتدّت من الشميسي إلى كيمارك، تتجلّى الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني كنبضِ وطنٍ أدرك أن الإنسان هو جوهر التنمية وسرّ الرسالة، فصاغت من الطبّ إنسانيّةً، ومن الرعاية ريادةً، وبحروفٍ من فخرٍ ونورٍ لا يخبو، وإنجازٍ يضيء المستقبل وأكثر..