العمل الخيري في المملكة تجاوز عمره 46 عامًا، وأعداد الجمعيات الخيرية السعودية، أو جمعيات الدعم الأهلية، وصلت إلى 3570 جمعية في أواخر 2024، وقدرت مساهمتها في اقتصاد المملكة بثمانية مليارات ريال، ويشارك فيها بحسب آخر الأرقام 350 ألف موظف من الجنسين، بدوام كلي أو جزئي، ومعهم 834 ألف متطوع، والمطلوب الوصول الى عشرة آلاف جمعية.. في الفترة الماضية قامت حملات إلكترونية، ضد الجمعيات الخيرية في المملكة، احتوت على نقد واتهامات عشوائية لأعمالها، بدون دليل ثابت، وإنما استنادا لتصريحات منسوبة لبعض المسؤولين والمشاهير والمؤثرين، وظفت خارج سياق الموقف الذي طرحت فيه، ومعظم من شارك فيها ظهر وكأنه لا يعرف القطاع غير الربحي بشكل جيد، والذي تعتبر جمعيات الدعم الأهلية، المعروفة باسم الجمعيات الخيرية، او جمعيات النفع العام، جزءاً منه، وللعلم الجمعيات الخيرية يشرف عليها من الناحية الفنية 29 جهازا حكوميا مختصا بمجال نشاطها، وما تم نقده يطال مهمة واحدة من مهام هذه الجمعيات، وتحديدا وظيفتها القديمة في أخذ الأموال من المقتدرين لمساعدة المحتاجين والفقراء، لان الأمر قد تغير حالياً، فقد أصبحت تقدم برامج تدريبية وتأهيلية للمستفيدين من خدماتها، وبما يمكنهم من الاعتماد على ذواتهم في المستقبل، وتؤسس لأعمال إنسانية وتجارية تنهض بهم، وأنشطتها تتراوح ما بين الديني والتعليمي والصحي والبيئي والترفيهي وغيرها. زيادة على أنها ملزمة بحوكمة أعمالها وبنسبة لا تقل عن 80 %، والنسبة السابقة تتراجع الى 70 % في حالة جمع التبرعات على منصة إحسان، حتى يسمح للمانحين وأصحاب الأموال دعمها ماليا وعينيا، وما دونها لا يسمح بالتبرع له، وتوجه التبرعات لحسابات بنكية مسجلة باسمها، لا بأسماء أشخاص، وعن طريق التحويل البنكي لا الكاش، وتتم مراقبتها من قبل المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، ويصادق على مصروفاتها ثلاثة موظفين يعملون فيها، وهم المدير التنفيدي والمدير المالي ومدير المشاريع، او ما يعرف بمدير التطوع، وهؤلاء يوظفون برواتب، وبعضهم تم استقطابه من شركة أرامكو السعودية، ومسألة تصرف مدير الجمعية بأموالها دون الرجوع لأحد أصبحت شيئاً من الماضي، بالإضافة الى أنها ملزمة بتأسيس مواقع خاصة بها على الانترنت، تعرض فيها تقاريرها وبرامجها لكل الناس، وبشفافية عالية. العمل الخيري في المملكة تجاوز عمره 46 عامًا، وأعداد الجمعيات الخيرية السعودية، أو وفق نظام الجمعيات الأهلية الذي صدر في 2015، جمعيات الدعم الأهلية، وصلت الى 3570 جمعية، في أواخر 2024، وقد قدرت مساهمتها في اقتصاد المملكة بثمانية مليارات ريال، أو ما يساوي مليارين و134 مليون دولار، ويشارك فيها بحسب آخر الأرقام 350 ألف موظف من الجنسين، بدوام كلي أو جزئي، ومعهم 834 ألف متطوع، والمطلوب الوصول الى عشرة آلاف جمعية، وتحاول المملكة رفع مساهمة القطاع غير الربحي الى 5 %، من إجمالي الناتج المحلي في 2030، وهو اليوم يمثل نسبة تقل عن واحد في المئة، ولهذا توجد محاولات لزيادة معدل المشروعات التنموية ذات المردود الاجتماعي من 7 % الى 33 %، وبالتالي تحسين مركز المملكة في مؤشر رأس المال الاجتماعي، من المرتبة 26 الى المرتبة العاشرة. في المقابل المنظمات غير الربحية في أميركا تزيد أعدادها على مليون وثمان مئة ألف منظمة، وإيراداتها ارتفعت من ترليون في عام 2000 إلى ثلاثة ترليونات في 2024، وتمثل قرابة 6 % من الاقتصاد الأميركي، ولمعرفة المعمول به في هذه الأيام، لإدارة العمل الخيري في المملكة، وفي بقية الدول المتحضرة، لابد من التوضيح ان 58 % من المؤسسات الصحية الأميركية ليست ربحية، والأميركيون يصرفون عليها، ومعها 47 % من الجامعات الخاصة في الولاياتالمتحدة، وأهمها جامعتا هارفارد وييل، ومعظم جامعات بريطانيا، بجانب 90 % من دور الأوبرا في أميركا، والمملكة لم تتدخل في العمل الخيري، وإنما عملت على تنظيمه، وحفزته على الدخول في المناقصات الحكومية عن طريق منصة اعتماد، وعلى تنمية استثماراته في الأوقاف والعقارات، وفي كل ما يضمن استدامته المالية، عند توقف او انخفاض أعداد الداعمين. منصة إحسان استطاعت في رمضان 2024، او في ليلة 27 رمضان، من الدخول الى موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأكثر تبرع مالي في العالم، وبواقع خمسة مليارات ريال، او مليار و334 مليون دولار، ومشاركة الناس فيه وصلت ل80 %، بينما ساهمت الشركات الكبرى ب20 %، وفي 2024 دخلت حملة: كسوة فرح، للموسوعة نفسها، كأكبر حملة تبرعات عينية في التاريخ، حيت بلغ مجموع ما قامت بجمعه من ملبوسات للعيد 56 طناً في 2024، ومعهما حملة جود الإسكان، بعدما حققت أكبر حملة تبرعات خيرية إلكترونية خلال شهر في 2023، والسابق تم بمبادرة من السعوديين والسعوديات وبأموالهم، ما يشير الى ان القطاع الخيري السعودي مازال بكامل عافيته، والثقة فيه حاضرة وقوية. إلا ان ما سبق لا يعني عدم وجود مخالفات مرصودة على الجمعيات الخيرية، او القطاع غير الربحي إجمالاً، وباعتراف الأجهزة الرسمية المسؤولة عنها، وخصوصاً في الأمور المالية المرتبطة بكيفية جمع وصرف التبرعات، أو نتيحة لقيام أشخاص غير مرخصين بجمعها، أو تورط كيانات تجارية في جمع تبرعات لأغراض لا تتناسب مع طبيعة نشاطها، وكلها تم الإعلان عنها في الإعلام، وأحيلت الى المختصين في رئاسة أمن الدولة، أو في النيابة العامة، للتعامل معها.