في خطوة استراتيجية هادفة تستشرف المستقبل لجيلٍ من أبنائنا وبناتنا طموح، خلقت فيه قيادته روحاً خلاقة متفتحة على مشارب العالم غرباً وشرقاً لغوياً وثقافياً، شرعت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية وبدءاً من العام الحالي 1447 ه، في تدرس اللغة الصينية في عددٍ من مدارس المرحلة المتوسطة، في خطوة استشرافية لتعزيز المهارات اللغوية للطلبة السعوديين، كما أنها تشكل استراتيجية واسعة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الصين، كما أن تدريس الصينية هو بمثابة فتح نافذة واسعة لأبنائنا وبناتنا لإثراء لغاتهم وثقافتهم. "الرياض" قضت أوقاتاً داخل الصفوف الدراسية برفقة الطلاب في عدد مدارس محافظة الأحساء، ولمسنا مباشرة الحرص والحماس والتنافس على المشاركة والتفاعل مع معلميهم، كما بدى واضحاً الرغبة الحقيقية لتعلم اللغة الصينية لدى البنين والبنات على حدٍ سواء، واستيعابهم لأهميتها المستقبلية، ورصدت خلال حضورها آراء الطلاب وأولياء أمورهم، ووصلتها آراء بناتنا الطالبات وأمهاتهن. استراتيجية وطنية وقال حمد بن محمد العيسى -مدير الإدارة العامة للتعليم بالأحساء-: إن توجيه القيادة -حفظها الله- بإدراج اللغة الصينية كمادة في مدارس المملكة لم يأتِ من فراغ، وإنما هو قائم على استراتيجية وطنية رصينة وقوية تقوم على استشراف المستقبل من كافة أبعاده، يهدف لتعزيز العلاقات الاقتصادية والصناعية والسياسية بين وطننا والصين وجميع دول العالم، من خلال رفع المهارات اللغوية التي تجعل من أبناء اليوم وبناة المستقبل يتسلحون بسلاح العلم والثقافة عبر التنوع اللغوي الشامل الذي يعد جسراً يربطهم بالعالم بمختلف مشاربه، مضيفاً أن جميع دول العالم منفتحة على الصين وثقافتها واقتصادها، لذلك حرصت وزارة التعليم وبتوجيه القيادة على إدراج هذه المادة لتأتي منسجمة مع مستهدفات رؤية 2030 ، ولتواكب مستوى الحراك الاقتصادي والصناعي الضخم الذي تشهده بلادنا -ولله الحمد-، كما أن وزارة التعليم ابتعثت مجموعة من المعلمين السعوديين إلى الصين لتعلُّم هذه اللغة، واصفاً هذه الخطوة بأنها فرصة ثمينة لأبنائنا وبناتنا للأهمية المستقبلية الكبيرة لمن سيتعلم هذه اللغة. رغبة وحماس وقال "ليو"، و"شاهين" -معلما اللغة الصينية-: إنهما لمسا وجود رغبة وحماس واضح لدى الطلاب لتعلم اللغة الصينية، كما وصفا بعض الطلاب أنهم يمتلكون مهارة عالية في تعلم الصينية، ووصفا سير عملية تعلم اللغة الصينية رغم حداثتها بالممتازة، منبهين الطلبة إلى ضرورة تعلم مستويات الصوت -ارتفاعاً وانخفاضاً- كونها تمثل جانباً رئيسياً في تعلم الصينية، موضحان أنهما يستخدمان الإنجليزية كلغة للتواصل مع طلابهما، مؤكدين على أن مستويات الصوت والكتابة يمثلان الجوانب الأصعب في تعلم الصينية، مستدركين أنه ومع مرور الوقت ستسهل اللغة عند الطلاب، ناصحين طلابهما إلى تكثيف التدرب على تعلم اللغة. وأوضحت المعلمتان "هوانغ دزيشنغ"، و"ليوكه كه" أن أهم الصعوبات التي تواجه الطلاب خلال تعلمهم الصينية وهو نطق الكلمات واختلاف الأصوات بين الصينية والعربية، وكذلك الكتابة، وأن الصينية تعتمد على الرسم خلال الكتابة أكثر منها حروف، ونصحن الطالبات بأهمية إجراء محادثات مع أقرانهم باستخدام الصينية، واستخدام الوسائل التعليمية عبر مقاطع الفيديو واستخدام تطبيق "Duolingo" الذي يعد أحد أشهر التطبيقات في العالم لتعلم اللغات. وقت أطول ووصف الطالب سعيد الزيد اللغة الصينية بالمفيدة، والتي تساعدهم على التعرف على ثقافة ولغة الصين، مضيفاً أنه يحرص على قضاء وقت أطول في تعلم الصينية لكونها جديدة وتحتاج إلى مزيد من الجهد للتمكن منها، ناظراً إلى اللغة الصينية باهتمام، مبرراً ذلك لكون كثير من الأجهزة المنزلية والذكية قادمة من الصين، ما يعني أهمية تعلم هذه اللغة، مستعيناً بالتطبيقات التي تساعده على التعلم الذاتي، دافعاً اهتمامه بهذه اللغة إلى تقديم مشاركات في الاصطفاف الصباحي باللغة الصينية، واختار يومنا الوطني 95 لتقديم مشاركته الوطنية باللغة الصينية في صورة تعكس الرغبة الواضحة لديه وبقية زملائه لتعلن هذه اللغة. ولكون سعيد يمثل حالة رائعة من الطموح، فقد عبّر مدير متوسطة مجمع حمد الجبر التعليمي بالأحساء علي البراهيم عن فخره بما لمسه ويلمسه من هذا الطالب النجيب، الذي جمع بين الرغبة المتدفقة للتعلم مع الخلق الرفيع، ومن رغبة خاصة في تعلم اللغة الصينية، حيث يحرص الطالب على المشاركة في المناسبات الوطنية وباللغة الصينية وتمنى له التوفيق. أصبحت شغوف ووجّه الطالب باقر الرمضان شكره إلى المعلم ليو، الذي حوّل -على حد تعبيره- مستواه من الصفر، حيث لم يكن يعرف حرفاً واحداً، مما حدا به التفكير للانتقال إلى مدرسة أخرى هروباً من هذه اللغة الصعبة، حتى جعل منه شغوفاً في تعلم الصينية، مضيفاً: "لجأت إلى مواقع وتطبيق ChatGPT أو ترجمة Google ومقاطع في اليوتيوب"، مشيراً إلى أنها تساعده على سرعة التعلم، مثنياً على وزارة التعليم التي جلبت معلمين من الصين، مشيراً إلى أن تعلم الصينية من معلمين تكون لغتهم الأم الصينية أمر يساعد على تعلمها بشكل مميز، لافتاً إلى أنه يتعلم لغتين في آن معاً الصينية والإنجليزية، ناصحاً أقرانه إلى تعلم الصينية، واصفاً إياها باللغة الجميلة. سهلة وشيقة وعبّر الطالبات خولاء العليوي، وفاطمة الغدير، وفاطمة بومجداد، وريم الحبارة، وفاطمة العبداللطيف -وباللغة الصينية- عن مدى إقبالهم الشديد على تعلم اللغة الصينية، ووصفوا تجربتهن في تعلم اللغة بالسهلة والشيقة والنوعية، وأنهن حريصات على تعلمها ليتمكنوا من تعلم أمور جديدة في حياتهن. وأظهر الطالبات تميزاً وتمكن واضح في تحدث الصينية رغم قصر فترة دراستهن، وحرصن على تطوير لغاتهن عبر تحضير دروسهن باستمرار، والاستمتاع بمشاهدة المسلسلات الصينية، كما يمضين وقتاً طويلاً في تصفح مقاطع على "اليوتيوب"، وذلك جعل منهن يسابقن الزمن في تعلم الصينية، مرجعات الفضل -بعد الله- في إقبالهن على تعلم اللغة إلى التشجيع الكبير من أمهاتهن. تطور سريع وقال الطالبان سلمان الموسى، وعلي الفهيد: إنه في بداية هذا العام لم يكن يعرفا شيئاً من اللغة الصينية، ومع انطلاق الدراسة بدءا في تعلم الصينية، ومع مرور الوقت باتا محبان لهذه اللغة الجديدة، حيث بدءا في مشاهدة الأفلام الصينية وكان يلاحظا كيف تنطق الكلمات، وهكذا مع مرور الوقت أصبحا مستوعبان للغة بشكل جيد، ناصحين أقرانهم ممن لم يتعلموا الصينية بالثقة العالية في النفس ليتمكنوا من تجاوز المصاعب، مبينين أن الصينية كأي لغة أخرى بحاجة إلى المذاكرة المستمرة والممارسة اليومية للتمكن منها. ولم يخف الطلبة نايف العتيبي، وعبدالعزيز الحربي، ومحمد المبيريك، ويزيد المطيري صعوبة اللغة في الأيام الأولى لتعلمهم، إلاّ أنهم أكدوا أنها أصبحت سهلة بالنسبة لهمم مع مرور الوقت، ويتفاعلون جميعهم مع معلمهم وبشكل لافت مما جعل من لغتهم تتطور سريعاً، مبدين رغبتهم وطموحهم المستقبلي للعمل في التجارة، معتبرين أن تمكنهم من الصينية سيسهلهم عليه الانخراط في عالم التجارة، ويقضون جميعهم أوقات طويلة للتدرب على كتابة الصينية، مبررين ذلك لكون الكتابة في هذه اللغة بحاجة إلى مزيد من الجهد. لغة المستقبل وذكر الطالب مجتبى العبدالله أن اللغة الصينية هي لغة المستقبل، مضيفاً أنه زار معرضاً للصناعات الصينية في العاصمة الرياض، وشاهد أهمية هذا اللغة من خلال حجم الصناعات، وحجم الإقبال من الزوار ورجال الأعمال، معتبراً أن تعلم الصينية سيتيح له ولجيله من الشباب الحصول على وظيفة مميزة، أو الدخول لعالم التجارة كونهم يمتلكون لغة صناعية مهمة. وأكد الطلبة علي المبارك، وحسين الغدير، وفارس الخميس على أن حصة اللغة الصينية أصبحت من أفضل الحصص اليومية عندهم، مشيرين إلى أن إسناد اللغة الصينية للمتحدثين بها كان له الفضل بعد الله في جاذبيتهم وحماسهم لها رغم صعوبتها في البداية، حاثين أقرانهم ممن لا توجد في مدارسهم مادة اللغة الصينية إلى الدخول على المواقع للبدء في تعلم أساسيات هذه اللغة لأهميتها مستقبلاً، كاشفين عن أنهم كانوا غير متقبلين لتعلم هذه اللغة في الأيام الأولى، إلاّ أن ذلك العزوف سرعان ما تحول إلى رغبة وحماس كبيرين، وذلك بعدما استشعروا أهميتها ومستقبلها الواعد، مشيرين إلى أنهم بدأوا في تجاوز الكثير من صعوبات تعلم اللغة ومن ذلك نطق الحروف ومستويات الصوت. فخر وسعادة وأشاد عبدالله البوعويس -ولي أمر- بإدراج اللغة الصينية في مدارس المملكة كونها تمثل جسراً لرجال الأعمال والمستثمرين في المستقبل للتواصل مع نظرائهم في الصين، كما أن ستمكنهم من تطوير أعمالهم مع الصين كدولة لها ثقلها الصناعي والاقتصادي وتسابق الزمن، معتبراً أن من سيحمل اللغة الصينية سيحمل معه مستقبلاً واعد. وأعربت والدة الطالبة زهراء القضيب عن فخرها وسعادتها بتعلم ابنتها للغة الصينية بحماس بفضل معلمتها وتشجيع المدرسة حتى بات تعلمها لهذه اللغة الجديدة سهلاً وممتعاً. ولم تخفِ والدة الطالبة آيات الشواف سعادتها لبدء ابنتها تعلم الصينية، مشيرةً إلى أن ابنتها بدأت في التعرف على ثقافة وتقاليد الشعب الصيني من خلال تعلمها لغتهم، معتبرةً أن هذا يعزز من احترام الطالبات لثقافات الشعوب الأخرى من خلال التواصل مع أقرانهم من تلك الشعوب، متمنيةً تعميم هذه التجربة على جميع المراحل التعليمية في بلادنا. ولفتت والدة الطالبة ريحانة الدوخي إلى أن ابنتها شغوفة في تعلم هذه اللغة من اليوم الأول عبر مشاهدتها للأفلام الصينية وحرصها المستمر على قضاء وقت طويل في تعلم هذه اللغة. «ليو» سعيد بتدريس الصينية في مدارس المملكة رغبة واضحة لدى أبنائنا لتعلم اللغة الصينية بناتنا يتلقين درساً في اللغة الصينية أداء تمارين اللغة الصينية