عندما يُذكر السلام، تُذكر المملكة العربية السعودية، فهي الأرض التي نزل فيها الإسلام برسالته الخالدة التي قامت على الرحمة، والتسامح، ونبذ العدوان. فمن مكةالمكرمة انطلقت أول دعوة إلى السلام بين البشر، دعوةٌ أساسها (ادخلوا في السلم كافة)، ورسالةٌ حملها نبيّ الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين.. ومنذ ذلك الحين، أصبح السلام جزءًا من هوية هذه الأرض ومكوّنًا أصيلًا في وجدان شعبها ونهج قادتها. منذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- كان السلام حجر الزاوية في مشروعه الوطني. فقد وحّد البلاد المترامية الأطراف بوسائل الحكمة والحوار قبل القوة، وجعل الأمن والاستقرار هدفًا لا ينفصل عن التنمية والبناء. وسعى إلى إقامة علاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، لتكون المملكة منذ ولادتها صوتًا للحكمة في محيط مضطرب. تتابع ملوك المملكة على هذا النهج، فكان الملك سعود والملك فيصل والملك خالد -رحمهم الله- من أبرز من رسّخوا مفهوم السلام العادل في المنطقة. وقد عُرفوا بدورهم التاريخي في الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وإصرارهم على أن السلام لا يتحقق إلا بالعدالة. كما كانت مواقفهم في الأزمات العربية والإسلامية تجسيدًا لرؤية المملكة بأن الحوار هو الطريق الأقوم لتسوية الخلافات. وفي العقود التالية، واصل الملك فهد والملك عبدالله -رحمهما الله- حمل راية السلام، من خلال مبادرات متعددة أبرزها مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبدالله عام 2002، والتي مازالت حتى اليوم تمثل الأساس الأشمل لأي تسوية عادلة في الشرق الأوسط. كما لعبت المملكة دورًا إنسانيًا رائدًا عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، ومساهماتها في جهود الأممالمتحدة لحل النزاعات وإغاثة الشعوب المتضررة من الحروب. أما في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، فقد انتقل دور المملكة في صناعة السلام إلى أفق عالمي أرحب.. أصبحت الرياض مركزًا للحوار بين الأديان والثقافات، وبرزت المملكة كوسيط موثوق في حل الأزمات الإقليمية والدولية، ولعل آخرها إعادة الوطن السوري المختطف إلى حضن أهله والإصرار على قيام دولة فلسطينية مستقلة.. كما تبنت رؤية 2030 التي وضعت السلام الداخلي والاستقرار المجتمعي والتنمية المستدامة في قلب مشروعها الحضاري. إن السلام في المملكة ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسةٌ متجذّرة في السياسة والوجدان. فكما احتضنت هذه الأرض مهبط الوحي ومركز الرحمة الإلهية، فإنها اليوم تحتضن مشاريع سلام تمتد من السياسة إلى الاقتصاد، ومن التنمية إلى الإغاثة، لتؤكد للعالم أن للسلام وطنًا.. ووطنه المملكة العربية السعودية.