لم تعد المناسبات الاجتماعية، كحفلات الزواج أو مناسبات التقدير العامة، مجرد لقاءات للتواصل والفرح، بل تحولت عند البعض إلى ساحة (استعراض وهياط) يُبالَغ فيها بالزينة والمصاريف والتكاليف والإشغال المفرط للناس، هذا التضخيم يصطدم (بمقاصد الشرع) الداعية إلى الاقتصاد والاعتدال، وعدم التبذير، ويحمل في طياته تكريسًا لثقافة مظهرية قد لا يطيقها كل فرد من أفراد المجتمع، فتثقل كاهل الأسر وتدفع بالشباب إلى تقليد أنماط لا تناسب قدراتهم. إن مثل هذا التبذير لا يزيد المجتمع إلا تشتتًا وغيرةً، ويزرع الفوارق بدل أن يعزز الألفة. بينما تختفي وراء هذه الأضواء نماذج راقية وقدوات صالحة آثرت الاختصار والبساطة، معتبرة أن قيمة المناسبة في معناها لا في بهرجة شكلها. هؤلاء يُحيون سنة التيسير، ويمثلون قدوة حية في صناعة الفرح بلا إرهاق ولا مباهاة. إن العودة إلى الاعتدال في المناسبات ليست مجرد خيار اجتماعي، بل مسؤولية أخلاقية ودينية واجتماعية، تحمي الأسر من الديون، وتصون المجتمع من فوضى الاستعراض، فالأجمل أن تبقى مناسباتنا مساحة صادقة للود والبركة، لا مظاهر جوفاء تعكس فراغًا أكثر مما تعكس فرحًا وأن نبرز القدوات في المجتمع لا مشاهير الفلس الذين يريدون إعادة تشكيل تفاصيل حياتنا ومنها مناسباتنا بشكل مبالغ.