لم تعد صناعة الإعلام الحقوقي المتخصص خيارًا ترفيًا، بل ضرورة وطنية ملحة لمواكبة اهتمام المملكة بحقوق الإنسان بما يعزز أهمية صنع إعلام حقوقي متخصص يواكب هذا الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان، وبما يسهم في تعزيز صورة المملكة عالميًا، ومؤخراً عقدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان دورات تدريبية بعنوان: "تأثير الإعلام على قضايا حقوق الإنسان"، وذلك بمقر الجمعية بالرياض، بمشاركة عددٍ من الإعلاميين والمهتمين من مختلف القطاعات الحقوقية ومراكز الحماية والمجالس الأسرية. وتناولت الدورة أهدافاً عامة، من أبرزها تعزيز فهم الإعلاميين لمبادئ حقوق الإنسان من منظور مهني وأخلاقي، وتنمية مهارات التغطية الإعلامية للقضايا الحقوقية بطرق احترافية وموثوقة. وفتحت مجالاً للنقاش حول أهمية قيام الجهات المعنية بحقوق الإنسان بالمملكة نحو هذا التوجه بإعداد الكوادر المتخصصة في مجال الإعلامي الحقوقي، حيث يضمن وجود إعلاميين وخبراء مؤهلين قادرين على تحويل الجهود الوطنية إلى قصص نجاح تبرز مكانة المملكة كدولة رائدة في تعزيز حقوق الإنسان، حيث تتنامى الحاجة اليوم إلى وجود إعلام حقوقي متخصص يضطلع بدور محوري في نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بمبادئها، ومع ما توليه ًالمملكة من اهتمام كبير بقضايا الحقوق، يتأكد أن تأسيس إعلام حقوقي محترف أصبح ضرورة وطنية ملحة لتعزيز المكتسبات القائمة، ونقل صورة المملكة المشرقة في هذا المجال على المستويين المحلي والدولي. أطفال وكبار وتناولت الدورة ما أولته المملكة بشأن حقوق الإنسان من اهتمام متنام خلال العقود الأخيرة، حيث سنّت العديد من الأنظمة والتشريعات التي تحفظ كرامة الإنسان وتصون حقوقه، ومن أبرزها نظام حماية الطفل، ويعنى هذا النظام في المملكة بحماية حقوق الطفل وضمان رعايته وتنميته في بيئة آمنة، بعيدًا عن جميع أشكال الإيذاء أو الإهمال أو الاستغلال، وما يهدف النظام إليه كالوقاية من المخاطر الجسدية والنفسية والاجتماعية التي قد يتعرض لها الطفل، مع توفير آليات الإبلاغ والتدخل السريع وضمان محاسبة منتهكي حقوق الطفل، كما تطرقت الدورة لنظام حماية حقوق كبار السن ورعايتهم، والذي يهدف إلى حمايتهم وضمان رعايتهم في بيئة تحفظ كرامتهم ومكانتهم وتمكينهم من الحصول على احتياجاتهم الأساسية الصحية والاجتماعية والمعيشية، ويلزم الأسرة والجهات المختصة برعايتهم، ومنحهم أولوية في الخدمات وتسهيلات خاصة، مع وضع عقوبات صارمة على أي إساءة أو انتهاك لحقوقهم، انسجاماً مع التزامات المملكة المحلية والدولية، ونظام الحماية من الإيذاء، والتأكيد على ما يعنى به هذا النظام الحماية من الإيذاء بحماية الأفراد من جميع أشكال الإيذاء الجسدي، أو النفسي أو الجنسي، أو الإهمال، سواء داخل الأسرة أو في المحيط الاجتماعي. يُلزم النظام الجهات المختصة باتخاذ إجراءات الحماية الفورية، وتوفير الدعم اللازم للضحايا، إلى جانب توعية المجتمع وتعزيز ثقافة الإبلاغ. إطار قانوني وتم التطرق إلى نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص الذي يهدف إلى التصدي لكافة أشكال الاستغلال البشري، بما في ذلك الاستغلال الجنسي والعمل القسري والتسول المنظم وتجارة الأعضاء، ويضع النظام إطاراً قانونياً لحماية الضحايا، ومعاقبة المتاجرين، وضمان التعاون بين الجهات المختصة محليا ودوليا لمكافحة هذه الجريمة الخطيرة، واستعرض المدرب إنشاء المملكة لجهات وطنية فاعلة مثل "الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان" التي تحظى باستقلالية تامة، و"هيئة حقوق الإنسان" اللتان تعملان على متابعة الالتزامات الوطنية، والتنسيق مع الجهات الحكومية والأهلية في هذا المجال، وتم التعريف بما جاءت به رؤية 2030 التي تؤكد هذا التوجه من خلال تعزيز القيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وتمكين المرأة والشباب، وحماية حقوق العمالة، وتحسين جودة الحياة. عدم التحيز وحول تجنب التحيز والتضليل في التغطيات الإعلامية، تم التطرق خلال الدورة إلى ضرورة عدم التحيز الإعلامي الذي قد يحدث عندما يظهر الصحافي أو المؤسسة الإعلامية انحيازاً غير مبرر لطرف دون آخر، والبعد عن التضليل الإعلامي الذي يشمل تقديم معلومات مغلوطة أو ناقصة أو إخراجها من سياقها، والحد من التحيز والتضليل بإستخدام أكثر من مصدر للمعلومة، وتمثيل وجهات النظر المختلفة بعدالة، وتجنب اللغة العاطفية أو التعبيرات الموجهة، وكذلك مراجعة المادة الصحفية قبل النشر من جهة القارئ المحايد. وتعرف المتدربون إلى كيفية تعزيز فهم الإعلاميين لمبادئ حقوق الإنسان من منظور مهني وأخلاقي، وتنمية مهارات التغطية الإعلامية للقضايا الحقوقية بطرق احترافية وموثوقة، وإبراز الجهود الوطنية للمملكة في تعزيز حقوق الإنسان محليًا ودوليًا، وربط العمل الإعلامي بمنظور الشريعة الإسلامية التي أرست قواعد العدالة والكرامة الإنسانية. وعي ومعرفة وحول أهمية وجود إعلام حقوقي متخصص طالب علي الحازمي -عضو مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين- بأهمية وجود إعلام متخصص لما له من أهمية كبرى على مستويات عدة، من أبرزها رفع الوعي المجتمعي خلال تبسيط المفاهيم الحقوقية ونشرها على نطاق واسع، وتعزيز الشفافية عبر عرض الحقائق وبناء جسور ثقة بين المجتمع والمؤسسات. وشدّد المتدرب محمد الحربي -من منسوبي مركز الحماية الأسرية وحماية الطفل بالقصيم- على مواجهة الانتهاكات والشائعات من خلال تقديم تغطيات مسؤولة تكشف الأخبار المضللة. نحتاج إلى تكثيف تدريب العاملين في القطاعات الحقوقية والأمنية وتم خلال الدورة إبراز تمثيل المملكة ودعم السياسات الوطنية بالانسجام مع جهود الدولة في سن الأنظمة ومراقبة تطبيقها. وذكر المتدرب سعود السعدي أن مثل هذه الدورات المتخصصة في الإعلام الحقوقي تثري بشكل كبير عدة جوانب مهمة، أبرزها تعزيز الوعي والمعرفة، ومنح الإعلاميين قاعدة معرفية متينة حول مفاهيم حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية، وما يتصل بها من أنظمة محلية تساعد على تصحيح المفاهيم الخاطئة، مع إيجاد خطاب إعلامي أكثر عمقًا ومصداقية، والعمل على تطوير المهارات المهنية، كما تتيح للمشاركين أدوات عملية لتغطية القضايا الحقوقية بمهنية عالية، وتعزز مهاراتهم بإعداد التقارير، وإجراء المقابلات، وصياغة المحتوى الإعلامي بلغة إنسانية ومسؤولة، وكذلك بناء جسور مع المؤسسات الحقوقية وتفتح قنوات للتعاون مع الجهات ذات الاختصاص بالداخل والمنظمات الدولية، وتعزز تكامل الأدوار بين الإعلام والجهات المختصة لخدمة القضايا الحقوقية. معلومات ونقاشات وأثنت المتدربة لجين الشراري -مجلس شؤون الأسرة- على الدورة المميزة والنقاشات الثرية التي قدّمت خلالها، مؤكدةً أنها كانت تجربة ملهمة أضافت لها الكثير معرفيًا ومهنيًا، وركزت على الأخلاقيات للتغطية الإعلامية، مضيفةً: "لقد أسهمت الدورة المتخصصة في تعزيز وعيي بكيفية ربط الرسالة الإعلامية بقيم العدالة والكرامة الإنسانية، وأنها تجربة مميزة أضافت لي بعدًا معرفيًا ومهنيًا جديدًا"، شاكرةً الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان على تنظيم هذه الدورة النوعية، والتي أسهمت في ترسيخ مفاهيم مهنية وقيمية مهمة، وكذلك المدرب على ما قدّمه من طرح متميز ونقاشات قيّمة كان لها أثر بالغ في إثراء التجربة التدريبية وتعزيز المعارف المهنية. وقالت المتدربة عبير الجعيد -من منسوبات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية-: إن دورة الإعلام وحقوق الإنسان كانت مفيدة وممتعة، واحتوت على معلومات ونقاشات ثرية قُدمت بطريقة منظمة وواضحة، مبينةً أنها استفادت كثيراً من المعلومات التي تم طرحها بخصوص الإعلام وشراكته العميقة بحقوق الإنسان، ومن فهم خفايا الإعلام الحقوقي والتعامل معه بكل المقاييس، وساعدنا في ذلك قدرة المدرب على إيصال المعلومة بطريقة مبسطة وسلسة، وشجعنا ذلك على التفاعل وطرح الأسئلة، ما أضفى جوًا إيجابيًا على الدورة، كتطلعةً إلى دورات مماثلة في المستقبل -بإذن الله-. معايير مهنية وشدّد المتدرب عثمان الراشد -علاقات دولية- على أهمية مناقشة أبرز التحديات أمام الإعلام الحقوقي، مثل الرقابة الإعلامية، وتضارب المصالح، وضعف التدريب، وانتشار الأخبار المضللة، وضرورة تفعيل المعايير المهنية والأخلاقية للتغطيات الإعلامية وتحري الموضوعية، والدقة، والحياد، والمسؤولية الاجتماعية، والشفافية في كل مايتعلق بالإعلام الحقوقي، وكذلك أهمية مناقشة التنمر الذي يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية، ويخلّ بالحق في السلامة والأمان وأهمية العيش دون عنف، حتى لا يؤثر سلباً على الحق في التعليم وبيئة العمل الآمنة. وقال المتدرب خالد العنزي -من صحيفة عكاظ-: لقد استفدنا من هذه الدورة واستفدنا من تناقشنا بمواضيع كثيرة كان أهمها التنمر وكيف للطفل أو الشخص أن يأخذ حقه بالقانون من المتنمرين، مضيفاً: "يقع على عاتقنا كمتدربين وإعلاميين مسؤولية العمل معًا لمنع التنمر وحماية حقوق الضحايا من خلال توفير الدعم الإعلامي بما يتماشى مع السياسات والبرامج الفعالة التي تنفذها في الجهات الحقوقية بالمملكة". وذكرت خلود الجدوع -من مجلس شؤون الأسرة- أنه من المهم تكثيف الدورات المتخصصة في إعلام حقوق الإنسان والتعرف على الأنظمة والتشريعات. عدة تحديات وأبدت المتدربة حصة المطيري حرصها خلال الدورة على التعرف على أبجديات العمل الإعلامي الحقوقي، مضيفةً: "لقد تدربت هنا على كيفية الإعلام، الذي يعد وسيلة نقل خبرة وأداة نوعية وحماية وتمكين، وكيف أن الإعلامي مسؤول ويساهم في حفظ الحقوق ونقلها من المصادر الموثوقة". وقالت المتدربة ندى الحربي -من برنامج الأمان الأسري-: خلال دورة "الإعلام وحقوق الإنسان" تعرفنا على المفاهيم المهمة للحقوق ودور الاعلام في شرحها وتأصيلها بالمعايير الأخلاقية والمسؤولية المجتمعية ولقد أثرت الدورة معلوماتنا بالإعلام المتخصص. وأوضحت زميلتها المتدربة سوسن القشقري -في القطاع نفسه- أنه ساهمت الدورة التدريبية بالتعريف بأهمية الإعلام كوسيلة لنشر ثقافة حقوق الإنسان وكيف يمكن للإعلام المهني بأن يكون شريكاً في بناء مجتمع يحترم الحقوق ويصون الكرامة. وتحدث المتدرب الإعلامي طلال العنزي عن أهمية عقد الدورات التدريبية المتخصصة كأداة أساسية لتمكين الإعلاميين والجهات العاملة في المجال الحقوقي من أداء دورهم بكفاءة، وبناء قدرات من الكوادر الوطنية عبر تطوير مهاراتهم في التغطية الحقوقية، وكذلك تعزيز التكامل المؤسسي بمشاركة جهات مثل الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، هيئة حقوق الإنسان، الدوائر الأمنية والعدلية، والوزارات ذات العلاقة، إضافةً إلى رفع مستوى المهنية والشفافية من خلال التدريب على الدقة والحياد والموضوعية، ومواجهة التحديات الإعلامية الحديثة كالأخبار المضللة والتشويه الإعلامي، ونشر التجارب الوطنية الناجحة وربطها بالمعايير الدولية. وأجمع أغلب المتدربين على أنه بالرغم من أهمية الإعلام الحقوقي، إلاّ أنه يواجه عدة تحديات، منها ضعف التأهيل المتخصص لبعض الإعلاميين، والحاجة المستمرة للتدريب والتطوير المهني، والحد من انتشار الأخبار الكاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وضرورة فهم حساسية بعض الملفات الحقوقية التي تتطلب دقة عالية وحيادًا تامًا. استعراض الجهود وحول أهمية الاستثمار في تدريب الإعلاميين والمهتمين وإعداد متخصصين بالإعلام الحقوق لبناء مجتمع واعٍ بحقوقه وواجباته قال خالد عبدالرحمن الفاخري -رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان-: إن الاستثمار في تدريب الإعلاميين والمهتمين بحقوق الإنسان يُعد استثمارًا في بناء مجتمع واعٍ بحقوقه وواجباته، وقادر على مواجهة التحديات الإعلامية المعاصرة، مضيفاً أن الإعلام شريك فاعل في تعزيز ثقافة الحقوق وترسيخ قيم العدالة والكرامة الإنسانية، مبيناً أن هذه الدورة التدريبية التي نظمتها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بعنوان "تأثير الإعلام في قضايا حقوق الإنسان"، واستمرت يومين بمقر الجمعية بالرياض، وقدّمها الإعلامي راشد بن عثمان السكران، وحضرها عدد من الإعلاميين والمهتمين من مختلف القطاعات، تناولت جملة من المحاور المهمة، أبرزها دور الإعلام في رفع الوعي الحقوقي، التعريف بحقوق الإنسان الأساسية التي كفلتها الشريعة الإسلامية والأنظمة الوطنية، واستعراض الجهود الرائدة للمملكة في هذا المجال، مثل نظام حماية الطفل، ونظام حماية حقوق كبار السن ورعايته، ونظام الحماية من الإيذاء، ونظام مكافحة الاتجار بالأشخاص، لافتاً إلى أن النقاشات الموسعة التي شهدتها الدورة عززت إدراك المشاركين للعلاقة التكاملية بين الإعلام وحقوق الإنسان، مؤكدًا أهمية إيجاد الصحافي المتخصص الملتزم بالمهنية والحياد ليصبح مدافعًا -غير رسمي- عن الحقوق، ما يسهم في كشف الانتهاكات ونقل صوت المتضررين وتعزيز الحوار المجتمعي. منصات وطنية ووجّه رئيس الجمعية شكره للمشاركين والمدرب على ما بذلوه من جهد وعطاء، مؤكداً استمرار الجمعية في تنفيذ المبادرات والبرامج التي تعزز مكانة المملكة في مجال حقوق الإنسان محليًا ودوليًا، وبما يواكب مستهدفات رؤية 2030، ولضمان فعالية الإعلام الحقوقي، خرج المتدربون بتوصيات مهمة منها أهمية تكثيف إطلاق البرامج التدريبية الدورية للإعلاميين والعاملين في القطاعات الحقوقية والأمنية، وتخصيص منصات وطنية متخصصة في التغطيات الحقوقية وإبراز الإنجازات السعودية، وتعزيز الشراكات بين الجهات الحقوقية ووسائل الإعلام، وكذلك توظيف الإعلام الرقمي في نشر الثقافة الحقوقية خاصة بين فئة الشباب، ودعم البحوث والدراسات الإعلامية الحقوقية لتطوير السياسات والممارسات. لابد من وجود إعلام حقوقي متخصص ومدرّب خالد الفاخري علي الحازمي