تُشارك المملكة ممثلةً بعدد من الجهات الحكومية والأهلية، في فعاليات اليوم العالمي للصحة النفسية الذي تنظمه منظمة الصحة العالمية سنويًا في العاشر من أكتوبر، تأكيدًا لاهتمام المملكة المتنامي بالصحة النفسية كإحدى ركائز جودة الحياة والتنمية المجتمعية، وتأتي مشاركة المملكة امتدادًا لجهودها في تعزيز الوعي المجتمعي بقضايا الصحة النفسية، وتسليط الضوء على أهمية الوقاية والعلاج المبكر، والتصدي للوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية، وتتولى وزارة الصحة والمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية قيادة هذه الجهود من خلال إطلاق حملات توعوية وطنية تشمل المعارض الميدانية، والمحاضرات التثقيفية، والدورات التدريبية، إضافةً إلى برامج إعلامية عبر المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، تهدف إلى بناء مجتمعٍ واعٍ يتعامل مع الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من الصحة العامة، وتشارك المدن الطبية والمستشفيات الجامعية والجمعيات المتخصصة في تفعيل المناسبة، من خلال أنشطة وبرامج تستهدف مختلف فئات المجتمع، وورش عمل تركز على تعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل والمدارس والجامعات، إلى جانب مبادرات ميدانية تُشجع على الاهتمام بالرفاه النفسي ودعم من يعانون من ضغوط أو اضطرابات نفسية، ووفقًا لنتائج المسح الوطني للصحة النفسية الذي أجرته الجهات المختصة في المملكة، تشير البيانات إلى أن ما يقارب ثلث السكان قد مروا بتجربة نفسية تستدعي المساندة أو العلاج في مرحلة من حياتهم، في حين ما تزال نسبة قليلة منهم تلجأ إلى طلب المساعدة، مما يعكس أهمية الجهود المستمرة لنشر الوعي وتسهيل الوصول إلى خدمات الرعاية النفسية. حماية حقوق المرضى وضمان حصولهم على العلاج والرعاية منصات رقمية وفي هذا الإطار، تعمل وزارة الصحة على توسيع خدمات العيادات النفسية الأولية، وإدماج برامج الدعم النفسي في مراكز الرعاية الصحية، بالإضافة إلى تعزيز خدمات الاستشارات النفسية الإلكترونية عبر المنصات الرقمية، وذلك ضمن مستهدفات رؤية 2030 وبرنامج جودة الحياة، وتحرص المملكة من خلال مشاركتها السنوية في اليوم العالمي للصحة النفسية على ترسيخ ثقافة التوازن النفسي والاجتماعي، وبناء بيئات عمل ومجتمعات تعليمية داعمة، وتشجيع الأفراد على تبنّي ممارسات حياتية تعزز الصحة النفسية وتقي من الاضطرابات النفسية، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الصحة النفسية أساسٌ للإنسان المنتج والمجتمع المزدهر، وتؤكد وزارة الصحة أن الصحة النفسية حق أساسي من حقوق الإنسان المكفولة للجميع، ولكل شخص، أيًّا كان وأينما كان، الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة النفسية يمكن بلوغه، وأضافت: تنطوي الصحة النفسية الجيدة، على أهمية حيوية لصحتنا ورفاهيتنا إجمالاً، ومع ذلك، يتعايش شخص واحد من كل ثمانية أشخاص في العالم مع اعتلال من اعتلالات الصحة النفسية، التي يمكن أن تؤثر على صحتهم البدنية، ورفاههم، وكيفية تواصلهم مع الآخرين، وسبل عيشهم، وتؤثر اعتلالات الصحة النفسية أيضًا على عدد متزايد من المراهقين والشباب؛ لأنها تمس مرحلة عمرية حساسة تشهد تشكّل الهوية، وبناء الثقة بالنفس، وتكوين العلاقات الاجتماعية. رفع الوعي وتمس التأثيرات في الجوانب التالية التأثيرات النفسية والعاطفية، فالقلق والاكتئاب يؤديان إلى شعور دائم بالحزن أو الخوف أو التوتر، ما يضعف القدرة على التركيز والتحفيز، وتدني تقدير الذات، حيث يشعر المراهق بالعجز أو بعدم القيمة، ما يجعله عرضة للانعزال أو البحث عن القبول بطرق غير صحية، وعند الاندفاع والغضب يحدث بعض الاعتلالات النفسية قتظهر في شكل سلوكيات عدوانية أو اندفاعية، كوسيلة للتنفيس عن الألم الداخلي، وكشفت وزارة الصحة عددا من الحقائق مثل مشكلات الصحة العقلية والتي هي أحد الأسباب الرئيسة لزيادة عبء المرض العام في جميع أنحاء العالم، وأن مشكلات الصحة العقلية والسلوكية مثل الاكتئاب، والقلق، وتعاطي المخدرات، هي الدوافع الرئيسة للإعاقة في جميع أنحاء العالم، وتتسبب في أكثر من 40 مليون حالة من الإعاقة في سن 20 إلى 29 عامًا، مضيفةً الصحة أن ممارسة النشاط البدني وتمارين الاسترخاء، والابتعاد عن الضغوط، ومرافقة الإيجابيين، وطلب المساعدة عند الحاجة، يعزز الصحة النفسية، ويرفع جودة الحياة، ومن الأهداف التي تعمل عليها وزارة الصحة رفع الوعي بمشكلات الصحة النفسية حول العالم، وتكريس وتفعيل الجهود لدعم الصحة النفسية، وتقليل الوصمة المجتمعية، وتوجيه مزيد من الاهتمام لموضوعات الصحة، والمشكلات النفسية. رعاية طبية ويعاني كبار السن مشكلات صحية عدة خاصة بهذه الفئة، فالعديد منهم يفقد القدرة على الحركة أو تُصبح حركته محدودة، ويعتمد البعض على الآخرين في تلبية حاجاتهم، كما يعاني البعض مشكلات جسدية وعقلية ونفسية تتطلب رعاية طبية طويلة الأجل، ومن المهم مساعدة كبار السن، خاصة عند ظهور مشكلات نفسية؛ حيث إنهم غالبًا ما يترددون في طلب المساعدة، والعوامل الكامنة وراء ظهور المشكلات الصحية النفسية لدى كبار السن هناك العديد من العوامل الاجتماعية والسكانية والنفسية والبيولوجية التي تسهم وتؤثر في الحالة الصحية والنفسية للفرد، وتجتمع هذه العوامل تقريبًا لدى كبار السن، ومن أمثلتها الفقر، العزلة الاجتماعية، الاعتماد على الآخرين، والشعور بالوحدة، فكل هذه العوامل تؤثر سلبًا في صحة ونفسية المسن، ويساعد الدعم الاجتماعي والأسري في تعزيز كرامة كبار السن ويحد من آثار المشكلات النفسية المترتبة على هذه الفئة، ومن الملاحظ زيادة عدد المسنات عن المسنين في العالم، حتى أصبح يطلق عليهم "شيخوخة الإناث"، وتختلف المشكلات الصحية والأمراض التي تصيب المسنات عن المسنين، كما نجد أن النساء عادة لديهن دخل مادي أقل وعلاقات اجتماعية أفضل، ومن جهة أخرى يزيد تعرض النساء للاكتئاب والخرف مقارنة مع الرجال. تنظيم الخدمات وتركز المملكة في مجال الصحة النفسية، على السياسات، المؤسسات، البرامج، والتحديات ومن أهمها الإطار الاستراتيجي والمؤسسي والقانون والسياسات الوطنية، حيث اعتمدت نظام الرعاية الصحية النفسية الذي يركّز على تنظيم الخدمات النفسية، حماية حقوق المرضى، وضمان حصولهم على العلاج والرعاية المناسبة، وقد أنشِئ المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية لتنسيق الجهود الوطنية في التوعية والدعم النفسي، وتتضمن السياسة الوطنية للصحة النفسية فئات خاصة مثل الأطفال، المراهقين، المسنين، وكذلك مكافحة الإدمان، وتم دمج الصحة النفسية في الرعاية الصحية الأولية، وتسعى المملكة إلى دمج خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في مراكز الرعاية الأولية، خصوصًا للفئات الضعيفة مثل الأطفال، النساء الحوامل، الأمهات الجدد، ولم نعثر على إحصاءات جديدة، لكن حتى سبتمبر 2022، وصل عدد مراكز الرعاية الصحية الأولية التي تقدم خدمات الصحة النفسية إلى 1,406 من أصل 1,875 مركزًا -حوالي 75 %-، مع استفادة 114,068 مريضًا عبر 329,016 زيارة، ويُستخدم نموذج مكوَّن من خمس خطوات كإطار منهجي لتدريب أطباء الرعاية الأولية على التعامل مع الحالات النفسية. تثقيف مجتمعي وحول البنية التحتية والخدمات النفسية المتخصصة، هناك 21 مستشفى نفسيًّا في المملكة بسعة سريرية تصل إلى 4,046 سريرًا، بالإضافة إلى 99 عيادة نفسية ومشاريع إنشاء 14 مستشفى إضافية، وتعمل وزارة الصحة على تجهيز المستشفيات العامة التي تزيد سعتها عن 100 سرير بإقامة أجنحة للتنويم النفسي -بنسبة تصل إلى 10 % من السعة-، وسبب أن تم تغيير اسم "العيادة النفسية في المراكز الصحية" إلى عيادة الإرشاد الشامل لجعلها أكثر جاذبية وأقل وصمة للمراجعين، وتسعى الحكومة الرشيدة لتكثيف التوعية والتثقيف المجتمعي، وتنشر منصة التوعية النفسية من وزارة الصحة مواضيع متنوعة حول الأرق، الاكتئاب، العوامل المساعدة للصحة النفسية، وغيرها، ويقدم المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية مكتبة إلكترونية، ومحتوى مرئي ونصي، واستشارات نصية تحت إشراف مختصين، وهناك مبادرات تعليمية في المدارس مثل: "برنامج التوعية المدرسية" برعاية وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة التعليم لتعزيز الوعي بين الطلاب، كما تم إيجاد منصات تُوفّر استشارات نفسية إلكترونية مجانية وخدمات الصحة النفسية عن بُعد. تنسيق الجهود واعتمدت المملكة نظام إحالة إلكتروني ووسائل متابعة تقنية للصحة النفسية داخل النظام الصحي لتتبّع بيانات الإحالات، ومن أبرز الإنجازات والنتائج النمو في عدد مراكز الرعاية الأولية المزودة بخدمات الصحة النفسية (75 % من المراكز تقريبًا تقدم تلك الخدمات الآن، والوصول إلى عدد كبير من المرضى في مراكز الرعاية الأولية -أكثر من 114 ألف مريض وزيارات بمئات الآلاف- دون تحويل إلى المستشفيات في معظم الحالات، وتزايد القبول المجتمعي لمناقشة الصحة النفسية وطلب المساعدة، خصوصًا بين الشباب، ما يعكس تغييرًا في الثقافة المجتمعية والوعي، وكذلك تقدم في استخدام الأدوات الرقمية والمنصات الإلكترونية لتسهيل الوصول إلى الاستشارات النفسية، وعلى الرغم من التوسع، ما زال هناك نقص في الأخصائيين النفسيين والمتخصصين في المناطق النائية، والوصمة الاجتماعية ما زالت تعيق بعض الأشخاص عن طلب المساعدة، رغم التوعية، والحاجة إلى تقييس الأداء وقياس المؤشرات بانتظام لمعرفة مدى فعالية البرامج، ولتعزيز الصحة النفسية، تأسس المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية في المملكة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء، حيث بدأ في الأصل باسم اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية بهدف تنسيق الجهود الوطنية في هذا المجال، وفي عام 1440ه -2019م- صدر قرار بتحويل اللجنة إلى مركز مستقل تحت مسمى "المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية"، يتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، ويرتبط تنظيمياً بوزارة الصحة، ويتخذ من مدينة الرياض مقراً له، والرؤية أن يكون المركز المرجع الوطني الرائد في تعزيز الصحة النفسية ورفع مستوى الوعي المجتمعي بها، بما يسهم في تحقيق جودة الحياة النفسية للمجتمع السعودي، والرسالة العمل على تعزيز مفاهيم الصحة النفسية والوقاية من الاضطرابات النفسية عبر نشر الوعي والتثقيف، وتمكين الأفراد والمؤسسات من التعامل الإيجابي مع ضغوط الحياة، وتنسيق الجهود بين القطاعات المختلفة لتحقيق التكامل في الخدمات النفسية. حوكمة وشفافية ولإنشاء المركز أهداف استراتيجية لتعزيز الوعي المجتمعي بمفهوم الصحة النفسية وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الاضطرابات النفسية، ودعم وتمكين المرضى النفسيين وأسرهم للحصول على خدمات علاجية وتأهيلية متكاملة، وتطوير البرامج الوقائية والتدخل المبكر لتقليل معدلات الإصابة بالأمراض النفسية، وتنسيق الجهود الوطنية بين الجهات الحكومية والأهلية والخيرية في مجال الصحة النفسية، وكذلك بناء القدرات الوطنية وتطوير الكفاءات العاملة في القطاع النفسي، وتعزيز البحث العلمي والدراسات في مجال الصحة النفسية، والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 ضمن محور جودة الحياة والصحة العامة، ويرتبط الهيكل التنظيمي والحوكمة بالمركز تنظيمياً بوزارة الصحة، ويخضع لإشراف مجلس إدارة يرأسه وزير الصحة، ويضم في عضويته ممثلين عن عدد من الوزارات والهيئات والجهات ذات العلاقة، مثل وزارة التعليم، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ووزارة الرياضة، ووزارة الشؤون الإسلامية، إضافةً إلى ممثلين من الجمعيات الخيرية والمهنية ذات الصلة، ويعمل المركز وفق نظام إداري حديث يعتمد على الحوكمة والشفافية ومؤشرات الأداء لقياس فاعلية البرامج والمبادرات. برامج نوعية والمبادرات والبرامج الوطنية التي يطلقها المركز هي برامج نوعية تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية في المجتمع السعودي، ومن أبرزها برنامج الصحة النفسية في بيئة العمل، ويهدف إلى تحسين بيئة العمل من خلال تعزيز التوازن النفسي للموظفين، وتقديم أدلة إرشادية وتدريبية للجهات الحكومية والخاصة حول كيفية بناء بيئة عمل داعمة للصحة النفسية، ويقدم مركز الاتصال لتعزيز الصحة النفسية خدمات استشارية مجانية عبر الهاتف لجميع أفراد المجتمع، ويُدار من قبل مختصين في علم النفس والإرشاد الأسري والاجتماعي، ويهدف برنامج سفراء الصحة النفسية إلى تأهيل أفراد من مختلف القطاعات ليكونوا سفراء لنشر الوعي النفسي في بيئاتهم العملية والمجتمعية، ويعمل الدليل الإرشادي لتقييم مخاطر الانتحار، حيث أعدّه المركز كمرجع للممارسين الصحيين لتقييم الحالات المعرضة لمخاطر الانتحار والتعامل معها بأسلوب مهني علمي، وتشمل المبادرات الرقمية والتوعوية حملات توعوية موسعة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وتغطية فعاليات مثل اليوم العالمي للصحة النفسية، إضافة إلى إصدار أدلة وقصص توعوية ونشرات إلكترونية، وأطلق المركز الخطة الاستراتيجية 2025 – 2030 لتكون خارطة طريق لتعزيز دوره الوطني.