اللافت في حملة التبرع بالدم هو مبادرة كل الإمارات والمناطق في المملكة بكل مؤسساتها الصحية والتعليمية والاقتصادية للمسارعة في هذا العطاء، وهو اقتداء بسمو ولي العهد حينما بدأ بنفسه في هذه الحملة، وهذا إن دل فإنما يدل على الحب الكبير والالتفاف الشعبي والمؤسسي حول القيادة، شعار (نقتدي) ما هو إلا مرآة عاكسة للعالم كله ليفصح عن هذا الحب والتفاني والاقتداء طواعية بالروح والدم.. للدم معانٍ كثيرة في الموروث العربي وفي الأعراف وفي التقاليد، ففي القول لديهم أفتدي بالدم، والفداء بالدم هو تضحية حتى في المعتقد الديني لما تحمله هذه القطرات من روح الحياة. فالفداء هو عقيدة وتضحية في مضمونه ومعناه وأسمى مراتب التضحية هو الفداء بالدم، ولذا فالتقدم بالدم يحمل معانيَ كثيرة مضمرة بخلاف ما يحمله ذلك من مكتسبات صحية ومعنوية. وبلاد عسير شأنها شأن جميع مناطق المملكة بكل ربوعها ووهادها، وبكل ما تحمله من عادات وتقاليد متوارثة عبر دهاليز الزمن. ومن هذه العادات والقيم التلاحم، العطاء، التراحم، لتكتمل هذه الأربع كمنظومة في مبادرة سمو الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير في حملة (عسير تقتدي) للتبرع بالدم وذلك لرفع قيمة الوعي بالعطاء. وذلك بعد إطلاق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- هذه المبادرة التي تهدف إلى رفع نسبة التبرع الطوعي بالدم إلى 100% تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التبرع بالدم، ودعم الجهود الوطنية في القطاع الصحي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الدم ومكوناته، إضافة إلى ترسيخ قيمة التبرع بصفته عملًا إنسانيًا يسهم في إنقاذ الأرواح، وبناء مجتمع صحي حيوي ومتكامل. إن ما تشهده المملكة اليوم من نهضة وتحديث في كل المجالات والتي يقودها سموه بكل اقتدار قد تبدو للوهلة الأولى أنها تحدث في المجالات المتعددة التي أضحت واضحة للعيان يشيد بها العالم، ولكن هناك خط منتظم يسير في تقاطع مع كل هذا التحديث وقد يخفى على البعض ولكن سموه يعي ذلك كل الوعي وهو تغيير نمط الحياة. إن من أهم المشاريع العالمية في نهضة الأمم هو وبلا شك النهوض بنمط الحياة وأساليب العيش بشكل حضاري، وسموه في رؤيته الخلاقة 2030 كانت تهدف في كل مساراتها إلى ذلك (تغيير نمط سبل الحياة) وكيفية معالجة جميع سبل الحياة في ضوء التمسك بالعادات والتقاليد وتعاليم الدين، وفي ذات الوقت تتماس مع كل ما هو نهضوي وعالمي وتنموي متجذرا في عمق التراث العربي وتقاليده. ولذلك كانت مبادرة التبرع بالدم هي في مستواها الأول تعطي الدم الذي هو أغلى ما يمتلكه الإنسان كنوع من التلاحم والحب والفداء كما في موروثنا الشعبي. وبهذا نحيي قيمة ذلك العطاء المتجذر فينا وفي جينات الأجداد. أما في المستوى الثاني فهو تغذية بنوك الدم وتوفير كل مشتقاته لتحقيق رؤية 2030 لخلق مجتمع صحي. إن اللافت في هذه المبادرة هو تسارع كل الإمارات والمناطق في المملكة؛ كل منطقة وإمارة تبادر بكل مؤسساتها الصحية والتعليمية والاقتصادية للمسارعة في هذا العطاء، وهذا اقتداء بسمو ولي العهد -حفظه الله- حينما بدأ بنفسه في هذه المبادرة، وهذا إن دل فإنما يدل على هذا الحب الكبير وهذا الالتفاف الشعبي والمؤسسي حول القيادة -حفظها الله-، هذا الحب الكبير تحت شعار (نقتدي) ما هو إلا مرآة عاكسة للعالم كله ليفصح عن هذا الحب وعن هذا التفاني والاقتداء طواعية بالروح والدم لهذه القيادة بأن كل قطرة دم تساوي حياة، كما جاء في هذه المبادرة. سيل جرار من كل ربوع المملكة بكل أفرادها وبكل منسوبيها بشكل منقطع النظير من مواطنين ومقيمين حول مبادرة التبرع بالدم في السعودية التي أطلقها سموه كحملة سنوية لهذا التبرع الطوعي بالتوجه إلى 185 مركزا معتمدا حول المملكة، حتى وصل الأمر إلى الحجز الالكتروني من خلال الإنترنت (موقع صحتي) لتوجه إلى هذه المراكز تلبية بحب وبطواعية لمبادرة سموه الذي ما إن أطلقها حتى قامت الدنيا ولم تقعد. وإذا أمعن العالم النظر في هذا الفعل الطوعي الجرار في التسابق حول القدوة والاقتداء بقادته في هذه المبادرة وغيرها كثير إذا ما نادى المنادي في خدمة هذا الوطن، لما أدرك كيف يحب الشعب قادته وكيف يفتديها حتى ولو بالدم. ولهذا وبكل حب وطواعية أطلق سمو أمير منطقة عسير شعار (عسير تقتدي)، وبطبيعة الحال والمتعارف عليه أن أهل عسير هم من السباقين في كل العطاء وكل الشيم وكل الوطنية، رجال لا يزالون يحملون إرثا كبيرا من الشجاعة والكرم والفداء، والحب الكبير لقادتهم الذي دوّنه التاريخ منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، ولذا كانت المسارعة في كل مؤسسات بلاد عسير لتلبي النداء ولتفصح عن طاعتها وحبها وولائها ليس بعطاء الدم وإنما بالحب والولاء والالتفاف المجتمعي برمته، حب لهذه القيادة الحكيمة، وهو فعل يحمل في طياته إشارات كبيرة لكل العالم أن القيادة حينما تطلب الجميع يلبي بحب وطواعية، وهو أسمى معاني التفاف الشعب حول حكامه لمن تسول له نفسه بسوء لهذه البلاد التي يحل قادتها محل القلب فيهم، فهذه الظاهرة والتظاهرة لمبادرة سمو ولي العهد ما هي إلا مرآة عاكسة لكل معاني هذا الحب وهذا التلاحم الوجداني شعبا وحكاما حيث تسابق الجمع الكلي في التوقيع للنداء بالدم.