أظهرت مضامين البيان التمهيدي للميزانية العامة لعام 2026 الصادر الأسبوع الماضي إصرار المملكة على مواصلة تحفيز النمو الاقتصادي والاستمرار في دعم الاقتصاد غير النفطي بنفس الزخم والوتيرة القويين عبر الاستغلال الجيد للمقومات الاقتصادية والطبيعية والعمل على تمكين ودعم القطاع الخاص وتبنِّي سياسات الإنفاق التوسعي مع مراجعة أولويات الإنفاق الحكومي بما يضمن تحقيق المنفعة الكليَّة، واتسمت مختلف التقديرات والتوقعات الصادرة من طرف عدد من وكالات التصنيف الائتماني ومراكز التقييم بالإيجابية للاقتصاد السعودي خلال الفترة القادمة وتوقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن يحقق الاقتصاد السعودي متوسط نمو أعلى قليلا العامين القادمين، كما أكد عدد من المختصين إن مؤشرات البيان التمهيدي للميزانيَّة العامة لعام 2026 أظهرت الاستمرار في تحفيز النمو وتعظيم مصادر الدخل وزيادة إسهام مختلف القطاعات الغير نفطية الواعدة في الناتج المحلي الإجمالي كالسياحة والتجارة والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية وغيرها،وأكدت الاستمرار في ما يلزم من إصلاحات وهيكلة من أجل تحقيق مستهدفات الرؤية. وتوقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن يحقق الاقتصاد السعودي متوسط نمو أعلى قليلا خلال عامي 2026 و2027 (4.5 %) مقارنة بتوقعات ضمن البيان التمهيدي للميزانية السعودية للعام 2026 والتي توقعت نموا بنسبة 4.6 % في العام 2026 و3.7 % للعام 2027 أي بمتوسط 4.2 %، وأشارت الوكالة إلى أن إصلاحات رؤية 2030، والإنفاق الحكومي، وإنفاق الشركات المرتبطة بالحكومة ستدعم النمو الاقتصادي، في المقابل فإن ضبط أوضاع المالية العامة (ضغط الانفاق) قد يخفض تلك التوقعات. ولفتت الوكالة إلى انها سبق وأكدت في يوليو الماضي التصنيف الائتماني للمملكة عند "A+" مع نظرة مستقبلية مستقرة، مستندة في ذلك إلى نمو القطاع غير النفطي المدفوع بالإصلاحات في مواجهة تقلبات أسعار النفط، مشيرة إلى أن الحفاظ على قوة الميزانية قد يُؤدّي إلى اتخاذ إجراءات إيجابية بشأن التصنيف، إلا أن ضبط الانفاق العام أو الزيادة الكبيرة في الالتزامات الطارئة قد يُشكّل ضغطًا على التصنيف. وقال، المستشار القانوني والاقتصادي، الدكتور أنور بخرجي، إن اقتصاد المملكة شهد تغيرات شاملة منذ إطلاق رؤية 2030 والتوجه نحو تنويع مصادر الدخل بعد أن كان اقتصادها معتمدا في السابق على النفط كمصدر دخل وحيد بنسبة 99 %، حيث نجحت رؤية القيادة الرشيدة والإصلاحات الاقتصادية التي باشرتها في تفعيل الاستغلال الجيد للمقومات الاقتصادية والطبيعية وتحفيز قطاعات كانت مهملة في السابق. وأكد، د.أنور بخرجي، أن البيان التمهيدي للميزانية العامة لعام 2026، أظهر الرغبة في استمرار الإنفاق بوتيرة تضمن إنجاز البرامج التنمويَّة في مختلف القطاعات والأنشطة والمجالات كالتعليم، والرعاية الصحية، والتقنية، والبنية التحتية الرقمية وغيرها وتعزز النمو، وأكد على مواصلة تعزيز الاستدامة الماليَّة، وتحفيز النمو الاقتصادي بهدف تحقيق مستهدَفات رُؤية المملكة وهذا يجعلنا مطمئنين ومتفائلين وواثقين بأننا نسير نحو مستقبل أكثر تنوعًا واستقرارًا. بدوره قال، الاقتصادي، عمار أبو شعالة، إن الأرقام والمؤشرات التي وردت في البيان التمهيدي للميزانية العامة لعام 2026 إيجابية ومطمئنة للغاية وتظهر القدرة على تحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات، دون التأثير على زخم المشاريع التنموية، كما أنها أكدت على الاستمرار في القيام بما يلزم من الإصلاحات الحكوميَّة اللازمة لتحقيق مستهدَفات رُؤية المملكة، وتوفير حياة كريمة للمواطن مع تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط عبر الاستمرار تفعيل دور القطاع الخاص وخلق الحلول للتحديات التي تواجه في تحقيق التنمية المستدامة. وكانت وزارة المالية قد أعلنت خلال الأسبوع الماضي عن البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2026م، الذي توقع أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1,313 مليار ريال، وإجمالي الإيرادات نحو 1,147 مليار ريال، وبعجز يُقدر بنحو 3.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يؤكد استمرار الحكومة في تبنّي سياسات الإنفاق التوسعي المعاكس للدورة الاقتصادية، والموجّه نحو الأولويات الوطنية ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي، وبما يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، وتنويع القاعدة الاقتصادية.