أكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، أن الشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والجمهورية الفرنسية قامت على أسس تاريخية راسخة، تهدف إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار والازدهار على الصعيدين الإقليمي والدولي. جاء ذلك خلال كلمة معاليه، في الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون والجمهورية الفرنسية، أمس، على هامش اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في الولاياتالمتحدةالأمريكيةنيويورك، برئاسة مشتركة من معالي وزير الخارجية لدولة الكويت رئيس الدورة الحالية عبدالله بن علي اليحيا، ومعالي وزير خارجية الجمهورية الفرنسية جان نويل بارو، بمشاركة أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأوضح البديوي خلال كلمته أن اللقاء التاريخي الذي جمع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون بفخامة رئيس الجمهورية الفرنسية الأسبق، في الرياض عام 2015م، شكّل نقطة انطلاق للشراكة الإستراتيجية بين الجانبين، والتي أسست لتعاون وثيق في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، حيث واصلت الأمانة العامة، بالتنسيق مع الدول الأعضاء والجمهورية الفرنسية هذا التعاون، وتم إعداد مشروع خطة عمل مشتركة تشمل المجال السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي، والتعليم والطاقة، وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك، متطلعين في مجلس التعاون باهتمام إلى الانتهاء من الصياغات النهائية للخطة، لاعتمادها في أقرب فرصة ممكنة، لتكون إطارًا عمليًا لتوسيع الشراكة بين الجانبين. ونوه معاليه إلى أن الاجتماع ينعقد في ظل أوضاع إقليمية ودولية خطيرة، تبرز معها الحاجة الماسة إلى تعزيز الحوار والتشاور والتعاون مع شركائنا، وفي مقدمتهم الجمهورية الفرنسية، لمواجهة التحديات المشتركة، واستثمار الفرص المتاحة، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة لمنطقتينا والعالم، إلا أن ما تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات مستمرة طالت العديد من الدول في المنطقة، آخرها الاعتداء الغاشم على دولة قطر، في انتهاك صارخ لسيادتها وسلامة أراضيها، وخرقًا للقانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة، وتهديدًا لأمن واستقرار المنطقة، وتقويضًا مباشرًا لجهود دولة قطر ومساعيها الحثيثة مع شركاءها جمهورية مصر العربية والولاياتالمتحدةالأمريكية في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وقد جاء انعقاد القمتين الطارئتين في الدوحة عقب هذه الاعتداء ليجسد الموقف الخليجي والعربي الإسلامي الموحد في رفض العدوان، حيث خرجت القمتان ببيانات واضحة وحاسمة في إدانتها للعمل الإجرامي الشنيع الذي قامت به قوات الاحتلال الاسرائيلي، وأكدتا التزام الدول المشاركة فيهما بالإجماع على دعم دولة قطر، في مواجهة الهجوم الإسرائيلي، وتحميلها المسؤولية الكاملة عن تداعيات أفعالها العدوانية، وضرورة التحرك الدولي العاجل لردعها ومحاسبتها. وجدد معاليه، تأكيده أن مجلس التعاون أمن دُوَلِه كل لا يتجزأ، وأن أي اعتداء على دولة عضو يمثل اعتداءً عليها جميعًا، انطلاقًا من الالتزام بمبدأ الدفاع المشترك وحماية استقرار دولنا وشعوبنا وصون سيادتنا. وقال معالي الأمين العام: إن استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قواته ضد سكان قطاع غزة، وسياسة الحصار المتعمدة التي أدت إلى إحداث المجاعة في القطاع، يتطلب من المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته لوقف هذه الجرائم، ونود أن نؤكد على ضرورة التوصل لاتفاق فوري وشامل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وحماية السكان المدنيين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون انقطاع، ونشدد على قرار مجلس الأمن 2730 بشأن حماية العاملين في المجال الإنساني وضمان وصول المساعدات دون عوائق، وأهمية عمل وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مجددين التزامنا الثابت بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدسالشرقية، وفقًا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية. وثمن الأمين العام دور المملكة العربية السعودية برئاستها المشتركة مع الجمهورية الفرنسية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، الذي عقد في 28 – 30 يوليو 2025م، في مقر الأممالمتحدة، والذي نتج عنه صدور " إعلان نيويورك"، الذي اعتمدته الجمعية العامة بالأغلبية في الثاني عشر من الشهر الجاري، وشكّل هذا الإعلان علامة فارقة في إعادة التأكيد على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، مثمنًا قرار الجمهورية الفرنسية التاريخي بالاعتراف بدولة فلسطين، والذي أُعلن يوم أمس 22 سبتمبر 2025م في "المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين"، الذي عقد في مقر الأممالمتحدة، هذا الاعتراف هو بارقة أمل جديدة للشعب الفلسطيني في مسيرته نحو الحرية والاستقلال، ولقد أثبتت فرنسا، بمواقفها وقراراتها، بأنها شريك جاد يعمل من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكد البديوي موقف مجلس التعاون الثابت بأهمية الالتزام بقواعد النظام الدولي، ومبادئ حسن الجوار، واحترام السيادة الوطنية، ووحدة الأراضي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها، وتفضيل الحلول السلمية لتسوية النزاعات، بما يضمن بيئة آمنة ومستقرة لأوطاننا وشعوبنا، مشددين على أهمية الحفاظ على الأمن البحري والممرات المائية، والتصدي للأنشطة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم، بما في ذلك استهداف السفن التجارية وتهديد خطوط الملاحة البحرية والتجارة الدولية. واختتم معالي الأمين العام كلمته بالتأكيد أن الشراكة مع الجمهورية الفرنسية هي ضرورة إستراتيجية وركيزة أساسية في توجهات مجلس التعاون، وإنني على يقين بأن اجتماع اليوم سيكون محطة مهمة في مسيرة هذه العلاقة لتعزيزها نحو آفاق أوسع من التعاون والشراكة.