منذ فجر تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – أدركت المملكة العربية السعودية أن الأمن هو أساس البناء ومفتاح النهضة. فالبلاد التي وحدت على مبدأ الاستقرار والطمأنينة، وضعت حماية شعبها ومجتمعها وقضيتها في مقدمة أولوياتها، وأثبتت عبر التاريخ أنها لا تتردد في خوض أي معركة تحافظ بها على وحدة كيانها وصون مستقبلها. وفي سياق هذا النهج الثابت، برزت الحرب على المخدرات باعتبارها واحدة من أخطر وأشد التحديات التي تواجهها المملكة في العصر الحديث. إنها حرب لا تقل شراسة عن أي مواجهة عسكرية أو سياسية، بل تتجاوزها لتطال العقول والأجيال والاقتصاد، وتشكل تهديدًا صريحًا للإنسان قبل أن تكون خطرًا على الدولة. كان أمن البلاد منذ تأسيس الدولة السعودية الركيزة الأولى لضمان وحدة الصف والاستقرار. ومنذ ذلك الحين ارتبطت المملكة بمفهوم الأمن الشامل الذي يشمل الحدود والمجتمع والفكر والمستقبل، وأثبتت أنها لا تتهاون مع أي تهديد، سواء كان إرهابًا مسلحًا أو تطرفًا فكريًا أو مخدرات تستهدف العقول. فالمملكة تتعامل مع مروجي المخدرات بالجدية ذاتها التي تعاملت بها مع الإرهاب والتطرف وكل ما يهدد استقرارها. المخدرات ليست مجرد مواد سامة تهرب أو تروج، بل مشروع متكامل للهدم يضرب أهم ما تملكه الدول وهو شبابها. الشاب الذي يفقد وعيه ويغيب عن دوره في المجتمع يمثل خسارة فادحة للوطن واقتصاده ومستقبله، ولهذا تعاملت المملكة مع المخدرات كقضية وجودية لا تحتمل التهاون. فهي لا تكتفي بملاحقة المروجين أو المهربين، بل تضع محاربة المخدرات في صميم سياساتها الأمنية والاجتماعية، إدراكًا منها أن حماية العقول لا تقل أهمية عن حماية الحدود. فالمخدرات تستهدف الشباب وهم عماد التنمية وركيزة المستقبل، وتهدد الأسرة بما تزرعه من تفكك وضعف في القيم، وتضرب الاقتصاد بما تسببه من استنزاف للموارد وزيادة كلفة الرعاية الصحية والأمنية، كما تغذي الجريمة وتستخدم كسلاح خارجي لإضعاف الدول. ولهذا تخوض المملكة حربًا تدافع بها عن كيانها وهويتها ومجتمعها. والرهان الأكبر في هذه الحرب هو على الشباب النقي الواعي الذي يشكل خط الدفاع الأول، وعلى الأسرة التي تعزز القيم وتحصن الأبناء من الانزلاق في براثن هذه الآفة. ولا تقتصر المواجهة السعودية على الضبطيات الميدانية، بل تشمل العمل الأمني والاستخباراتي عبر وزارة الداخلية وإداراتها المختلفة، في تعاون وثيق بين مكافحة المخدرات والأمن العام والأفواج الأمنية وحرس الحدود وإدارة المجاهدين. هذا التكامل جعل المملكة تقف في خط النار الأمامي لهذه الحرب، حيث تبذل جهودًا يومية متواصلة لإحباط محاولات التهريب والترويج، وتثبت أن الأمن السعودي قادر على مواجهة هذا التحدي مهما تغيرت أساليبه. ولا تتوقف المعركة ضد المخدرات عند القبض على المهربين، بل تمتد إلى العقول والقلوب. برامج التوعية في المدارس والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام تحصن الشباب والأسر ضد إغراءات هذه الآفة، لتكون الوقاية جدارًا يوازي الردع الأمني. وقد حرصت المملكة على أن تكون المواجهة فكرية ونفسية بقدر ما هي ميدانية، فبثت عبر الإعلام الرسائل التوعوية، وأطلقت الحملات الإعلامية، وقامت مؤسسات التعليم والدعوة والصحة بدورها كاملاً لتشكل درعًا وطنيًا يحمي الأجيال من هذا الخطر. السعودية تدرك أن المخدرات لا تعرف حدودًا، لذلك عززت تعاونها الدولي عبر شراكات أمنية واستخباراتية، وتبادلت المعلومات، وشاركت في عمليات مشتركة، لتثبت أنها لا تخوض الحرب وحدها، بل تقود جبهة عالمية لحماية الإنسانية من هذا الخطر. كما أنها تعمل على تنسيق الجهود الإقليمية مع الدول الخليجية والعربية، إدراكًا منها أن أمنها متصل بأمن محيطها، وأن حماية الشباب مسؤولية مشتركة. الاستراتيجية السعودية جمعت بين الردع والوقاية، فجعلت المواطن جزءًا أصيلًا من المواجهة. شراكة المجتمع تتجلى في الوعي والإبلاغ والتصدي، ليكتمل عقد المواجهة: قيادة حازمة، أجهزة أمنية متأهبة، ومجتمع شريك في المسؤولية. فالمواطن أصبح عينًا للأمن، يساهم ببلاغاته وتعاونه في إحباط محاولات التهريب والترويج، ويشارك بوعيه في بناء جدار حصين يحمي الوطن. شعار "بالمرصاد" لم يأت من فراغ، بل من واقع عمليات يومية ومن دماء رجال أمن قدموا أرواحهم دفاعًا عن وطنهم. إصرار القيادة جعل الأمن فوق كل اعتبار، والتضحيات المستمرة جسدت أن هذه الحرب ليست أمنية فقط، بل قضية مصير. رجال الأمن الذين يقفون في الميدان يجسدون روح الفداء والانتماء، ويؤكدون أن الحرب على المخدرات لا تخاض بالشعارات بل بالفعل اليومي على الحدود وفي المدن وفي كل نقطة تماس مع هذا الخطر. الحرب على المخدرات لم تكن جهدًا لقطاع واحد، بل خاضتها وزارة الداخلية عبر جميع أجهزتها الأمنية، من مكافحة المخدرات والأمن العام والأفواج الأمنية وحرس الحدود وإدارة المجاهدين، في تناغم يعكس وحدة الهدف وقوة الإرادة. هذا التكامل بين القطاعات جعل المواجهة أكثر شمولية، وأثبت أن حماية الوطن من هذا الخطر مسؤولية مشتركة تتوزع أعباءها على مختلف الجهات تحت مظلة الوزارة وقيادتها الحازمة. المملكة لا تحمي نفسها فحسب، بل تمتد جهودها إلى محيطها العربي والدولي. إدراكها أن حماية شبابها تعني أيضًا حماية جيرانها وأشقائها جعلها في طليعة المبادرات العالمية ضد المخدرات. الحرب على هذه الآفة بالنسبة للسعودية معركة من أجل الهوية والمستقبل، ولأجل أن يبقى الوطن قويًا وآمنًا للأجيال القادمة. فهي حرب وجودية تثبت أن المملكة لا تدافع عن حاضرها فقط، بل تؤسس لغدٍ أكثر أمنًا ورسوخًا. شعار الداخلية بالمرصاد للمهربين بالقوة والتضحيات حدودنا آمنة رجال الأمن لهم بالمرصاد