في زمنٍ تتسارع فيه الترندات المصطنعة، يطلّ علينا ما يُسمّى ب مشاهير الفلس، محاولين إعادة تشكيل حياتنا وفق مقاييس زائفة، وقيم دخيلة لا تمتّ لمجتمعنا بصلة. يتسابقون في سباق محموم نحو العناوين الفارغة: أكبر حفلة زواج، أعظم سفرة، أفخم سيارة، أغلى بيت؛ وكأن الحياة تختصر في مظاهر براقة لا جوهر لها ولا معنى. هؤلاء لا يقدّمون فكرًا، ولا يصنعون معرفة، بل يعيشون على الهياط والمظاهر المصطنعة والسخرية والمواقف الساذجة، ليجعلوا من التفاهة سلعة رائجة، ومن الوهم "ترندًا" يستنزف وعي الجماهير. الأخطر أنّ بعض المتابعين من المراهقين ومن الكبار أيضاً ينخدعون ببريقهم، فيجعلونهم قدوات لهم، في حين أنّ حقيقتهم خواء ثقافي وفكري واجتماعي، يفرغ العقول من الجد ويزرع مكانها اللهو والاستهلاك والجري وراء الشهرة العمياء. المجتمع الذي يسمح لهذه النماذج بالتصدر، يهيّئ الساحة لانحدار القيم، وتحويل الطموحات إلى سباق في المظاهر، بدلًا من البناء والمعرفة والإبداع. ولذا، من الواجب أن نعي أنّ القدوة الحقيقية ليست في من يتباهى بما يملك، بل في من يضيف قيمة، ويرتقي بفكره وسلوكه، ويغرس مبادئ أصيلة تُبقي المجتمع متماسكاً. إن مواجهة هذا الزيف تبدأ بالوعي المجتمعي بقطع الطريق وعدم السماح لنا ليشكلوا لنا قيماً لا تصلح ولا ليشرعنوا طقوساً مكلفة ألا نُسلم عقولنا لعشاق الترندات المجتمعية، ولا نسمح للتفاهة والتافهين أن يعرفّوا أو تُعرّف لنا معنى الحياة الحقيقية فلسنا بحاجة لهم.