حين ضاع الكثيرون في زحمة التفاخر والتكلف، يسطع نموذج فريد يُدعى "تشاك فيني" رجل أعمال أمريكي من أصول إيرلندية، تكدست في يديه المليارات، لكنه اختار أن يعيش متقشفاً، متواضعاً، لا يلبس الفاخر، ولا يركب الفاره، ولا يسكن القصور. حتى عُد من أشهر وأكبر المساهمين في العمل الخيري، حين سئل لماذا تفعل كل هذا وتعيش حياتك بتواضع؟ أجاب بكلمة تدون بماء الوعي "لأن الكفن لا يحوي حقيبة". يا لها من جملة تسقط زيف التعلق بما لا يُحمل معنا بعد الرحيل يا فيني! فالإنسان مهما بلغ من الجاه والمنصب والمال، فإنه حين يُسجّى للوداع، لا يرافقه سوى عمله، لا ثروته، ولا مقتنياته، ولا أرصدته ولا مناصبه. لقد أدرك "فيني" الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون: أن قيمة المال تكمن في أثره بعد الرحيل، لا في عدده. كأن تنقذ به مريضاً، تعلم به طالباً، تبني به مستقبلاً، تعين محتاجاً، فذلك خير من أن تكدّسه فوق رفوف النسيان. لقد عاش فيني غنياً بالعطاء، لا بالممتلكات، وخلّد اسمه لا بثرائه المالي، بل بما قدّم. وهكذا يبقى الدرس خالداً: الكفن لا يحوي حقيبة، لكنه قد يحوي دعوات لا تنقطع. محمد فايع