أعشق النصوص التي يتمرد فيها الكاتب على النمط المألوف، ويشاكس بقلمه، ويطلق جنونه الإبداعي دون حدود، يكتب بأحاسيسه، بقلبه، بعقله، يسكب روحه في السطور، فيجعلني أغوص في أعماق النصوص، أضيع بين الأحداث والكلمات، ولا أجد نفسي إلا وقد أنهيت الكتاب، ثم أعاتبه قائلة: كيف انتهى كتابك؟ ولماذا لم تُكمل وتُكمل، وتأخذني معك عمقٍ أبعد؟ تأسرني الحروف، وأحيانًا أعاتب بعض العبارات، لا لضعفها، بل لأنها خذلت أصحابها، ولم تُخرج أفضل ما لديهم. خانهم التعبير، لم يُحسنوا السرد. وكم وددت لو قلت لأحدهم: "كان بإمكانك أن تقولها بشكلٍ أروع!" لكنها في النهاية حرية الكاتب، وقدرته، وحدود قلمه. بعض النصوص، عندما أقرؤها، أشعر وكأنني أنا من كتبها، وكأنها تترجم ما في داخلي، ولكن، ما إن أُكمل حتى أكتشف أن الكاتب شخصٌ آخر، وقد سبقني في التعبير عن فكرة كنت أعيشها، أو مشهدٍ كنت شاهدة عليه. صدقه في الكتابة، أو جمال أسلوبه، أو عمق تجربته.. كل ذلك جعلني أصفق له احترامًا، وأحييه على هذا النجاح. عندما يبدع الكاتب في السرد –سواء في مقال، أو رواية، أو نص ذاتي– فإن ذلك يُعد إبداعًا خالصًا. وأنت كقارئ، هل حافظت على هذه الكلمات؟ هل قرأتها بتمعّن؟ هل أحسنت الاستماع إليها، ثم قرأتها مرة أخرى، وربما طبّقتها في حياتك؟ كيف نُخرج جيلاً محبًّا للقراءة؟ أول كلمة نزلت في القرآن الكريم كانت: "اقرأ"، لو تمسكنا بها، وعملنا بها، لأصبح لدينا محصول ثقافي أوسع، وإدراك أكبر، أحيي الأسرة، والمعلمة، والمجتمع المشجع على القراءة، الطفل القارئ لافتٌ للنظر، كل قارئ يحمل في داخله ثقافة، وثقة، ووعيًا مجتمعيًا. إنه إنسان بنّاء، يمتلك شخصية قوية، ويُساهم في تطوير نفسه وخدمة مجتمعه، لهذا أرى أن الكتب طوق نجاة من زحام الحياة، ومن هدر الوقت، ومن ضياع جيل لا يعرف القراءة، أي شخص نشأ في حضن الكتب، وتربّى بين السطور، صُقل فكره من خلال الجملة والعبارة. كبر وترعرع بين الحبر والكتاب، يقرأ هنا، ويبحث هناك، ويكتب هنالك؛ فخرج بمزيج من الوعي، والفكر، والنجاح، بإذن الله.