في كل حضارة عبر التاريخ كان لها تطور معين يخدم حاجات الإنسان في تلك الحقبة من الزمان، خاصةً الحاجات الأساسية للبقاء أو الحماية، واليوم كشف علماء آثار أتراك عن نظام مائي متطور يعود إلى العصر الروماني يقدر عمره 1800 عام، وذلك خلال أعمال التنقيب الجارية في قلعة زرزفان التاريخية بولاية ديار بكر جنوب شرقي تركيا. وتقع القلعة، التي يُقدر عمرها بنحو (3) آلاف عام، على قمة صخرية بارتفاع (124) مترًا قرب حي دمير أولجك بمنطقة تشينار، وتُعرف بأهميتها العسكرية والتاريخية. ومنذ إدراجها على القائمة المؤقتة للتراث العالمي لليونسكو عام 2020، تتواصل أعمال التنقيب في الموقع منذ عام 2014، وتمكنت الفرق الأثرية مؤخرًا من العثور على شبكة توزيع مياه متكاملة تعود إلى (1800) عام، بحسب ما أفاد به رئيس فريق التنقيب البروفيسور الدكتور أيطاج جوشقون. وأوضح جوشقون أن القلعة كانت مركزًا عسكريًا مأهولًا منذ العهد الآشوري، وتضم (63) صهريجًا للمياه، من بينها صهريج مقبب ضخم بسعة تبلغ نحو (4) آلاف طن. وأضاف أن المياه كانت تُنقل من ثلاثة ينابيع -جفّت اليوم- عبر قنوات وأقواس حجرية تمتد لمسافة (8.5) كيلومترات لتصل إلى الصهاريج الرئيسية. ولفت النظر إلى أن الاكتشاف الأحدث يتمثل في نظام توزيع المياه داخل القلعة، الذي كان محط اهتمام الباحثين منذ سنوات، حيث يتم توجيه المياه من الصهاريج إلى المباني، والمنازل، وحتى معبد ميثرا، عبر شبكة من الأنابيب الفخارية التي تُظهر بوضوح اعتماد تقنية الضغط المائي في تلك الفترة. ويؤكد هذا الاكتشاف أهمية قلعة زرزفان بوصفها نموذجًا متقدّمًا للهندسة المائية في الحقبة الرومانية، ومعلمًا تاريخيًا يجمع بين البنية العسكرية، والدينية، والبنية التحتية المتقدمة.