تتصاعد وتيرة الجدل في مصر حول ما بات يُعرف إعلاميًا ب"قضية بيع الأعضاء"، وذلك بعد تداول مقاطع فيديو وتسجيلات وأحاديث إلكترونية تشير إلى وجود شبكة غير مشروعة تُدار من قبل شخصيات معروفة، من بينها فنانة شهيرة ، والناشطتين "أم مكة" و"أم سجدة"، وذلك في إطار اتهامات تم تداولها بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي. وتضمنت بعض المقاطع التي اجتاحت منصات "تيك توك" و"فيسبوك" و"يوتيوب" إشارات إلى ما يُعتقد أنه تورّط مباشر في وقائع تتعلق بتسهيل أو التغطية على عمليات اتجار بالبشر أو بيع أعضاء، وسط مطالبات من الرأي العام بفتح تحقيق رسمي في ما ورد من تسجيلات ومحتوى قيد التداول. وفقًا لتداولات إعلامية وتحليلات قانونيين، فإن بعض الفيديوهات التي نُشرت خلال الأيام الماضية تتضمن محادثات أو تلميحات توثّق علاقات مشبوهة بين أطراف القضية، بالإضافة إلى تحويلات مالية غير مبررة عبر تطبيقات الدفع الإلكتروني، ومكالمات من أطراف خارجية تشير إلى تورط في عمليات غير قانونية. كما كشفت حسابات مختصة في تعقب المحتوى الرقمي عن وجود أرشيف مصوّر يوثق مقابلات أو منشورات قد تدعم فرضية تورط بعض الشخصيات التي لم تكن معروفة سابقًا سوى في سياق المحتوى الترفيهي أو "البلوقرز" مثل "أم مكة" و"أم سجدة"، واللتين تم توقيفهما مؤخرًا من قبل السلطات بتهم تتعلق بالإخلال بالآداب العامة. حتى اللحظة، لم تُصدر النيابة العامة أو وزارة الداخلية بيانًا رسميًا يؤكد أو ينفي صحة هذه الادعاءات، باستثناء ما تم الإعلان عنه من توقيف لبعض صانعات المحتوى بتهم لا ترتبط بشكل مباشر بالاتجار بالأعضاء، إنما بسلوكيات مخالفة للنظام العام. ورغم ذلك، تؤكد جهات حقوقية ومراقبون أن تزايد الأدلة المرئية والمسموعة المتداولة قد يفتح الباب لتحقيقات موسعة في حال تم تقديمها بشكل قانوني للجهات المختصة، وبما يتوافق مع شروط الإثبات القضائي في الجرائم المنظمة. وفي القانون المصري، تُعد جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية من الجرائم المصنفة ضمن "الجرائم المنظمة" وفق قانون مكافحة الاتجار بالبشر لسنة 2010، وتصل عقوبتها إلى السجن المشدد والغرامات الكبيرة، مع تشديدات إضافية حال وقوع الجريمة في إطار عصابات أو باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وينص القانون المصري على ضرورة حصول المتبرع على موافقة رسمية وشفافة، ويحظر تمامًا بيع الأعضاء البشرية تحت أي صيغة مالية، ويُلاحق قانونًا كل من يتوسط أو يتربّح من هذه العمليات. وأمام سيل التسريبات والمقاطع التي تنتشر كالنار في الهشيم، يظل الشارع المصري منقسمًا بين من يطالب بكشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين – أيًا كانت أسماؤهم – وبين من يحذر من الانسياق خلف "محاكمات إعلامية" قد تستبق العدالة، وتُلحق الضرر بأبرياء لم تثبت إدانتهم قانونيًا. ومع تنامي الحديث عن وجود "شبكة افتراضية" تعمل على الربط بين مؤثرين وممولين في الداخل والخارج، ترتفع الأصوات المطالِبة بسرعة تدخل الدولة لتوضيح الحقيقة، وضبط الإشاعات وملاحقة كل من يثبت تورطه سواء بالتنفيذ أو الترويج أو التغطية الإعلامية المضللة. ولا تزال القضية مفتوحة على كافة الاحتمالات، وبين ما يُطرح من قرائن على المنصات الرقمية، وما لم يُحسم بعد في مكاتب التحقيقات الرسمية، يظل الفصل الأخير بيد العدالة المصرية وحدها، التي يُعوَّل عليها في كشف الحقائق ومعاقبة من يثبت تورطه، وحماية من يتم الزج بهم في دوائر الاتهام دون وجه حق.