أمارس الرياضة لأنها قيمة.. والمحترفون لهم دور في تطوير اللاعب المحلي الرياضة لا تفرق ولا تجمع بل هي تجربة دائماً أختار الوقت المناسب لذا لم أتسلل في حياتي الصفراء لمن يجعل الوصول غايته والحمراء لمن يتجاهل القيم والإنسانية الرياضة أصبحت صناعة لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواءً حديثاً أو منذ فترة طويلة الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفتنا اليوم الدكتورة مشاعل ناصر آل كدم استاذ مشارك في اللغة العربية للناطقين بغيرها ومدربة معتمدة. *نود في البداية أن نعرف ما الذي جذب اهتمامك إلى هذا التخصص؟ -لم يكن اختياري الأكاديمي لتخصص تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها نابعًا من حافز وظيفي تقليدي، بل من قناعة معرفية بأن اللغة ليست مجرد وسيلة للتخاطب، بل أفق لفهم الآخر، وبناء الهُوية، وتعميق الوعي بالإنسان والثقافة ما شدّني إلى هذا المجال هو ما ينطوي عليه من تفاعل إنساني عابر للثقافات، وما يتطلبه من وعي بأن تعليم اللغة ليس تلقينًا لمهارات لغوية، بل بناءٌ لجسور بين هُويات وتجارب متباينة. وقد وجدت في العربية، بما تحمله من عمق دلالي وتاريخي، قيمة إنسانية وثقافية كبرى تستحق أن تُقدَّم بوصفها لغة حيّة، لا إرثًا ساكنًا منفصلًا عن زمنه إن تعليم العربية للناطقين بغيرها يتجاوز حدود المهارة اللغوية إلى كونه منظومة تفاعلية تُنشئ فضاءً حيًّا بين هُويات متعددة، تتحوّل فيه اللغة إلى وسيط لإدراك الهُوية وفهم الآخر ضمن أطر من التفاعل الإنساني المتبادل وفي هذا الإطار، تبرز جهود المملكة العربية السعودية كنموذج مؤسسي رائد في خدمة اللغة العربية عالميًا، عبر مبادرات نوعية، ومعاهد متخصصة، ومؤسسات رصينة ك»مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية»، الذي يسهم في تعزيز حضور العربية، وتمكينها من أداء دورها الحيوي في بيئات متعددة اللغات والثقافات. *كيف تصفين لنا تجربتك في تدريس اللغة العربية لطلاب من خلفيات لغوية وثقافية متنوعة؟ -تجربتي في تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها تجربة ثرية، معقّدة، وممتعة في آنٍ واحد؛ إذ تجري داخل فضاء تعليمي متعدد الثقافات لا يخلو من التحديات، يتشكّل من تنوّع الخلفيات اللغوية والثقافية للمتعلمين. وتفرض عليّ هذه البيئة باستمرار أن أتعامل مع اللغة لا بوصفها منظومة من القواعد والمفردات فحسب، بل كبُعد تفاعلي تتقاطع فيه الخبرات، وتُبنى من خلاله معاني اللغة في ضوء السياقات الإدراكية والقيمية الخاصة بكل متعلّم ففي مثل هذه البيئة، لا أقف أمام فروق لغوية فحسب، بل أمام فسيفساء ثقافية تستدعي قراءة دقيقة لأنماط التفكير، والقيم، والتصورات المسبقة التي تُوجّه تفاعل المتعلّم مع اللغة، وتسهم في تشكيل إدراكه لمعانيها وسياقاتها. *كيف تقيمين الإقبال على تعلم اللغة العربية من قبل الناطقين بغيرها في الوقت الحالي؟ -يشهد تعلّم اللغة العربية من قِبل الناطقين بغيرها تزايدًا ملحوظًا، يعكس تنوّع دوافع المتعلمين واتساع آفاق استخدامهم للغة. فقد تجاوز الإقبال عليها الأغراض التقليدية – كالدينية والأكاديمية – ليمتد إلى مجالات أوسع مثل السياحة، والاقتصاد، والعلاقات الدولية، إلى جانب الأبعاد الثقافية والمعرفية، وذلك في ظل الانفتاح الاقتصادي والثقافي الذي تشهده المملكة وتنامي حضورها العالمي وقد أسهمت رؤية السعودية 2030 في ترسيخ هذا التوجّه، بجعل اللغة العربية عنصرًا فاعلًا في مسارات التنمية الثقافية، والتعليمية، والسياحية، مما عزّز حضورها كلغة حيّة ومعاصرة، قريبة من المتلقي، وفاعلة في المشهد الدولي. وفي هذا السياق، باتت العربية تُدرّس وتُطلب في بيئات متعددة، لا سيما مع نمو القطاع السياحي، وتزايد الحاجة إلى أدوات تواصل فعّالة مع الزوّار من مختلف الثقافات. وجاء هذا الحراك مدعومًا بجهود مؤسسية نوعية، مثل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وبرامج تعليم العربية للناطقين بغيرها، التي مثّلت روافد محورية في دعم انتشار اللغة وتيسير تعلّمها. *ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلام في تعزيز تعلم اللغة العربية وثقافتها لدى الناطقين بغيرها؟ -يلعب الإعلام دورًا محوريًا في تعزيز تعلّم اللغة العربية ونقل ثقافتها للناطقين بغيرها، لا بوصفه ناقلًا للمعلومة فحسب، بل لأنه يفعّل اللغة ضمن سياقات واقعية حيّة. فهو لا يقدّم العربية كمادة مجرّدة، بل يربطها بالخبر والرأي والحوار والتعبير، ما يجعله ركيزة داعمة في بناء الكفاءة التواصلية والثقافية لدى المتعلّم ومن خلال الانغماس في المحتوى الإعلامي بأنواعه المختلفة – الإخباري، الثقافي، الترفيهي، والرقمي – لا يكتسب المتعلّم اللغة فحسب، بل يتشرّب أنماط التفكير وأساليب التعبير والتمثلات الثقافية، ما يعمّق فهمه للعربية بوصفها لغة تحمل الهُوية فعندما يُوظَّف الإعلام بوعي لغوي وثقافي، يتحوّل إلى شريك استراتيجي في التعليم، يوسّع التجربة الصفية، ويربط اللغة بالحياة، ويُفعّلها في سياقات طبيعية تُثري التعلّم وتُعزّز استمراريته. *بين رواتب اللاعبين ورواتب الأكاديميين.. من يغلب من؟ -اللاعب يتقاضى راتبًا أعلى وهذا واقع لا جدال فيه، ولكن لكلٍ من اللاعب والأكاديمي دوره في بناء المجتمع، وإن اختلف مجاله وتأثيره. *هل تعتقدين لغة المال طغت على جانب الإبداع والإخلاص؟ -المال في حدّ ذاته ليس نقيضًا للإبداع أو الإخلاص، بل قد يكون حافزًا إيجابيًا إذا وُضع في سياقه الصحيح. المهم ألا يتحوّل إلى الدافع الوحيد أو المعيار الأوحد. فثمة من يبدعون بدافع الشغف، وآخرون تحفّزهم المكافآت المادية جنبًا إلى جنب مع إيمانهم بما يقدمونه. والتوازن بين الجانبين هو ما يصنع عملًا متقنًا يحمل قيمة حقيقية. *هل سبق أن أقدمتِ على عمل وكانت النتيجة تسلل بلغة كرة القدم؟ -لم يسبق أن أقدمت على خطوة تُحسب كتسلل، ولله الحمد. أحرص دائمًا على أن يكون التوقيت مناسبًا بعد اكتمال الرؤية، فالتقدّم لا يُقاس بالسرعة، بل بدقة التوقيت وصواب القرار. *يقال أن مساحة الحرية في الكتابة الرياضية أكبر منها في الشؤون الأخرى.. إلى أي مدى تقنعك هذه المقولة؟ -تُعدّ الكتابة الرياضية أكثر تحررًا من غيرها، لبُعدها عن القيود السياسية والفكرية، ما يجعل الرقابة عليها أخف وطأة. لكنها رغم هذه السعة مطالبة بوعي مهني يحوّل الحرية إلى أثرٍ نبيلٍ باقٍ، لا إلى تفاعل لحظيّ عقيم. *الشهرة عالم ، كيف يمكن أن تكون شهرة اللاعبين طريقا لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟ -الشهرة ليست مجرّد وهج يحيط باللاعب، بل مسؤولية أخلاقية تتضاعف كلما اتّسعت دائرة التأثير . وفي عالم الشهرة ليست مجرّد وهج يحيط باللاعب، بل مسؤولية أخلاقية تتضاعف كلما اتّسعت دائرة التأثير. وفي عالم الرياضة، لا يقتصر دور الرياضي على الأداء داخل الملعب، بل يتعدّاه ليصبح قدوة للنشء، الذين لا يكتفون بتقليد المهارة، بل يستلهمون منه ملامح سلوكهم اليومي، ويتشربون منه ما يتجاوز المهارة إلى أسلوب الحياة. وحين يقترن الأداء بالاحترام، والانضباط، ونُبل التنافس، وما إليها من مكارم الأخلاق، تتحول شهرة اللاعب إلى وسيلة لترسيخ القيم وبناء السلوك الحضاري كثقافة تسهم في تشكيل الوعي الجمعي. *العقل السليم في الجسم السليم عبارة نشأنا عليها رغم خطئها فكم من شخصية عبقرية لا تملك جسدا سليما، باختصار نريد منك عبارة بديلة لجيل المستقبل؟ -ليست القيمة في توافق العقل والجسد، بل في إدراك الإنسان لقوته حيث تكون، جسدًا أو فكرًا. *هل ترين بأن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل ؟ -نعم، الرياضة ثقافة تُعنى بالجسد والعقل والقيم، تُبنى فيها الشخصية كما تُصنع الإنجازات، وتقوم على غرس قيم النزاهة والاحترام، والروح الرياضية ، فهي تُشكّل الإنسان قبل تُصنع الألقاب. *في نظرك هل الرياضة تفرق ام تجمع ، ولماذا؟ -في نظري، الرياضة لا تفرّق ولا تجمع بذاتها، بل هي تجربة تكشف حقيقتنا كما نحن، وتُظهر جوهرنا في لحظة المواجهة. قد تكون فضاءً يحتضن تنوّعنا باحترام، أو ساحةً للصراع إذا لوّثناها بالتعصّب والانفعال، فالذي يُحدث الفُرقة أو يُقرّب بيننا في النهاية هو وعينا. *بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتمامتك؟ -الرياضة تشغل نحو 30٪ من اهتماماتي، لما تمثّله من قيمة في حياتي اليومية. *متى كانت اخر زيارة لك للملاعب الرياضية؟ -لم يسبق لي دخول أي ملعب تابع لنادٍ رياضي حتى الآن. *بصراحة ما هو ناديك المفضل؟ -ولائي للمنتخب السعودي راسخ، فهو يمثّل الوطن بكل أطيافه. أما على مستوى الأندية، فأقدّر ما يقدّمه الهلال من إبداع في الأداء، مع احترامي لكل فريق يقدّم أداءً راقيًا يستحق التقدير. *كيف ترين تعاقدات الأندية السعودية مع لاعبين عالميين للعب في الدوري السعودي؟ -استقطاب النجوم العالميين ليس حشدًا للأسماء، بل استثمار في خبراتهم وأثرهم في تطوير اللاعب المحلي وتعزيز الممارسات الاحترافية والطموح. *لمن توجهين البطاقة الصفراء ؟ -أوجّه البطاقة الصفراء لمن جعل الوصول غايته، ونسي أن الرحلة تهذّبنا بما تغرسه من احترامٍ ومروءة، فالقيمة ليست فيما نحققه، بل فيما نتركه من أثر. *والبطاقة الحمراء في وجه من تشهريها؟ -أُشهِر البطاقة الحمراء في وجه من يجعل الوصول مبررًا لتجاهل القيم وتجاوز إنسانيته، فليس كل بلوغ غاية دليلًا على استحقاق أو احترام. *ما تقييمك لتقنية ال VAR في الملاعب ؟ -أراها أداة مساندة للحَكم، تُسهم في تحقيق قدر أكبر من العدالة، وتنصف اللاعبين في اللحظات الفارقة ورغم أنها لا تُنهي الجدل تمامًا، فإن وجودها يُعزّز النزاهة ويزيد من موثوقية القرار. *كلمة أخيرة للجماهير الرياضية؟ -عبّروا عن حماسكم بما يليق، فالمشهد ينتهي، لكن الأثر يبقى حاضرًا، إيجابيًا كان أو سلبيًا. الضيفة خلال تكريمها سفيرة للملكية الفكرية تكريم الضيفة خلال زيارتها الملحق الثقافي في تركيا الضيفة خلال تقديمها محاضرة لمعلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها في تركيا