أمير القصيم يدشن انطلاقة حملة "كبدك"    أسواق المملكة تزدان بأجود أصناف العنب وكميات الإنتاج تتجاوز (122.3) ألف طن    محافظة جدة تستضيف فعاليات "مختبر الذكاء الاصطناعي" لدعم رواد الأعمال    السمحان ل«الرياض»: هيكلة الصكوك تعزز الشفافية وتفتح المجال لتمويل المشاريع    30 شهيدًا في غزة اليوم و 169 وفاة بسبب الجوع منذ بدء الحصار    تحديد مطالب نانت لبيع مصطفى محمد إلى نيوم    الأطفال نجوم معرض المدينة للكتاب    "زاتكا‬⁩" تحبط 1547 محاولة تهريب في أسبوع    تطورات مفاوضات الهلال لضم نونيز    الداخلية : ضبط (22147) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    سبيس إكس تنقل طاقمًا جديدًا إلى محطة الفضاء الدولية في رحلة قياسية    أمطار غزيرة وسيول متوقعة جنوب وغرب المملكة    ورشة في معرض المدينة تحذر من الضجيج المعرفي    أمانة الطائف تكثِّف جهودها بالتزامن مع الحالة المطرية التي تشهدها المحافظة وضواحيها    ارتفاع أسعار الذهب    مهرجان كأس العالم للرياضات الإلكترونية يعلن عن إقامة مباريات استعراضية للألعاب        رمزية «القائد» تلهم السعوديين    الأهلي يتعاقد مع أبو الشامات ويمدد عقد فلاتة    جامعة الإمام تمنح الباحثة البحرينية أسماء خالد درجة الدكتوراه بامتياز    مانشستر سيتي يكشف عن رقم قميص جديد للاعبه أوريلي    شراكة بين جمعيتي "سقيا جازان" و "بر أبوعريش" لدعم العمل الخيري بجازان    كأس العالم للرياضات الإلكترونية.. فريق Team Liquid يواجه SRG.OG في نهائي بطولة ML:BB MSC    مدرب الهلال يمنح نيفيز راحة إضافية لمدة 3 أيام    ليون الفرنسي يمدد تعاقده مع تاجليافيكو حتى 2027    فرنسا : المملكة لعبت دوراً مهماً في إنجاح مؤتمر حل الدولتين    "الهلال": القحطاني يلتحق بمعسكر الفريق الخميس المقبل    مستشفى الملك فهد الجامعي يفعّل اليوم العالمي لالتهاب الكبد الوبائي    الدكتور علي آل زهير يحتفل بزواج ابنه الدكتور عبدالله    البحث عن مصطفى سعيد بحث عن المعنى ورواية يقتحمها مؤلفها ليصبح واحدا من شخصياتها    الحذيفي: تقوى الله طريق النجاة والصراط أعظم ساعة كرب    الشيخ الدوسري: المملكة نموذج يُحتذى في التقدّم التقني دون تفريط بالقيم    العادات الدخيلة على مجتمعنا    محافظ الدرعية يجتمع مع مدير إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    أمير المدينة يزور معرض الكتاب ويشيد بمكانة المدينة الثقافية    الغرق.. أسبابه والحاجة لزيادة الوعي    اكتشاف جديد يمهد لعلاج التوحد    مدارس الرياض.. خمسة عقود من التميز والعطاء    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    أمير منطقة المدينة المنورة يزور معرض الكتاب ويشيد بمكانة المدينة الثقافية    في معرض المدينة الدولي للكتاب مكتبة الملك عبدالعزيز تحتفي بالتراث والحِرَفِ اليدويّة    السعودية ترحب بإعلان حكومة البرتغال عن بدئها بالإجراءات التي تمهد لاعترافها بالدولة الفلسطينية    محافظ الطائف يوجه بإغلاق منتجع شهد سقوط إحدى الألعاب والتحقيق في ملابسات الحادثة    تكريم "التخصصي" لدوره في تعزيز الصحة المجتمعية بالمدينة المنورة    مؤتمر حل الدولتين: إطار زمني لإقامة دولة فلسطينية خلال 15 شهرا    هجوم روسي على منشآت تدريب أوكرانية    موجز    14 قتيلاً برصاص الاحتلال في غزة.. نزيف مستمر قرب مراكز المساعدات    ضبط 12 مروجاً ومهرباً و380 كجم من المخدرات    أول جهة حكومية تنال شهادات (CREST) العالمية.. سدايا تحقق التميز في الأداء الحكومي ورفع الإنتاجية    لتولى مهام مراقبة ساحل البحر الأحمر.. تدشين فريق مفتشات بيئيات بمحمية الأمير محمد بن سلمان    9 مليارات ريال كفالات تمويلية    التجارة تستدعي 96 طقم أكواب زجاجية للأطفال    توثيق أصوات مؤذني مساجد وجوامع الأحساء    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين يوقظك المسمار وتخذلك القهوة!
نشر في الرياض يوم 29 - 07 - 2025

صباح اليوم اشتهيتُ شرب قهوة عربية، وقررت أن أعدّها بنفسي، رغم مرور ثلاثة عقود على آخر عهد لي بتحضيرها.
قمتُ بوضع الماء في الغلاية ليسخن، ثم وضعتُ ملعقة كبيرة من البن في الإبريق، وكنتُ أسمع زوجتي توصي العاملة المنزلية بوضع ثلاث ملاعق صغيرة. لكنني، من واقع خبرتي في الحياة، أحب مخالفة رأي الزوجة حتى في تحضير القهوة!
بعدها وضعتُ حبات من القرنفل (المسمار)، وكانت عبارة عن "خَمْشة" برؤوس أصابعي، بعكس زوجتي التي تضع أربع حبات وتراها كثيرة، وهي تعلم بأن رأسي لا يعمّره إلا المسمار.
ثم أضفتُ قليلاً من الخلطة الخاصة بالقهوة، التي تُباع جاهزة، ولم أضف باقي المكونات التي تضعها زوجتي، لاختلاف مزاجي عن مزاجها. بعد الانتهاء من تحضير القهوة في الإبريق، كانت الغلاية قد أنهت تسخين الماء، أضفتُ نصفه في الإبريق، وجهّزته لأضعه على نار هادئة فوق البوتاغاز حتى تطبخ بشكل جيد.
وهنا تذكرت أنني لا أجيد فتح عين البوتاغاز، لحساسية المقبض، وخوفًا من شعلة البوتاغاز، وكنتُ أستعين بابنتي الصغيرة عند الحاجة، وكنت أراها وهي توزن المقبض بعناية، وعينها على اللهب لتكون النار خفيفة، وهذه مهارة لم أتقنها، ربما بسبب أعصابي المتوترة.
حاولت الاستعانة بها، فتذكرت بأنها نائمة بجوار أمها وهنا كانت الصدمة بالنسبة لي.
فتحتُ الباب، وإذا بهواء المكيف يصفعني من شدة البرودة، وأنا أتحرّق من الداخل شوقًا لفنجان القهوة.
ترددت في إيقاظ الابنة، خوفًا من صياح الأم وترديد أسطوانتها المعروفة:
"أوووه، إيش هذا الإزعاج، محد يعرف ينام عندك؟!"
توكلتُ على الله، واقتربتُ من الابنة وهي في سابع نومة، وهمستُ بصوت خافت وسؤال غبي:
"حبيبتي، إنتي نائمة؟"
لم ترد، فناديتُها مرة أخرى، فدارت وجهها نحو أمها، وقلبي يرجف خشية أن تستيقظ الأم!
وضعتُ يدي على كتفها بدلًا من الكلام... ولكن لا حياة لمن تنادي.
ثم قلت بصوت خافت: اشحن لك اللعبة؟ لعلها تصحى ولكن..
اضطررتُ للخروج من الغرفة وجلستُ في الصالة، لعلها تستيقظ كعادتها وتبدأ اللعب على ال"غيمز"، لكن هذه المرة طالت نومتها.
الماء في الإبريق أصبح فاترًا... تمامًا كأعصابي.
لكن "خَرْمة" القهوة كانت تزيد في رأسي، خصوصًا بعدما شممتُ رائحة البن.
استمررتُ في الجلوس، وعيني على باب الغرفة، أترقب فرجًا.
ثم خطرت لي حيلة، خرجتُ إلى باب الشارع وضربتُ الجرس لعلها تستيقظ...
لكن لم يُفتح الباب. وبقيتُ في الخارج بدون مفتاح... ولا جوّال. بجوار الباب قطة منهكة من حرارة الجو لسان حالها يقول إذا كنت تريد كوباً من القهوة أنا أريد نسمة هواء، فناديت من سماعة الجرس الخارجي بصوت عالٍ "البسة تريد أن تدخل" كون بنتي الصغيرة حنونة على القطط أكثر مني..
وهنا... طارت خَرْمة القهوة وسط لهيب الصيف!
الزبدة من القصة – التي يرويها صديقي "أبو صلاح" – من جيل "صبوا القهوة وزيدوها هيل"، جعلني أتأمل في هذا الموقف البسيط، وأقول: إن بعض العادات التي نراها يوميًا في حياتنا، قد نراها بسيطة وعادية، ولا نشعر بقيمتها أو بقيمة من يقوم بها، إلا حين نفتقدها.
قس على ذلك كثيرًا من النِعم التي نغفل عن شكرها، ظنًا منا بأنها بديهيات. كثير من الناس ومنهم صديقي أبو صلاح لا ينتبه لعِظم النعمة... إلا بعد أن يفقدها.
في الحياة الزوجية، قد يملك كل فردٍ غرفته المستقلة يمارس فيها خصوصيته، لكن يبقى المطبخ هو المساحة المشتركة... ولو لم يكن فيه إلا كوب قهوة يُعدّل مزاجنا كل صباح، ويُعلّمنا في هدوئه أبسط دروس الحياة.
*رئيس تحرير صحيفة مكة الإلكترونية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.