أخي العربي، لا أطلب منك أن تتفق معي، بل أن تسمعني. أنا مواطن سعودي، وأرغب في أن أقدّم لك وجهة نظرنا كما نراها نحن، لا كما تُقدَّم في بعض الخطابات الإعلامية أو منصات التواصل. نحن أبناء بيئة قاسية. ترعرعنا في أرض قلّ فيها الماء وشحّ الزرع، ولم تكن أرضنا يومًا مطمعًا للمستعمرين. عشنا قرونًا من الفقر والمعاناة، ونعرف تمامًا معنى "الجوع" الذي كان جزءًا من وجدان أجدادنا. ثم جاءت الدولة السعودية الحديثة، فوفّرت لنا الأمان والاستقرار، وسارت في طريق بناء شامل بدأ بتحقيق الأساسيات، وانتهى – أو لنقل بدأ – برؤية طموحة تسابق الزمن. اليوم، نحن من بين أكبر 20 اقتصادًا في العالم، هذه ليست صدفة، بل نتيجة لإدارة رشيدة حرصت على توجيه الموارد بعناية، والاستثمار في الإنسان والبنية التحتية والطموح. نعم، نحن نحب قيادتنا. لا نقولها مجاملة، بل لأننا لمسنا نتائج قراراتهم على واقعنا، ونرى أنهم لم يختاروا طريق الشعارات، بل طريق العمل. كما أننا نحن العرب نحبّ أن يكون لنا قائد أو شيخ "من أهلنا" يحبّنا ونحبّه، غيرَ مقتنعين بمناسبة الديموقراطية لنا. ولنا من الشواهد ما يبرر لنا هذا الخيار؛ وخصوصًا بعد أكثر من ستين عاماً من التجارب العربية الفاشلة في الديموقراطية. إدارتنا الحكيمة والمثالية للثروات هي السبب - بعد الله - في استمرار نهضتنا وشعورنا بالشبع والراحة والأمان، بعد الجوع والفقر والخوف، والذي نعرفه جيّدا ونعرف قيمته وأثره لأنه رافقنا - منذ آلاف السنين. في رؤيتنا للعالم من حولنا، نحن لا نطمح للهيمنة، ولا نحمل نوايا توسعية تجاه أحد. على العكس، طرحنا مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، كدعوة لتكرار تجربة أوروبا في منطقتنا: تعاون، وسلام، وازدهار جماعي. وهذا الطموح النبيل لا يتعارض مع مصالح أحد. وفيما يخص الحرمين الشريفين، نحن نعتبر خدمتهما شرفًا، لا عبئًا ولا فضلًا، فتنظيم الحج ضرورة دينية قبل أن يكون قرارًا إداريًا. نهتم بالحج والحجيج في مكان محدود، وزمان موقوت، وسلامة الحجاج مسؤوليتنا أمام الله قبل أن تكون أمام الناس. أخيرًا، لسنا مثاليين، ولا ندّعي الكمال. لكن نطلب منكم فقط أن تُعيدوا النظر، لا من خلال ما يُقال عنا، بل من خلال ما نبنيه فعليًا. افهمنا أولاً... ثم احكم علينا.