158.591 عدد العاملين عن بُعد بالمملكة.. ونسبة السعوديات 89 %

جاءت ريادة المملكة العربية السعودية وتصدرها لقائمة الدول العربية في مجال العمل عن بعد وتصنيفها في المرتبة 44 عالميًا في ذلك المضمار نتاجا لقدراتها المتقدمة في نواحي لأمن السيبراني ولقوة اقتصادها إضافة إلى تمتعها بالبنية التحتية الملائمة لنجاح العمل عن بعد والعمل الهجين الذي يجمع بين العمل المكتبي والعمل عن بعد، بما فيها تملك خدمة إنترنت مستقرة وسريعة وواسعة النطاق، مع توفر معايير السلامة الاجتماعية المناسبة، وصاحبت تلك الريادة العديد من التجارب والمبادرات المتميزة من قبل الجهات والشركات والمؤسسات السعودية في القطاعين العام والخاص كما ازدهرت الأعمال التي يمكن ممارستها عن بعد والتي منها البرمجة، التسويق الرقمي، التصميم، الكتابة والتحرير، خدمة العملاء، التدريس، المحاسبة، الترجمة، وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي إضافة إلى العديد من المهن الحرفية التي يمكن عملها عن بعد، مثل تصميم الأزياء، وأعمال الخياطة، والكروشيه، بالإضافة إلى بيع المنتجات اليدوية عبر الإنترنت فتجاوز عدد المنشآت التي يعمل موظفوها عن بعد في السعودية 7430 منشأة، في 2024 كما تجاوز عدد العاملين عن بعد بالمملكة في ذلك العام 158591 شخصا شكلت النساء السعوديات 89 % بأكثر من
140570 موظفة.
نمط منظم وموثق
ولم تكن بدايات التوجه نحو العمل خلال فترة جائحة كورونا كما يعتقد البعض ولكنه سبق تلك الفترة بكثير حيث بدأ بشكل فعلي كنمط منظم وموثق في المملكة مع صدر قرار وزاري لتنظيم العمل عن بعد في 12 / 2 / 1436ه (الموافق 2014 / 2015م)، ومع انطلاق رؤية 2030 التي من أهدافها تطوير سوق العمل وتوظيف الكفاءات السعودية في مختلف القطاعات، تنامى الدعم الحكومي للتحول الرقمي ونشطت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في تعزيز كل ما يخدم ذلك التوجه بدء بخدمات التوظيف والتدريب وتوثيق عقود العمل عن بعد وإطلاق عدد من المنصات كمنصة العمل عن بعد ومنصة العمل المرن ومنصة العمل عن بعد ومبادرة العمل "عن بُعد" التي تخضع فيها العلاقة التعاقدية للعامل "عن بُعد" لأحكام نظام العمل والقرارات الوزارية واللوائح الداخلية المعتمدة في المنشأة، والتسجيل الإلزامي في التأمينات الاجتماعية، وانتشرت المنصات الرقمية والأنظمة السحابية.
وصور وتجارب النجاح السعودي المتحقق في مجال العمل عن بعد بالمملكة كثيرة ومتعددة، ولكن أبرزها هو النجاح الكبير لتجربة المملكة في مواجهة جائحة كورونا المستجدة، إذ قدمت عموم القطاعات والجهات والشركات والمؤسسات السعودية في القطاعين العام والخاص مفاهيم مبتكرة في إدارة الأزمات، وقدمت للعالم أنموذجاً في تعاملها مع تداعيات الموقف واتسمت إدارة الأزمة في المملكة بالنهج التكاملي لمنظومة العمل الحكومي والأهلي والتطوعي، ولم يتعطل العمل بعد تعليق الحضور لمقرات العمل في كافة الجهات الحكومية والأهلية وتم الإنجاز عبر العمل الإلكتروني عن بعد من خلال الوسائل الإلكترونية المتاحة، كما كان لتجربة العمل عن بُعد من رؤية العاملين الشخصية خلال جائحة كورونا، العديد من الإيجابيات المُكتسبة، حيث أفاد استطلاع رسمي أن 23 % اكتسبوا مهارات إلكترونية نتيجة هذه التجربة، وأن 14 % منهم ارتفعت مُعدلات إنتاجيتهم جرّاء المرونة في أوقات العمل وزيادة الفرص الوظيفية واستمرارية الأعمال، بينما استطاع 9 % توفير تكلفة المواصلات، في حين أن 6 % استمتعوا بقضاء وقت إضافي إلى جانب أسرهم.
ومن الصور المدللة على النجاح حينها وما أعقبه من مواكبة للنمو والتطور بما يتناسب مع تطورات أسواق العمل المحلية والعالمية، اعتماد ضوابط العمل القضائي عن بُعد كأسلوبِ عمل جديد في محاكم ديوان المظالم ، بعد إقرار مجلس القضاء الإداري مبدأ العمل عن بُعد في العمل القضائي نتيجةً لما تحقق من نجاح ملموس لسير الأعمال القضائية عن بُعد التي اعتمدها ديوان المظالم في كل تعاملاته أثناء جائحة كورونا، موفراً لها أحدث التقنيات والنظم الرقمية والإدارية،ومنه أيضا تعميم البنك المركزي السعودي على المؤسسات المالية كافة تسجيل العاملين "عن بُعد" بمهن خدمات العملاء بالسجلات الرسمية، والتسجيل الإلزامي في التأمينات الاجتماعية أو توثيق عقود العاملين "عن بُعد" في البوابة الإلكترونية التي حددتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بما في ذلك الحالات التي يتم التعاقد فيها مع العامل بشكل مباشر أو من خلال تشغيل العامل عبر وسيط أو مقاول أو متعهد لتقديم خدمات العملاء "عن بُعد".
ومن أمثلة النجاح أيضا تجربة شركة stc التي تعد من أوائل الشركات التي بادرت بتبني العمل عن بعد في المنطقة وهي اليوم تتبوأ مكانة مرموقة بين الشركات الرقمية على مستوى العالم لتكون ضمن أفضل 50 شركة رقمية عالمياً، والأولى في منطقة الشرق الأوسط وفق تصنيف مجلة فوربس الشهيرة، إضافة إلى اختيارها مؤخراً كأقوى شركة اتصالات في الشرق الأوسط وفق تصنيف المجلة نفسها، وخلال الجائحة حيث بدأت اعتماد العمل عن بعد في العام 2017، ضمن مسارات رقمنة خدماتها بواقع 3 أيام في الشهر كأحد المزايا التي يتمتع بها موظفيها، لخلق مرونة أكبر في تسيير العمل والاعتماد على الحلول الرقمية وكان لذلك الأثر الأكبر على استعداد جميع موظفي الشركة للعمل عن بعد والتعامل مع التطبيقات المختلفة لتسيير الأعمال ومواجهة جائحة كورونا بفعالية.
وفي ظل القبول الواسع من قبل المؤسسات والشركات والموظفين لأسلوب العمل عن بعد تزايد المنصات والشركات التي تقدم خدمات العمل عن بعد في السعودية، مثل منصة العمل عن بعد وتنامى نجاح تلك المنصات التي نذكر منها على سبيل المثال "منصة العمل عن بعد" المزود الرئيسي لخدمات العمل عن بعد في المملكة وهي مبادرة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عبر أحدى الشركات الوطنية، وهي مزود خدمة معتمد يضمن لكل من الشركات المنضمة إلى البرنامج والباحثين عن عمل الذين يتم توظيفهم من خلال البرنامج كامل حقوقهم ومزاياهم ومنها إسناد التي تعد من أوائل مزودي خدمة العمل عن بعد بالمملكة وهي معتمدة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وتتمثل رؤيتها في دعم رؤية المملكة 2030 في التحول الرقمي بالأعمال وتعزيز كفاءة العمل عن بعد بالمنشآت ورفع مستوى العاملين بها.