أمير تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    تعليم الطائف يعقد لقاءً افتراضيًا مع قادة المدارس تحت شعار "تعليمنا قيم"    مدير فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان يلتقي بعميد كلية منار الجنوب    أمانة تبوك تستخدم أكثر من 100 ألف لتر مبيدات لمكافحة الحشرات وبؤر تكاثرها    أمير حائل يستقبل رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية للعناية بالمساجد    "الترفيه" تطرح مشروع تنظيم العروض الحية في المطاعم والمقاهي عبر منصة "استطلاع"    حرس الحدود: تأكد من جاهزية الوسائط البحرية قبل الإبحار    نجاح أول عملية لزراعة أصغر دعامة لعلاج الجلوكوما في مستشفى الجبر للعيون بالأحساء    90% من العلاقات التعويضية تفشل خلال السنة الأولى    جامعة الطائف توقع شراكة مع شمعة للتوحد لتأهيل الكوادر    "صحة عسير" تطلق حملة رش بؤري في 52 قرية للحد من نواقل الملاريا    امانة القصيم تعزز أنسنة المدن عبر مبادرة أرض القصيم الخضراء    مركز الملك عبدالله التخصصي للأذن بالمدينة الطبية بجامعة الملك سعود يُجري أول عملية زراعة قوقعة باستخدام اليد الروبوتية    سبب ايقاف انتقال دينيس زكريا إلى الأهلي    الصين تؤكد تأييدها محادثات السلام بشأن أوكرانيا    الذكاء الاصطناعي.. وخطف المواهب    الاستقرار الاجتماعي «إذا كنت في نعمة فارعها»    النصر الأعلى تسويقيًا في السوبر    الاتحاد يقترب من ضم مادو    هل يوقف الضغط الدولي الجنون العسكري الإسرائيلي ؟    المعلمون صناع النهضة وحصون للعقول وحماة للأوطان    المملكة ترسم صورة مشرقة للعطاء الإنساني وتزرع الأمل في قلوب المحتاجين    استقرار اسعار الذهب    تفشي عدوى منقولة بالغذاء في فرنسا    ترقية فالح الدوسري للمرتبة الثالثة عشر في أمانة الشرقية    ضبط مواطنًا لإشعاله النار في غير الأماكن المخصصة لها بمنطقة عسير    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    السوبر السعودي يفقد وصيف العالم    التحدي    في افتتاح كأس السوبر بهونغ كونغ.. صراع بين النصر والاتحاد لخطف أولى بطاقتي النهائي    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. الفريق الفرنسي Karmine Corp يحصد لقب Rocket League    أصوات شبابية تضيء ليالي الباحة    تعقد خلال الأيام المقبلة.. جولة مفاوضات جديدة بين إيران والوكالة الذرية    لوح شوكولاتة ينهي حياة متقاعد سريلانكي    نصيحة من ذهب    رجل يقتل عائلته بالرصاص.. ثم ينتحر    موجز    طاولة مستديرة في الرياض لتعزيز الشراكة.. اتفاقية سعودية سورية لحماية وتشجيع الاستثمارات    دراسة: المروحة تضاعف مخاطر القلب في الصيف    عدد المفقودين في سوريا منذ السبعينات يتجاوز 300 ألف    «أوقاف» تُعلن انطلاق نسخة نوعية من مبادرة «تيديكس»    263% نموا في قيمة الاكتتابات بالسوق السعودية    في تتويج لمسيرته الرياضية "الراجحي" يترقى إلى الحزام الأسود دان 5    4.5 مليارات ريال حجم زراعة الليمون بالمناطق    أمير حائل يستقبل مدير مكافحة المخدرات    إصدار مسرحي جديد لأدبي الطائف    غونزاليس: نستحق بلوغ النهائي مباشرة    استعراض سير عمل المنشآت الصحية أمام أمير تبوك    وزارة الثقافة تشارك في صوْن التراث بجازان    أمير جازان.. رؤية تلامس الواقع وإنسانية تحاكي القلوب    إطلاق حملة تعلّم بصحة    شهر للغة العربية في أذربيجان    أوامر ملكية بإعفاء الماضي والعتيبي والشبل من مناصبهم    القيادة تعزي رئيس باكستان في ضحايا الفيضانات    صابرين شريرة في «المفتاح»    لا تنتظرالوظيفة.. اصنع مستقبلك    تربية غريبة وبعيدة عن الدين!!    خادم الحرمين الشريفين يصدر 3 أوامر ملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الخطوط الهندسية إلى عبير الزهور
نشر في الرياض يوم 03 - 07 - 2025


سيرة إبداعية لامرأة سعودية أعادت تعريف الجمال
في مشهد متسارع يتبدل فيه المفهوم التقليدي للعمل، وتُعاد فيه صياغة أدوار المرأة السعودية ضمن رؤية تنموية شاملة، برزت أسماء نسائية استطعن العبور من حدود التخصص الجامد إلى فضاءات الإبداع المتعدد. من بين هذه الأسماء، تبرز المهندسة نهلة مجلد كواحدة من أولئك اللواتي لم يكتفين بأن يكنّ مجرد ممارسات لمهنتهن، بل أصبحن رائدات فيها، وناقلات لها إلى مناطق أكثر رحابة إنسانية وفنية. بدأت نهلة مسيرتها كمهندسة تصميم داخلي، ونجحت في أن تبني لنفسها مكانة في واحد من أكثر الأسواق تنافسية في المملكة، لكنها لم تتوقف عند هذا الإنجاز، بل آثرت أن تصغي لهمس داخلي يدعوها للذهاب أبعد، حيث سكون الزهور وروحها. قصة نهلة ليست مجرد انتقال من مهنة إلى أخرى، بل هي مثال حي على التطور العضوي للمسار المهني حين يقوده الشغف وتدعمه الإرادة. تخرجت من جامعة الملك عبدالعزيز في تخصص التصميم الداخلي عام 2005، وتقلّدت مناصب قيادية في عدة شركات بارزة، إلى أن أسست مكتبها الخاص الذي أدارته باحترافية وذائقة عالية. غير أن سنوات العمل المتواصل، والمشاريع المتتالية، دفعتها للتفكير في مساحة إبداعية موازية، فكانت الزهور هي تلك المساحة التي وجدت فيها صوتها الآخر، الهادئ، الدافئ، المختلف.
رؤية فنية مختلفة
في حديثها تستعيد نهلة البدايات وتقول: «كانت البداية مع التصميم الداخلي، وقد وجدت فيه مكاناً أحبه، لكنه كان دائماً يعيدني إلى التفاصيل الصغيرة، تلك التي لا يلاحظها كثيرون، لكنها تصنع الفارق. شيئاً فشيئاً، بدأت ألاحظ انجذابي المتزايد لتنسيق الزهور، خاصة في الحفلات والمناسبات، إلى أن أصبح شغفي الأعمق». نهلة لا ترى في انتقالها من التصميم إلى تنسيق الزهور تخليًا أو مجازفة، بل تؤمن بأن النجاح الحقيقي في السوق السعودي اليوم يعتمد على التنوع والقدرة على مواكبة الذوق العام المتجدد باستمرار. وتقول: "السوق لم يعد كما كان، المستهلك أصبح أكثر وعياً، وأكثر تطلباً، والجمود المهني لم يعد خياراً. النجاح ليس في البقاء في منطقة الراحة، بل في خلق فرص جديدة تُبرز المهارة، وتُشبع الشغف." وقد أثمر هذا الشغف عن مشروعها الفني "NAL FIORE"، كتاب توثيقي بصري أصدرته بعد سنوات من العمل والتوثيق، جمعت فيه أبرز تصميماتها في تنسيق الزهور، وحرصت على طباعته في بريطانيا لما تمثله من مصدر إلهام لها في هذا المجال. "بريطانيا مدينة تزهر شوارعها وحدائقها كل يوم، وتجعلني أعيش في عالم وردي لا ينضب، وهناك، عرفت كيف تكون الزهرة فكرة وقصة وهوية."
شغف يتجاوز الحدود
رحلة نهلة لم تتوقف عند العمل داخل جدران المكتب أو خلف شاشة الكمبيوتر، بل كانت رحلة استكشاف وبحث عن مصادر الجمال حول العالم. زياراتها للمعارض الدولية، والمزارع المتخصصة في زراعة الأزهار، وسعيها الدائم لفهم خصائص كل نوع وموسمه ومكانه المثالي، كل ذلك شكّل لها خلفية ثقافية مميزة أصبحت تنعكس على كل عمل تنفذه، سواء في تنسيق حفلات الزفاف أو في المناسبات الرسمية والخاصة. وفي هذا السياق تقول: "السفر لم يكن ترفاً، بل وسيلة لاكتشاف ثقافة الزهور في كل بلد، فلكل نوع حكاية، ولكل شكل دلالة، وللألوان لغة خفية لا يعرفها إلا من يتأملها بصدق." ورغم هذه النقلة النوعية، لم تتخلَّ نهلة عن خلفيتها كمهندسة، بل ما زالت تصمم وتشارك في مشاريع هندسية رفيعة، ومنها مشاركتها مع فريق دولي في بناء فندق ضخم داخل المملكة، في مشروع تعتبره علامة فارقة في مسيرتها المهنية. تقول: "لم أتخل عن التصميم، بل وسعت معناه. الزهور جزء من المشهد الكلي الذي أصنعه، وهي الروح التي أنفخها في المكان."
فهم الذوق المحلي
أما عن علاقتها بالعميلة السعودية، فتؤكد أن المهندسة السعودية هي الأقدر على فهم ذوق المرأة السعودية، لأنها – ببساطة – تنتمي لنفس البيئة والثقافة. وتضيف: "المرأة هنا أصبحت تعرف ما تريده، وتتابع صيحات العالم، لكنها في الوقت ذاته متمسكة بذوقها المحلي، وهو ما يمنح المصممة السعودية ميزة إضافية في تقديم حلول تصميمية تمزج بين الحداثة والهوية." نهلة لا تؤمن بالفصل بين التصميم والحالة النفسية، وترى أن المصمم الجيد هو من يستطيع توظيف مشاعره في عمله دون أن يصبح أسيراً لها. وعن هذا تقول: "عندما أكون في مزاج جيد، أنطلق كمن يرقص بين الألوان. أما في لحظات الحزن، فأبتعد عن التصميم، لأنني لا أحب أن أترك أثراً عابراً في عمل يدوم." ومن أبرز ما يميز نهلة هو احترامها لرغبة العميل، دون التفريط برؤيتها الخاصة. تؤمن بأن التصميم الناجح هو ذلك الذي يحقق توازناً بين ذوق العميل وخبرة المصمم. "أنا لا أفرض رؤيتي، بل أدمجها، أجعلها تنمو بهدوء في قلب الفكرة حتى تصير جزءاً منها، لا مفروضة عليها." ولأنها مؤمنة بأن التصميم لا ينفصل عن القيمة، فإنها لا ترى أن النجاح يقاس فقط بالربح، بل بالرضا المعنوي الذي يمنحه كل مشروع ناجح. "المردود المادي مهم، لكنه لا يعادل ذلك الشعور حين ترى عميلة سعيدة لأنها شعرت بأن المكان يشبهها."
دعم عائلي صادق
رغم مرور سنوات على بداياتها، لا تزال نهلة تؤمن بأن الحلم لا ينتهي، وأن الأفق يتسع لمن يواصلون الركض نحوه. تصف نفسها بأنها ما زالت في مرحلة تحقيق حلمها، وتقول بابتسامة واثقة: "كل مشروع أنجزه، أعتبره خطوة جديدة، ليس فقط في عملي، بل في ذاتي." ولعل أجمل ما في تجربتها هو توازنها بين الشغف والعمل، وبين العائلة والمهنة، إذ ترى أن عائلتها الصغيرة هي مصدر طاقتها، وداعمها الأول في كل مرحلة. "زوجي وابنتاي هما عماد حياتي، بهم أبدأ ومنهم أستمد قوتي." وتختم نهلة حديثها بكلمة تلخّص فلسفتها في الحياة والعمل: "الجمال موجود من حولنا، وما على الإنسان إلا أن يراه بعين متأملة، وأن يمنح نفسه فرصة ليكون جزءاً منه، سواء في زهرة، أو لون، أو فكرة... المهم أن نبقى أحياء بالشغف." تسير نهلة المجلد في دربها الطويل، لا تكتفي بأن تكون مصممة ديكور أو منسقة زهور، بل امرأة سعودية ترسم ملامحها على وجه الزمن الجديد، تزرع كل يوم فكرة، وتقطف نجاحاً، لتؤكد أن الإبداع حياة تُعاش بكل ما فيها من حلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.