تراجع أسعار الدولار    رافد" تدعو أولياء الأمور للتسجيل في النقل المدرسي للعام الدراسي القادم    مجلس التعاون يدين الاعتداءات الإسرائيلية ويطالب بالتهدئة    أمير تبوك يعزي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    3,211 سلة تمر توزعها المملكة في سوريا    محترفون وهواة ببطولة حائل للدرفت    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي    نائب أمير الشرقية يستقبل إدارة نادي الخليج ويثمن جهودهم في تحقيق بطولات مختلفة    أمير تبوك يكرم غداً المشاركين في أعمال الحج بمدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    أمير القصيم يستقبل رئيس النيابة العامة    أمير منطقة جازان يناقش سير العمل بمطار الملك عبدالله الدولي الجديد    لمسة وفاء.. العميد راشد بن سعيد الغامدي    مسلسل شارع الأعشى يكتسح جوائز الدانة    ترتيب مجموعة منتخب السعودية في الكأس الذهبية    تجمع القصيم الصحي : اعتماد "سباهي" لثلاثة مراكز صحية    إضافة خدمة الشحن "IM2" إلى ميناء جدة الإسلامي    "مُتحف السّيرة النبوية" بالمدينة المنورة يُثري تجربة ضيوف الرحمن ب25 جناحًا تفاعليًا    زراعة 31 مليون شجرة في المنطقة الشرقية    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة: مشاركة المنتخب السعودي في الكأس الذهبية تأتي تعزيزًا لحضور المملكة الدولي وتبرز دعم القيادة لقطاع الرياضة    نمو مبيعات التجزئة في الصين مايو الماضي بنسبة 6.4%    كبار السن.. ذاكرة الأمة وركيزة إنسانية تستحق الحماية    الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.. خطوات جريئة وتقدم حقيقي    رياح و حرارة شديدة على اجزاء من معظم مناطق المملكة    الهلال يستعيد كانسيلو قبل مواجهة ريال مدريد    البلجيكي برايس يقترب من قيادة النصر    الضربات المتبادلة مستمرة.. إسرائيل تستهدف 80 موقعاً بطهران.. وإيران ترد بصواريخ على حيفا    بالتزامن مع التصعيد ضد طهران.. الاحتلال يشدد الإجراءات في الضفة الغربية    بمتابعة مستمرة من أمير تبوك.. مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب عودة ضيوف الرحمن إلى أوطانهم    "التطبيقات الذكية" تعزز التحول الرقمي في السياحة    "التجارة" تذكّر بمهلة القوائم المالية    رحيل الإذاعي عبدالعزيز قزان    أفراح آل حداد و اتوتا بزواج حسام    مجلس أسرة الجعفري الطيار يستضيف جمعية الرياحين لرعاية الأيتام بالأحساء    مواسم تمضي… وحصاد ينتظر    آن الأوان أن تسمى الأمور بأسمائها في الشرق الأوسط    وزير التعليم يكرم بن نوح لتميزه العلمي    الضيف الذي غادر بيوتنا… وماذا بقي من البركة؟    "تحت السواهي".. مسرحية تبرز المواهب الوطنية    وقفات مع الحج    الربيعة طمأنه على مغادرة طلائع حجاج بلاده.. رئيس بعثة الحج الإيرانية: نشكر القيادة على الرعاية والاهتمام    المفتي وأعضاء اللجنة الدائمة يستقبلون المستفتيين    سان جيرمان يقسو على أتلتيكو مدريد برباعية في مونديال الأندية    علماء يبتكرون دواء جديداً ل" القاتل الصامت"    إيران تمدد تعليق الرحلات الجوية    مصرع 3 أشخاص جراء الفيضانات في "وست فرجينيا" الأمريكية    الكلمة حين تصير بيتا للمشاعر    تطوير الذات بين الوعي والتفكير النقدي    سعوديات يستوحين تصاميمهن من النخلة    باحثون يحولون الضوء إلى مادة صلبة    الهوية الرقمية تخفي جوازات السفر قريبا    خطوات مدعومة علميا لنوم عميق    الكارديو أم رفع الأثقال أولا    100 دقيقة مشي تحمي الظهر    وزير الحج والعمرة يطمئن رئيس بعثة الحج الإيرانية    أمير تبوك يواسي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    بإشراف ومتابعة أمير منطقة تبوك مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب وداع ضيوف الرحمن العائدين إلى أوطانهم    نائب أمير جازان يستقبل مفوض الإفتاء ومدير فرع الرئاسة بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل الوكلاء ومنسوبي الإمارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تقود المملكة مرحلة التمكين اللغوي للعربية عالميًا؟
نشر في الرياض يوم 15 - 06 - 2025

قرارات قيادتنا الرشيدة الداعمة للغة العربية، لا تدافع عنها بوصفها موروثًا فقط، بل تُعدّها مشروعًا مستقبليًا بكل ما تعنيه الكلمة، وفي الوقت الذي تُواجه فيه كثير من اللغات خطر الذوبان في موجة التقنية، ترسم السعودية بالعربية معادلة جديدة: لغة تنبض بالحياة، وتتحدث للمستقبل بلغة الخوارزميات..
في زمن التحولات الرقمية الكبرى، تفرض التقنيات الذكية إيقاعها السريع على العالم، مهددة بذلك تنوّع اللغات وتوازنها في الفضاء الرقمي، وفي ظل هذا التحدي، برزت المملكة العربية السعودية كقوة ثقافية رقمية تعي تمامًا أن بقاء اللغة العربية في طليعة المستقبل لا يتحقق إلا بتكامل اللغة مع أدوات الذكاء الاصطناعي، وليس بمواجهة الزمن أو الحنين إلى الماضي.
لم يكن هذا الوعي خطابًا ثقافيًا مُعممًا، بل تم تحويله إلى استراتيجية مؤسسية شاملة، تقودها مبادرات نوعية أطلقها مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وهو الكيان الذي أعاد تعريف وظيفة المجامع اللغوية ليس فقط كجهات علمية، بل كمنصات سيادية تؤثر في شكل حضور اللغة في المستقبل.
بدأ المسار بإطلاق "مؤشر اللغة العربية"، وهو أول أداة قياس كمية ونوعية توفّر بيانات دقيقة حول أداء اللغة العربية في مختلف الدول والمجالات (التعليم، والإعلام، والتقنية.. إلخ)، ما يتيح تصورًا شاملًا لواقع اللغة واتخاذ قرارات تستند إلى معطيات علمية، ويتجاوز هذا المؤشر فكرة المرصد الرقمي، إلى كونه بوابة لرسم السياسات اللغوية على المستوى الدولي.
وفي السياق ذاته، تم إطلاق مؤشر "بلسم"، وهو مبادرة رائدة تقيس مدى قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على التعامل مع اللغة العربية بنجاح، وذلك من خلال تقييم مخرجات النماذج اللغوية مثل الترجمة، وتوليد النصوص، والتحليل الدلالي، وتضع هذه الخطوة المملكة في موقع قيادي على مستوى تطوير الحوسبة اللغوية بالعربية، في وقت تعاني فيه لغات كثيرة من التهميش داخل بيئات الذكاء الاصطناعي العالمية.
وأما في عالم البيانات، لا يكفي أن نرصد أو نقيس، بل يجب أن ننتج. ومن هنا جاءت منصات "فلك"، و"سوار"، فالمنصة الأولى تُعنى بتوسيع المدونات اللغوية، وقد أضافت أكثر من 72 مليون كلمة جديدة إلى المحتوى العربي، ما يشكّل ثروة رقمية هائلة تعزز من وجود العربية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كالمساعدات الذكية، والمترجمات الفورية، وأنظمة البحث.
أما "سوار"، فهي مخصصة للمعاجم اللغوية، وقد أسهمت في إغناء الصناعة المعجمية بأكثر 7 آلاف كلمة مضافة، ما يوفر قاعدة بيانات لغوية دقيقة تخدم المطورين والمترجمين والمبرمجين، وتمكنهم من استخدام اللغة العربية بكفاءة في التطبيقات الرقمية.
لا يمكن فهم هذه المبادرات إلا في إطار استراتيجي أوسع تسير فيه المملكة، يتمثل في رؤية السعودية 2030، والاستراتيجية الوطنية الثقافية التي وضعت الثقافة واللغة ضمن أولويات التحول الوطني، وبات واضحًا - وفق المنظور السعودي - أن اللغة العربية، لم تُصبح وسيلة للتواصل اللغوي فقط، بل عنصر من عناصر السيادة الرقمية، ومجالًا للاستثمار، وسلاحًا ناعمًا لصياغة الحضور الثقافي والسياسي في العالم الرقمي.
ولعل أهم ما يميز هذا التوجه السعودي هو المزج بين أصالة اللغة وتراثها العميق، والحداثة التكنولوجية، ما يجعل المملكة تقدم نموذجًا متوازنًا في التعامل مع اللغة: لا انفصال عن الجذور، ولا انغلاق أمام المستقبل.
من خلال هذه المبادرات، تؤكد المملكة أن اللغة العربية عنصر فاعل في القوة الناعمة العالمية. وعندما تصبح اللغة العربية قادرة على التفاعل مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وعلى الترجمة الآلية بدقة، وعلى توليد المحتوى تلقائيًا، فإن ذلك يُحدث تحولًا نوعيًا في مكانة المتحدثين بها، ويمنحهم نفوذًا في موازين القوة الجديدة.
ومن هنا، فإن دعم اللغة العربية بالذكاء الاصطناعي ليس ترفًا ثقافيًا كما يتصور البعض، بل هو واقعيًا، ضرورة استراتيجية لحماية الهويّة وتعزيز القدرة التنافسية للأمة العربية في الاقتصاد الرقمي.
في نهاية المطاف، فإن قرارات قيادتنا الرشيدة الداعمة للغة العربية، لا تدافع عنها بوصفها موروثًا فقط، بل تُعدّها مشروعًا مستقبليًا بكل ما تعنيه الكلمة، وفي الوقت الذي تُواجه فيه كثير من اللغات خطر الذوبان في موجة التقنية، ترسم السعودية بالعربية معادلة جديدة: لغة تنبض بالحياة، وتتحدث للمستقبل بلغة الخوارزميات.. دمتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.