يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يعد إحدى أهم مفرزات رحلة الابتكار التي صاحبت نهاية مرحلة الثورة الصناعية الرابعة، والتي تشكل خلالها أدوات تطور معطيات الثورة التكنولوجية والتقنيات الرقمية والأنظمة الذكية والتطبيقات البرمجية، ولكن اليوم تتشكل تطورات تطبيقات الذكاء الاصطناعي بصورة أكثر ابتكارا بفضل الخوارزميات المتقدمة، وهو ما يعد بمثابة إعلان بدء مرحلة جديدة لنشأة الثورة الصناعية الخامسة والدخول لعصر ما بعد اكتشاف الذكاء الاصطناعي، والتي يجري العمل فيها على الجمع بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات وتسخيرهما إن جاز القول لخدمة كافة الاحتياجات البشرية؛ فالذكاء الاصطناعي بلا شك هو لغة اليوم للارتقاء بعمل منظومة المشروعات التنموية وجودة عمل كافة القطاعات التشغيلية والمجالات الخدمية والقطاعات الإنتاجية، واقتناص الفرص الاقتصادية، وتقليل الإنفاق بالاعتماد على العنصر البشري، وخلق بيئات صناعية متطورة وذات تشغيل وإنتاج عالٍ يتماشى مع ما يعيشه العالم من سرعة في كافة المجالات الحديثة والقطاعات الواعدة. في الأيام القريبة الماضية وكما تعودنا في هذا الوطن الغالي من سباق مع الزمن واستشراف للمستقبل بمشاريع نوعية تلامس ما تعيشه مملكتنا العزيزة من حراك مستمر وتحاكي المتغيرات التكنولوجية العالمية، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله ورعاه- ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إطلاق شركة "هيوماين"، والتي تهدف إلى تطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في منظومة هذا القطاع الحيوي؛ حيث ستعمل هذه الشركة على تقديم أحدث نماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن ذلك تطوير أحد أفضل النماذج اللغوية الكبيرة (LLM) باللغة العربية، إلى جانب الجيل الجديد من مراكز البيانات، والبنية التحتية للحوسبة السحابية؛ ويتوقع لهذه الشركة أن تعمل على تعزيز منظومة الذكاء الاصطناعي للوطن من خلال الاستثمار والشراكات الدولية، مع الاستفادة من ما تتمتع به المملكة من مزايا استراتيجية تنافسية وبنية رقمية حديثة واستغلالها في الربط بين شبكات التواصل وتوظيفها في سرعة معالجة كميات ضخمة من البيانات، بجانب دعم عمليات بناء القدرات والبحث والابتكار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث توجت المملكة مؤخرا بتصدرها لمعيار الإستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي عالميا على المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي عام (2024م). إطلاق شركة "هيوماين" يؤكد حسن القيادة وتفرد التخطيط وشمولية التوجه وتعزيز الريادة في كل ما من شأنه خدمة مصالح الوطن ومواطنيه، ومن ذلك تفعيل آليات وتقنيات الذكاء الاصطناعي في رؤية الوطن الواعدة ومزاوجة ذلك بما بذل ويبذل من جهود نوعية للارتقاء بأداء القطاعات الخدمية والإنتاجية، باعتباره أي الذكاء الاصطناعي والروبوتات رافد مهم سيخدم كافة القطاعات الخدمية الأساسية والصناعية المتنوعة، لتتكامل بدورها مع ما تستوجبه معطيات الابتكار العالمية من انتقال وتماشيا مع ما يعيشه العالم من إعادة تشكل لاقتصاداته بحسب ما تفرضه المرحلة الحالية من وجوب تماهيها مع معطيات تسلسل الثورات الصناعية الجديدة؛ فالذكاء الاصطناعي هو رهان المستقبل، أو كما يوصف مجازا "ببترول" المستقبل، حيث تشير كثير من الدراسات العالمية أن الاستثمار في تطبيقاته يفوق الاستثمار في عمليات التنقيب عن النفط.