أعلنت الهند أنّها شنّت فجر الأربعاء قصفا صاروخيا ضدّ مناطق في باكستان التي سارعت إلى توعّد جارتها بالردّ "في المكان والزمان المناسبين"، في تصعيد عسكري كبير بين الدولتين النوويتين. وقالت الحكومة الهندية في بيان إنّ قواتها شنّت "ضربات دقيقة" على تسعة مواقع في باكستان تضمّ "بنى تحتية إرهابية"، وذلك بعد أيام من اتّهامها إسلام أباد بتنفيذ هجوم دام في الشطر الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه. وأوضح البيان أنّ "القوات الهندية أطلقت عملية "سندور" التي ضربت خلالها بنى تحتية في باكستان (...) حيث تمّ تخطيط وإدارة الاعتداءات الإرهابية" ضدّ الهند. من جهته، أعلن متحدّث باسم الجيش الباكستاني أنّ الضربات الهندية طالت "ثلاث مناطق"، اثنتان منها تقعان في الشطر الباكستاني من كشمير والثالثة تقع في إقليم البنجاب المتاخم للهند. وأعلن وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف أنّ القصف الهندي تسبّب بمقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل. وأفاد شهود في الشطر الباكستاني من كشمير وفي إقليم البنجاب، بسماع دوي انفجارات قوية. وسقط ثمانية قتلى في الجانب الهندي، وأعلن الجيش الباكستاني مقتل 26 شخصا على الأقل في هجمات هندية على أهداف باكستانية، وجاء في بيان للجيش الباكستاني أن 46 شخصا أصيبوا. وقال المتحدث باسم الجيش الباكستاني اللفتنانت جنرال أحمد شودري "سنردّ في الزمان والمكان" المناسبين. وبعد وقت قصير، أعلن الجيش الهندي عبر منصة "إكس "،أنّ باكستان قصفت بالمدفعية "قطاعي بيمبر غالي وبونش راجوري" في الشطر الهندي من كشمير، لكنّ الحكومة الباكستانية لم تؤكد ذلك. وأعلنت إسلام أباد أنّ لجنة الأمن القومي الباكستانية، الهيئة المؤلفة من كبار المسؤولين المدنيّين والعسكريين والتي لا تلتئم إلا في الظروف الاستثنائية، ستجتمع بناء على دعوة من رئيس الوزراء شهباز شريف. وأصبحت باكستانوالهند على شفير الحرب منذ 22 أبريل بعد اعتداء تسبّب بمقتل 26 شخصا في مدينة باهالغام في الجزء الهندي من إقليم كشمير. ونفت باكستان أيّ تورط لها في العملية. وتبادلت الدولتان إطلاق النار ليليا منذ 24 أبريل عبر خط المراقبة الذي يقوم مقام الحدود بينهما في إقليم كشمير، وفق الجيش الهندي. وقال بيان الحكومة الهندية إن الردّ الأربعاء كان "محدّد الأهداف ومدروسا ويهدف الى تجنّب أي تصعيد"، مشيرا الى أنه "لم يتمّ استهداف أي منشأة عسكرية في باكستان". وأضاف أنّ الردّ اتّسم ب"كثير من ضبط النفس". وتابعت الحكومة "تعهدنا بمحاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم، وهذا ما فعلناه". وكانت الحكومة الهندية اتهمت جماعة "عسكر طيبة" الباكستانية المصنّفة إرهابية من الأممالمتحدة، بتنفيذ الهجوم. وحضّ المجتمع الدولي الدولتين على خفض التصعيد والابتعاد عن الحرب. وتتنازع الهندوباكستان السيطرة على الإقليم منذ استقلالهما عن الحكم البريطاني عام 1947، عندما فرقت الحدود بين عائلات تجاورت على امتداد عدة أجيال. ويخوض متمردون في المنطقة الخاضعة لإدارة الهند حركة تمرد منذ 1989 سعيا للاستقلال أو الاتحاد مع باكستان. وأعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأربعاء عن أمله في أن "يتوقف سريعا جدا" القتال بين الهندوباكستان. وقال ترمب لصحافيين في المكتب البيضوي "إنه لأمر مؤسف. كما تعلمون، لقد كانوا يتقاتلون لعقود وقرون عديدة". وأشار الى أنه علم باستئناف القتال، مضيفا "آمل فحسب أن يتوقف هذا الأمر سريعا جدا". واعتبرت الأممالمتحدة أن "العالم لا يمكنه تحمّل" اندلاع مواجهة عسكرية بين الهندوباكستان. وعرضت قنوات تلفزيونية هندية مقاطع مصورة لانفجارات ونيران وتصاعد أعمدة دخان كثيف في السماء ليلا، وفرار السكان في عدة أماكن بباكستان والشطر الذي تديره من كشمير. ولم يتم التحقق من صحة اللقطات بشكل مستقل. وقال شهود وشرطي في موقعين على الحدود في الشطر الهندي من كشمير إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية وقصفا مدفعيا مكثفا بالإضافة إلى تحليق طائرات في الجو. وقال متحدث عسكري باكستاني لقناة جيو التلفزيونية إن المواقع التي قصفتها الهند شملت مسجدين. وقال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف لقناة جيو إن جميع المواقع التي استهدفتها الهند مدنية وليست معسكرات للمسلحين. وأضاف أن الهند أطلقت صواريخ من مجالها الجوي، وأن ادعاءها استهداف "معسكرات الإرهابيين كاذب". وذكر أن الهند خسرت خمس طائرات. وبعد الضربات الهندية، قال جيش نيودلهي في منشور على منصة إكس "تحققت العدالة". واستدعت باكستان الأربعاء القائمة بالأعمال الهندية جيتيكا سريفاستافا إلى وزارة الخارجية الباكستانية لتلقي احتجاج باكستان الشديد على الهجمات الهندية غير المبررة في مواقع متعددة في جميع أنحاء باكستان وآزاد جامو وكشمير. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان إن هذه الضربات أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، حسب وكالة أسوشيتد برس أوف باكستان الأربعاء. وأضاف المتحدث "أن هذا العمل العدواني السافر من جانب الهند يُشكل انتهاكًا واضحًا لسيادة باكستان. وتتعارض هذه الأعمال مع ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي والأعراف الراسخة التي تحكم العلاقات بين الدول. ورفضت باكستان بشدة مبررات الهند الواهية لسلوكها العدائي". وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن قلقه البالغ إزاء العملية العسكرية الهندية عبر خط السيطرة والحدود مع باكستان. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة ردًا على أسئلة الصحفيين: "إن الأمين العام يدعو التحلي بأقصى درجات ضبط النفس العسكري من الهندوباكستان، ويؤكد أن العالم لا يمكنه تحمل مواجهة عسكرية بين البلدين". وشدد الأمين العام على ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب المواجهة العسكرية التي قد تخرج بسهولة عن نطاق السيطرة، وأن الحل العسكري ليس حلًا. وأبدى غوتيرتش، استعداده لبذل مساعيه الحميدة لدى الحكومتين الهنديةوالباكستانية دعمًا للسلام، مؤكدًا أن الأممالمتحدة تدعم أي مبادرة تعزز تخفيف التصعيد، وتعزيز مسار الدبلوماسية، وتجديد الالتزام بالسلام. باكستان تتوعد بالردّ في المكان والزمان المناسبين (رويترز)