في الوقت الذي تتجه فيه أنظار عشاق كرة القدم السعودية نحو النسخة المرتقبة من بطولة السوبر السعودي، يعود الجدل القانوني والإداري إلى الواجهة، في مشهد بات يتكرر موسميًا حتى أصبح جزءًا من المشهد الكروي، فبعد الجدل القانوني الذي أثارته قضية النصر والوحدة، جاءت قضية اعتذار الهلال عن المشاركة في السوبر لتعيد إلى السطح إشكالية أكبر وهي تضارب وتباين الأنظمة وتعدد مصادر القرار. فهل ما قام به الهلال يُعد انسحابًا أم اعتذارًا مشروعًا؟ وهل تملك اللائحة ما يُعالج هذا النوع من المواقف بوضوح؟ أم أن التأويل والاجتهاد سيبقيان سيدي الموقف؟ ما حدث ليس استثناء، بل فصل جديد في سلسلة طويلة من الحالات التي عانى فيها الوسط الرياضي من تضارب الاختصاصات، وغموض اللوائح، وتناقض التفسيرات، ففي كل قضية نجد أطرافًا متعددة: رابطة دوري المحترفين، الاتحاد السعودي، لجنة الانضباط، ومركز التحكيم الرياضي، وكل جهة تقدم رؤيتها الخاصة، دون وجود مظلة قانونية موحدة تُنهي الخلاف من جذوره، والجدل لا يكمن فقط في غياب الوضوح، بل في بطء الإجراءات، وتعدد مراحل الطعن، وغرابة بعض الأحكام، وهو ما يدفع المتابع للتساؤل: لماذا تستغرق القضايا لدينا أسابيع وربما شهورًا؟ ولماذا يتحول كل ملف إلى أزمة رأي عام قبل أن يُفصل فيه قانونيًا؟ بل أن هنالك من يرى من منظور "فلسفي" أن ارتفاع عدد القضايا والطعون يعكس تطور المنظومة وارتفاع سقف الاحتراف، لكن الحقيقة أن الكمّ لا يعني الجودة، فالمنظومات المحترفة تُقاس بوضوح إجراءاتها، وعدالة مؤسساتها، وسرعة حسمها، لا بعدد ما تنتجه من أزمات. بطولة السوبر في نسختها الجديدة تحمل وعودًا جماهيرية وتسويقية مهمة، وتسعى للارتقاء بصورة الدوري خارجيًا، ولكن هذه الوعود تتآكل تحت ضغط الغموض القانوني والتناقضات الإدارية، بل إن قرار إقامتها خارج المملكة – رغم المكاسب التجارية (المحتملة) – لم يمر دون انتقاد جماهيري، ما أضاف بعدًا جديدًا لحالة التشكيك المحيطة بالبطولة. السوبر السعودي ليس مجرد حدث رياضي، بل اختبار حقيقي لقدرة مؤسسات الكرة السعودية على التنظيم، والعدل، والحوكمة، وأن صناعة كرة القدم لا تزدهر بالنجوم والصفقات فقط، بل بالمؤسسات واللوائح والمساءلة، فإن أردنا حقًا مضاهاة الكبار، يجب أن نبدأ من البنية القانونية والإدارية لا من حجم الجدل. بٌعد آخر: كمية الجدل (الإلكتروني) بسبب بعض القرارات ولّد شعورًا عامًا بأن هنالك قضايا تُدار بنهج "السابقة تجبّ ما قبلها" أو أن الأنظمة اللاحقة تُلغي السابقة ولا يوجد إطار قانوني ثابت يُحتكم إليه.