توقع تقرير صادر عن «إس آند بي» أن يواصل سوق العقارات السعودية نموه، بدعم من الخطط الحكومية الطموحة وتفضيلات المستهلكين المتطورة. ولكن القدرة على تحمل التكاليف ومخاطر التنفيذ ستتطلب إدارة حذرة، في ظل الضغوط الاقتصادية وأسعار الفائدة المرتفعة نسبيًا. وفقاً للتقرير: فقد ارتفعت أسعار المساكن في مختلف أنحاء المملكة العربية السعودية بصورة ملحوظة بفضل الدعم التمويلي من الحكومة وزيادة الطلب. وارتفعت قيمة التمويلات العقارية الجديدة التي أصدرتها البنوك بنسبة 17 % إلى 91 مليار ريال سعودي (24.3 مليار دولار أمريكي) في عام 2024، وذلك بعد أن خفّض البنك المركزي السعودي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس تماشيًا مع إجراءات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وتسهم المبادرات، مثل الشركة السعودية لخدمات الضمان الإسكاني العقارية (ضمانات) المدعومة من الحكومة - التي تقدم ضمانات للتمويلات العقارية وغيرها من الخدمات الأخرى - أيضًا في الارتفاع في تمويلات المساكن نتيجةً لإقبال المواطنين السعوديين من ذوي الدخل المنخفض عليها. ومن المتوقع أن تسهم زيادة عدد المشاريع السكنية على الخارطة في رفع حصة التمويلات العقارية في هذه المشاريع. ما أهمية ذلك تظل الحكومة المحرك الرئيس لنمو العقارات السكنية، في ظل مستهدفات الحكومة بأن تصل ملكية المساكن إلى 70 % بحلول عام 2030، وقد صلت إلى 65.4 % في عام 2024، ودعم تمويل المواطنين. وتؤدي التوترات التجارية العالمية إلى زيادة المخاطر، بما في ذلك تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم، والأهم من ذلك زيادة الضغوط على أسعار النفط. ولكن من المرجح أن يؤدي نمو عدد سكان في المملكة العربية السعودية، ونشاطها المرتبط برؤية المملكة 2030، ونقص العرض في المراكز الحضرية الكبرى إلى الاستمرار في تغذية السوق. ويثير ارتفاع أسعار المساكن والإيجارات في المدن الكبرى التساؤل حول مدى القدرة على تحمل التكاليف. تقليديًا، اعتمد المواطنون السعوديون على أموال الأسرة والتمويل الشخصي من البنوك. ولكن، أصبحت القروض العقارية من البنوك السعودية، خلال السنوات القليلة الماضية، المصدر الرئيس لتمويل العقارات، حيث إنها وصلت إلى نحو 180 مليار دولار أمريكي، أو 23 % من إجمالي القروض في نهاية عام 2024. ونتوقع أن تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة إلى تعزيز نمو التمويلات العقارية بعدما شهدت تباطؤًا معتدلًا في الفترة الممتدة بين 2022 - 2023. ونلاحظ أيضًا أن التمويلات العقارية للوحدات على الخارطة أصبحت هي القاعدة، وهو ما قد يعرض البنوك لمخاطر التنفيذ من جانب المطورين. ولم يساهم برنامج تأشيرة الإقامة المميزة لغير السعوديين في النمو السكني بصورة ملموسة حتى الآن، وربما يرجع ذلك إلى اشتراط حد أدنى كبير للاستثمار يبلغ 4 ملايين ريال سعودي (بموجب أحد خيارات التأشيرة). تعاونت الحكومة مع المطورين لإطلاق مشاريع في مختلف أنحاء المملكة. وبلغ إجمالي المعروض السكني في المدن الخمس الكبرى في المملكة (الرياضوجدة والدمام ومكة والمدينة المنورة) 3.5 ملايين وحدة سكنية في عام 2024. وبناءً على تحليل شركة «نايت فرانك»، من المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى ما يقرب من 3.9 ملايين وحدة بحلول نهاية عام 2028، وهو ما يعكس الجهود الحكومية المستمرة في توفير المساكن. ونحن ندرك أيضًا أن الحكومة ستخصص سنويًا بعض الأراضي للمساكن بأسعار معقولة لتسهيل امتلاكها ولضبط الأسعار. ما القادم؟ نتوقع ارتفاعًا قويًا في حجم وقيم المعاملات السكنية في عام 2025 في المملكة العربية السعودية. ارتفعت المعاملات السكنية بنسبة 38 % لتتجاوز 200 ألف معاملة، كما ارتفعت قيمة المعاملات السكنية بنسبة 35 % لتصل إلى 164.8 مليار ريال سعودي في عام 2024، وفقًا لشركة «نايت فرانك». ونتوقع أن يزداد هذا الزخم في ضوء المبادرات الحكومية الرامية إلى رفع ملكية المساكن، والطلب القوي في المراكز الرئيسة مثل الرياضوجدة بفضل نمو النشاط الاقتصادي، ومكة والمدينة نتيجةً لزيادة عدد زوار المشاعر المقدسة. ومن المحتمل أن ينتعش برنامج تأشيرة الإقامة المميزة لغير السعوديين - الذي أُطلق مؤخرًا للاستثمار - تدريجيًا في عام 2025. سيؤدي ارتفاع تكاليف امتلاك المساكن إلى تغيير تفضيلات المستهلكين بسرعة، ولكنه يوفر فرصة لتحول القطاع. لقد أصبح العيش في الشقق بدلًا من الفلل والمنازل المستقلة مقبولًا اجتماعيًا أكثر. وأصبحت تفضيلات المشترين تميل نحو شراء المنازل على الخارطة من خلال التمويل العقاري بدلاً من شراء المنازل الجاهزة للسكن. وتتضمن إصلاحات قانون التملك العقاري لعام 2024 العديد من التحسينات مثل حساب الضمان، وتوحيد بنود الاتفاقيات، وتعزيز الحوكمة والشفافية لتعزيز ثقة المستثمرين. وبالإضافة إلى ذلك، هناك رسوم ستفرض على الأراضي غير المطورة، وهو ما قد يحفز أنشطة التطوير. ونرى أن هذه التغيرات السريعة توفر للمطورين والمستثمرين بيئة داعمة لتغيير المشهد في سوق العقارات السكنية في المملكة العربية السعودية.