قال سكان إن الجيش الإسرائيلي يسوي بالأرض ما تبقى من أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة فيما يخشون أن يكون جزءا من خطة لمحاصرة الفلسطينيين في معسكر ضخم على الأرض القاحلة. ولم تدخل أي إمدادات غذائية أو طبية إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منذ ما يقرب من شهرين حين فرضت إسرائيل ما أصبح منذ ذلك الحين أطول حصار شامل لها على الإطلاق على القطاع، في أعقاب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع. واستأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في منتصف مارس آذار، واستولت منذ ذلك الحين على مساحات واسعة من الأراضي وأمرت السكان بإخلاء ما تطلق عليها «مناطق عازلة» حول أطراف غزة، بما في ذلك مدينة رفح بأكملها والتي تشكل نحو 20 بالمئة من مساحة القطاع. وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (كان) أن الجيش بصدد إنشاء «منطقة إنسانية» جديدة في رفح حيث سيتم نقل المدنيين بعد إجراء تفتيش أمني لمنع مقاتلي حماس من دخولها. وستتولى شركات خاصة توزيع المساعدات. لم يعلق الجيش الإسرائيلي على التقرير بعد، ولم يستجب حتى الآن لطلب رويترز للتعقيب. وقال سكان إن دوي انفجارات هائلة يُسمع الآن بلا انقطاع من المنطقة المدمرة التي كان يقطنها سابقا 300 ألف نسمة. وقال تامر، وهو من سكان مدينة غزة نزح إلى دير البلح شمالا لرويترز عبر رسالة نصية «الانفجارات ما بتتوقفش لا نهار ولا ليل، كل ما الأرض تهز بتعرف أنهم بينسفوا بيوتا في رفح، رفح انمسحت». وأضاف أنه يتلقى مكالمات هاتفية من أصدقاء في مصر على الحدود مع قطاع غزة، حيث لم يتمكن أطفالهم من النوم بسبب الانفجارات. وقال أبو محمد، وهو نازح آخر في غزة، لرويترز عبر رسالة نصية «إحنا الخوف عنا إنه يجبرونا ننزح هناك ويسكروا علينا زي القفص أو معسكر نزوح كبير معزولين عن العالم». وتقول إسرائيل، التي تفرض حصارا مطبقا على غزة منذ الثاني من مارس آذار، إن إمدادات كافية وصلت إلى القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار التي استمرت ستة أسابيع، ومن ثم فإنها لا تعتقد أن السكان في خطر. وتؤكد أنها لا يمكنها السماح بدخول الغذاء أو الدواء خشية أن يستغلها مقاتلو حماس. وتقول وكالات الأممالمتحدة إن سكان غزة على شفا تفش واسع للمجاعة والمرض، وأن الظروف الآن في أسوأ حالاتها منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 عندما هاجم مقاتلو حماس تجمعات سكنية إسرائيلية. وأعلن مسؤولو الصحة في غزة الاثنين مقتل 23 شخصا على الأقل في أحدث الضربات الإسرائيلية على القطاع. وقُتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص بينهم أطفال في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا شمال القطاع، إلى جانب ستة آخرين في غارة جوية على مقهى بجنوب القطاع. وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الضحايا مصابين بجروح خطيرة حول طاولة بالمقهى. يأكلون العشب والسلاحف لم تفلح المحادثات التي توسطت فيها قطر ومصر حتى الآن في تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أطلقت حماس خلاله سراح 38 رهينة فيما أفرجت إسرائيل عن مئات المعتقلين. ولا يزال 59 رهينة إسرائيليا محتجزين في غزة ويُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة. وتقول حماس إنها لن تفرج عنهم إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب بينما تقول إسرائيل إنها لن توافق إلا على هدن مؤقتة ما لم يتم نزع سلاح حماس بالكامل، وهو ما يرفضه مقاتلو الحركة. وفي الدوحة، قال رئيس الوزراء القطري إن الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد في غزة أحرزت بعض التقدم. وأعلن برنامج الأغذية العالمي نفاد مخزوناته الغذائية في غزة بعد أطول حصار يفرض على القطاع على الإطلاق. وجاب بعض السكان الشوارع بحثا عن الأعشاب التي تنمو طبيعيا على الأرض، بينما جمع آخرون أوراق الأشجار اليابسة. وفي ظل اليأس، لجأ صيادون إلى صيد السلاحف وسلخها وبيع لحومها. وقالت امرأة من مدينة غزة لرويترز طالبة عدم نشر اسمها خشية الانتقام «المرة الماضية رحت على الدكتور قال لي عندك حصاوي في الكلى ولازم عملية جراحية بتكلف حوالي 300 دولار، أنا أحسن لي آخد مسكنات وأخلي المصاري لأولادي أطعميهم فيهم». وأضافت «باختصار الوضع في غزة لا أكل ولا غاز للطبخ ولا طحين ولا حياة». «سلاح حرب» قال مسؤول فلسطيني رفيع لمحكمة العدل الدولية إن إسرائيل تستخدم منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة «كسلاح حرب»، في مستهل جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يوما على فرضها حصارا شاملا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب. وخاطبت عشرات الدول والمنظمات هيئة المحكمة المكونة من 15 قاضيا في سلسلة جلسات ماراثونية. وقال السفير الفلسطيني عمار حجازي للقضاة «أُجبرت جميع المخابز التي تدعمها الأممالمتحدة في غزة على إغلاق أبوابها». وأضاف أن «تسعة من كل عشرة فلسطينيين لا يحصلون على مياه شرب آمنة. ومنشآت التخزين التابعة للأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى فارغة». وأكد «نحن أمام عملية تجويع. تُستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب». أما إسرائيل التي لا تشارك في الجلسات فقال وزير خارجيتها جدعون ساعر في تصريح صحافي في القدسالمحتلة إن «هذه القضية هي جزء من اضطهاد ممنهج لإسرائيل ولتجريدها من الشرعية وتقويضها. ليست إسرائيل هي التي يجب أن تكون في المحكمة، بل الأممالمتحدة والأونروا»،-حسب زعمه- مشيرا إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. حظرت إسرائيل الأونروا من العمل على أراضيها، بعد اتهام بعض موظفيها بالمشاركة في هجوم حماس في 7اكتوبر /تشرين الاول/ 2023 الذي أشعل فتيل الصراع. وهي اتهامات أفادت تحقيقات مستقلة بأنها بدون أدلة. وحث الأمين العام للأونروا فيليب لازاريني، إسرائيل «كقوة احتلال» على «توفير الخدمات أو تسهيل تقديمها - بما في ذلك من خلال الأونروا - للسكان الذين تحتلهم». رأي استشاري في ديسمبر /كانون الأول/، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية كبيرة قرارا أعدته النروج يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري. ويدعو القرار المحكمة إلى توضيح ما يتعين على إسرائيل أن تفعله في ما يتصل بوجود الأممالمتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية أو الدول الثالثة «لضمان وتسهيل تسليم الإمدادات العاجلة الضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، بلا عوائق». والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانونا، لكن هذا الرأي الاستشاري من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل. تتحكم إسرائيل بكل معابر القطاع وتمنع دخول السلع وكذلك المساعدات الدولية في حين أن 2,4 مليون فلسطيني في قطاع غزة بأمس الحاجة لها في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة. أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت دخول المساعدات في 2مارس /آذار/ قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار هش بعد 15 شهرا من القتال المتواصل. بعدها أعلنت إسرائيل وقف إمداد القطاع المدمر والمحاصر بالكهرباء. استأنفت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية في 18 مارس/آذار /، ما أدى إلى ما وصفته الأممالمتحدة بأنه «ربما يكون أسوأ» أزمة إنسانية في القطاع منذ بداية الحرب التي اندلعت إثر هجوم حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول/ 2023. تسبب الهجوم في مقتل 1218 شخصا في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق لإحصاء لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية. واندلعت حرب غزة بعد هجوم قادته حماس في السابع من أكتوبر /تشرين الأول/ 2023 على إسرائيل، والذي أسفر حسبما تشير الإحصاءات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ومنذ ذلك الحين، أسفرت العمليات الانتقامية العسكرية الإسرائيلية عن مقتل ما لا يقل عن 52,314 شخصا في غزة، معظمهم مدنيون، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع والتي تعتبرها الأممالمتحدة موثوقا بها. وقُتل ما لا يقل عن 2,111 فلسطينيا منذ 18مارس/ آذار/. ويكرر المسؤولون الإسرائيليون أن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإجبار حماس على إطلاق 58 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بمن فيهم 34 أعلن الجيش مقتلهم. وأكد سفير فلسطين لدى الأممالمتحدة رياض منصور، للصحافيين بأن الفلسطينيين يبنون قضية قانونية دولية ضد إسرائيل «حجرا فوق حجر». وقال «نحن على ثقة تامة بأنه بعد هذه المأساة المروعة التي حلت بشعبنا، وخاصة في قطاع غزة، فإن قوس العدالة يتجه نحو فلسطين، نحو تحقيق أهدافنا». دمار لم يبقِ شيئاً