رفع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الجمعة علم بلاده الجديد أمام مبنى الأممالمتحدة في نيويورك، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، واصفاً اللحظة بأنها "تاريخية" بعد 14 عاماً من نزاع دامٍ ومدمر. وأوردت سانا "وزير الخارجية والمغتربين ... أسعد الشيباني يرفع علم سورية الجديد أمام مبنى الأممالمتحدة في نيويورك". ظهر الشيباني أمام عدسات الكاميرا في محيط مقر الأممالمتحدة في نيويورك، وهو يرفع علم الاستقلال بنجومه الثلاث والذي شكّل رمزاً للاحتجاجات الشعبية التي انطلقت ضدّ حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد في العام 2011 وقمعتها السلطات بدموية وتحوّلت بعد ذلك إلى نزاع مدمّر. العقوبات الأميركية ردت سورية كتابياً على قائمة شروط أميركية لرفع جزئي محتمل للعقوبات، قائلة: إنها طبقت معظمها لكن البعض الآخر يتطلب "تفاهمات متبادلة" مع واشنطن، وفقاً لنسخة من الرسالة اطلعت عليها رويترز. وسلمت الولاياتالمتحدة سورية الشهر الماضي قائمة بثمانية شروط تريد من دمشق الوفاء بها، منها تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم. وسورية في أمس الحاجة إلى تخفيف العقوبات حتى يتعافى اقتصادها الذي انهار تحت وطأة حرب امتدت 14 عاماً فرضت خلالها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وأوروبا عقوبات صارمة في محاولة للضغط على الرئيس السابق بشار الأسد. وأصدرت الولاياتالمتحدة في يناير إعفاء لمدة ستة أشهر من بعض العقوبات لتشجيع المساعدات لكن تأثير هذا الإجراء كان محدوداً. وأبلغت مصادر رويترز في مارس بأن واشنطن ستمدد هذا التعليق لمدة عامين إذا جرت تلبية جميع المطالب الأميركية وربما تصدر إعفاء آخر. كانت رويترز أول من أورد أن المسؤولة الأميركية الكبيرة ناتاشا فرانشيسكي سلمت قائمة الشروط لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في لقاء جمعهما على هامش مؤتمر المانحين لسورية في بروكسل في 18 مارس. وسعى الشيباني في أول كلمة له أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الجمعة إلى إظهار أن سورية تلبي بالفعل هذه المطالب، بما في ذلك ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية والبحث عن أميركيين مفقودين في سورية. وجاءت كلمته متوافقة مع محتوى رسالة سورية الخاصة إلى الولاياتالمتحدة، والتي اطلعت رويترز على نسخة غير مؤرخة منها. ولم يُنشر محتوى هذه الرسالة سابقاً. وقال مسؤولان غربيان ومسؤول سوري مطلع على الرسالة: إنها تتوافق مع النسخة التي اطلعت عليها رويترز. في الوثيقة المكونة من أربع صفحات، تتعهد سورية بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحفي الأميركي المفقود أوستن تايس، كما تورد بالتفصيل إجراءاتها للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيميائية، ومنها تعزيز روابط الاتصال مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. لكن الرسالة لم تورد الكثير من التفاصيل عن مطالب رئيسية أخرى مثل إبعاد المقاتلين الأجانب ومنح الولاياتالمتحدة الإذن بشن ضربات لمكافحة الإرهاب. وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت رداً من السلطات السورية على طلب أميركي باتخاذ "تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة". وأضاف: "نقيم الآن الرد، وليس لدينا ما نقوله (عن الأمر) في الوقت الحالي". قال دبلوماسي رفيع المستوى ومصدر آخر مطلع على الرسالة لرويترز: إنهما يعتبران أن الرسالة تناولت خمسة مطالب بالكامل لكن بقية المطالب ظلت "معلقة". وأشارا إلى أن الرسالة تم توجيهها في 14 أبريل، أي قبل 10 أيام فقط من وصول الشيباني إلى نيويورك للإدلاء بكلمة أمام مجلس الأمن. ولم يتضح ما إذا كانت الولاياتالمتحدة أرسلت رداً على الرسالة السورية. وقال مسؤول سوري ومصدر أميركي مطلع على الرسالة: إن الشيباني كان من المقرر أن يناقش محتواها مع مسؤولين أميركيين خلال زيارته لنيويورك. وذكرت سورية في رسالتها أنها تأمل في أن تؤدي الإجراءات المتخذة، التي وصفتها بأنها "ضمانات"، إلى اجتماع لمناقشة كل نقطة بالتفصيل، بما في ذلك إعادة فتح السفارات ورفع العقوبات. وفيما يتعلق بالمسلحين الفلسطينيين في سورية، قالت الرسالة: إن الشرع شكل لجنة "لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية"، وإنه لن يُسمح بوجود فصائل مسلحة خارج سيطرة الدولة. وذكرت الرسالة أنه "في حين يمكن أن تستمر المناقشات حول هذه المسألة، فإن الموقف العام هو أننا لن نسمح بأن تصبح سورية مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل". وأقرت الرسالة أيضاً بوجود "تواصل مستمر" بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولاياتالمتحدة في العاصمة الأردنية عمّان بشأن مكافحة تنظيم "داعش"، وقالت: إن سورية تميل إلى توسيع هذا التعاون. ولم ترد تقارير من قبل عن محادثات مباشرة بين سورية والولاياتالمتحدة في عمّان.