قبل تسعة أعوام وفي مثل هذه الأيام وتحديدا يوم 25 إبريل 2016 أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رؤية المملكة 2030، معلنا عن مشروع استراتيجي غير مسبوق يحدد ملامح التنمية، ويرسم آفاق المستقبل لوطن طموح قوامه مجتمع حيوي واقتصاد زاهر. كان الإعلان عن الرؤية مفاجئا للكثير، بل ربما للجميع إذ لم نتعود نحن المعاصرون لتاريخنا هذا التخطيط بعيد المدى المبني على الدراسات والأرقام والمعتمد على تحديد الأولويات والأهداف الخاضع للرقابة على تساؤلات أين وكيف ومتى!؟ وكان مفاجئا لجيل اليوم الذي وجد نفسه أمام قائد ملهم يرسم له خارطة طريق تفتح له آفاق المستقبل وتنير له طريق المعرفه ليضع خطوته الأولى في مسافة الألف ميل نحو عالم متسارع لا يلتفت للمنتظرين على الرصيف. ذات مساء من تلك الأيام جلس الجميع حول التلفاز يستمعون ويشاهدون مطلق الرؤية وعرابها يشرح ويفند بالأرقام والتواريخ مضامينها واتجاهاتها ويجيب على الأسئلة الخمسة المعروفة في علم الصحافة والإعلام بلغة الواثق مما يقول.. المتمكن مما يفعل.. المؤكد على متابعة التنفيذ زمانا واتقانا. كان سمو الأمير محمد بن سلمان في هذه المقابلة يتحدث في كل إجابة بلغة واضحة لا لبس فيها وكان المتلقي مبهورا بهذا الطرح محلقا في سماء الخيال متسائلا: هل يمكن أن يتحقق هذا خلال 14 عاما!؟ وكيف!؟ وماذا عن المستقبل وغموضه!؟ والنفط وتذبذباته!؟ والاقتصاد وتقلباته!؟ وهي تساؤلات مشروعة لاتعني عدم الثقة بقدر ما تبحث عن الاطمئنان للمستقبل ونجاح الرؤية وتحقيق أهدافها. كانت تمر علينا الخطط الخمسية خطة تلو الأخرى مرور الكرام كأي خبر صحفي رسمي دون تمعن في مضامينها وإدراك لأبعادها. لا ننكر أن تلك الخطط كان لها دورها في التنمية ونجحت بما يتوافق وظروف المرحلة، لكننا لم نكن نلمس ذلك يتراءى أمامنا على أرض الواقع كونها كانت خططا قصيرة المدى في عمر الأمم ولم تكن شمولية في برامجها وأهدافها بما ينعكس على حياة المواطن والمقيم ورفاهيته وجودة الحياة بصورة عامة، وهذا ما أضفى المشروعية على تلك الأسئلة. لكن القريبين من (محمد بن سلمان) واللغة التي كان يتحدث بها نطقا وإحساسا كانت تنبئ عن رجل ب (همة طويق) التي وصف بها أبناء شعبه بعد سنتين ونصف من إطلاق الرؤية قائلا (همة السعوديين مثل جبل طويق)، لأنه كان يثق بعد الله بأمرين مهمين: الأول: إمكانات المملكة وقدراتها بتوجيهات ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله. والثاني: كفاءة وقدرات أبنائها من الجنسين وطموحهم متى ما أعطوا الفرصة وتم تمكينهم وتأهيلهم لذلك. الآن ونحن على مسافة الثلث من الوصول لنهاية الزمن المحدد ورغم الظروف التي مر بها العالم بسبب جائحة كورونا التي كان لها تأثيرها على مسيرته التنموية إلا أن رؤية السعودية لم تتأثر ولله الحمد فقد سارت وفق ماهو مخطط لها بل وأبعد.. ما يؤكد سلامة الرؤية والتخطيط ووضع البدائل أو ما يسمى (خطط الطوارئ) ومما يدل على ذلك أن ما تحقق فاق التوقعات حيث بلغت نسبة مؤشرات الأداء التي وصلت أو تجاوزت مستهدفاتها المرحلية 93 % ما يعني أن الرؤية لم تكن تنظيرا بقدر ما كانت عملا وواقعا ملموسا وهو ماعبر عنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بقوله في هذا الصدد: (نحمد الله على ما تحقق لبلادنا من إنجازات خلال أقل من عقد من الزمن؛ جعلت منها نموذجًا عالميًا في التحولات على كافة المستويات). فيما أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن فخره بما تحقق في زمن قياسي قائلا: (ونحن في عامنا التاسع من رؤية المملكة 2030، نفخر بما حققه أبناء وبنات الوطن من إنجازات، لقد أثبتوا أن التحديات لا تقف أمام طموحاتهم). رؤية المملكة 2030 كانت حلما فأصبحت واقعا.. وكانت نظرية فأصبحت حقيقة.. فمن حقنا أن نفخر بقيادة رشيدة ذات رؤية صائبة.. ومن حق قادتنا الفخر بشعب وفي طموح.. وإذا كانت الدول تحتفي بيوم واحد في العام هو يومها الوطني فإننا في المملكة العربية السعودية نحتفي بيومين في العام يوم التأسيس (22 فبراير) واليوم الوطني (23 سبتمبر) وحق لنا أن نحتفي بيوم ثالث هو يوم الرؤية (25 إبريل).. والله من وراء القصد.