ليس من قبيل المصادفة أن تنجح المملكة في تفعيل برامج التقنيات الحديثة، لخدمة مؤسسات الدولة بهذه الصورة المبشّرة بمستقبل مزدهر، وليس من قبيل المصادفة أن تجني المملكة ثمار جهودها، وتتفوق على دول كبرى، في تطويع هذه البرامج بشكل مُبهر، معتمدةً على أجيال من المبتكرين والمخترعين القادرين على قيادة المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، وذلك لأن كل ما تشهده المملكة من تطور مُدرجٌ في ثنايا مراحل رؤية المملكة 2030، التي راهنت على بناء دولة حديثة، يُشار إليها بالبنان. وفي وقت مبكر من تنفيذ برامجها، أدركت رؤية المملكة أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي في تفعيل التطور التقني السريع، وزيادة فرص الابتكار والنمو في المجالات كافة، ورفع الجودة، وزيادة الإمكانات، وكفاءة الأعمال، وتحسين الإنتاجية، فما كان من القائمين على الرؤية إلا أن أدرجوا «الذكاء الاصطناعي» ضمن الركائز السبع للتحول الاقتصادي الوطني، وخلال سنوات الرؤية، وإلى اليوم، والجهود الرسمية متواصلة لتفعيل هذه التقنيات بشكل ممنهج، ولم تنسَ الرؤية أن تحدد أهدافها من وراء هذه الجهود أن تصبح المملكة واحدة من أفضل عشر دول بالعالم في مجال أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، مع استقطاب استثمارات بنحو عشرين مليار دولار، فضلاً عن إيجاد 200 ألف وظيفة عالية التقنية. ولم تتأخر مواسم جني الثمار، إذ حققت المملكة إنجازات ملموسة كان أبرزها تصنيفها ضمن أفضل عشرين دولة بالعالم من حيث كثافة المواهب في الذكاء الاصطناعي، متفوقة على دول متقدمة، مثل: إيطاليا وروسيا، وذلك وفقاً لمؤشر التنافسية العالمي للذكاء الاصطناعي، الذي أعلن أن لدى المملكة 0.4 % من إجمالي المواهب العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. ويضاف هذا الإنجاز إلى إنجاز آخر، حققته المملكة في العام الماضي بحصولها على المركز ال14 عالمياً، والأول عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي المعتمد من منظمة الأممالمتحدة، فضلاً عن تصدرها المركز الأول عالمياً في معيار الإستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي وفقاً للمؤشر نفسه، وهو ما يؤكد أن المملكة هي الدولة الأسرع تقدماً في العالم في الذكاء الاصطناعي. وما كان للمملكة أن تتقدم في تفعيل برامج الذكاء الاصطناعي بهذا الشكل السريع والمذهل، لولا إصرار ولاة الأمر، ورغبتهم في اختصار الجهد والوقت في رحلة إعادة بناء المملكة الحديثة على مرتكزات صلبة وقواعد قوية، تنطلق منها صوب العالم الحديث والمتطور، الذي يوفر كل سبل الراحة لمواطنيه وزائريه.